دعوات مغربية لمواجهة اغتصاب الأطفال

07 ابريل 2016
يجب انزال أقسى العقوبات بحق الجناة (ألكسندر كورنر/Getty)
+ الخط -
ما تعرّض له الطفل عمران، الذي اغتصبه أحد المشردين وحاول دفنه قبل أيام خلت، شكّل صدمة للمغاربة. خلال شهر مارس/آذار الماضي، تعرّض هذا الطفل لاعتداء جنسي قيل إنه وحشي بدافع الانتقام من والده، وتصفية حسابات خاصة بينهما. اغتصبه ودفنه في مكان خال في ضواحي المدينة قبل أن ينتبه المارة لصراخه، فانتشل وكان في حالة صحية ونفسية صعبة. بدا المشهد قاسياً، والأقسى من كل ذلك هو أن هذا الطفل ليس الضحية الوحيدة.

تقول والدة الطفل عمران لـ "العربي الجديد" إن بعد مرور أيام على اغتصاب طفلها ومحاولة قتله، عانت كثيراً من الناحية النفسية. كيف لا، وهي كادت أن تخسر طفلها. وتشير إلى أنه يتعين على السلطات "الضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه المس بكرامة الأطفال". حتى أن الملك المغربي محمد السادس تفاعل مع حالة الطفل المغتصَب، ووعد بتأمين كلفة العلاج الطبي والنفسي له، فضلاً عن مبلغ مالي يرسل إلى أسرة الصغير. في هذا الإطار، طالب كثيرون بإنزال أقصى العقوبات بحق الجناة، والتي تصل إلى حد الإعدام.

وتجدر الإشارة إلى أن حادثة اغتصاب الطفل عمران ليست الوحيدة في المغرب. وكانت قد أثارت جدالاً كبيراً وتعاطفاً في الوقت نفسه. ولفت الائتلاف المغربي ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال، الذي كان قد أجرى إحصاءات أخيراً، إلى أن ثمّة أكثر من ثلاث حالات اعتداء جنسية على الأطفال يومياً، علماً أنه اعتمد فقط على الشكاوى الواردة من أسر الضحايا، بالإضافة إلى بعض الحالات التي تطرقت إليها الصحافة، وبلغ مجموعها 935 حالة اعتداء على الأطفال عام 2015، بينما تبقى حالات عدة غير مسجلة لدى الائتلاف، بسبب صعوبة الحصول على المعلومات.

أضاف الائتلاف أنه عادة ما يكون الجاني أحد الأقارب أو شخص يتمتع بسلطة، وذلك في 75 في المائة من حالات العنف والاعتداء والاستغلال الجنسي بحق الأطفال. وتتراوح أعمار الضحايا ما بين 5 و14 عاماً في معظم الأحيان، علماً أن الأطفال الذكور هم الأكثر عرضة للاعتداء الجنسي بالمقارنة مع الإناث.
وبهدف الحد من تنامي ظاهرة اغتصاب الأطفال في البلاد، طالب عدد من رجال القانون بتشديد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم. من جهته، دعا الرئيس الأول لمحكمة النقض مصطفى فارس، إلى "اعتبار أي جريمة اعتداء جنسي على طفل قاصر جناية وليس جنحة، بغض النظر عن ثبوت استخدام العنف والإكراه من عدمه".

وكان قد سبق لأحد القضاة المغاربة أن طالب بسن قانون الإخصاء الكيميائي لمعاقبة مغتصبي الأطفال، على غرار عدد من البلدان الديمقراطية، التي تلجأ محاكمها إلى تشريع عقوبة الإخصاء الكيميائي عن طريق إعطاء المحكوم عليه في جرائم اغتصاب الأطفال حقناً تقضي على رغباته الجنسية خلال فترة زمنية معينة.



بدوره، يدعو رئيس الائتلاف المغربي ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال، خالد السموني، إلى تشديد العقوبات في حالات الاعتداءات الجنسية على الأطفال، واصفاً إياها بـ "الجريمة". ويلفت إلى أن هذا الأمر قد يشكل رادعاً ويساهم في الحد من هذه الظاهرة، ورد الاعتبار للضحايا وأسرهم. يضيف أن "ظاهرة الاستغلال الجنسي في المغرب تنتشر وتتفاقم من عام إلى آخر"، لافتاً إلى أن هذه الجريمة تدنس براءة الطفولة وتترك آثاراً نفسية وجسدية كبيرة على شخصية الطفل تصعب معالجتها في حالات كثيرة، خصوصاً عندما يلجأ الجاني إلى العنف والتهديد والتعذيب خلال الاعتداء الجنسي.

في السياق، لفت الائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال إلى أن الأحكام التي صدرت في ملفات تتعلق باعتداءات جنسية على الأطفال لم تحترم بشكل دقيق مقتضيات الفصل 486 من القانون الجنائي، وتراوحت الأحكام بين سنة وأربع سنوات، وتمت تبرئة المتهمين لعدم وجود الأدلة والحجج، بحسب المحكمة.
ومن أجل محاربة ظاهرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال، شدّد الائتلاف على ضرورة تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأسر المغربية عن طريق محاربة الفقر والأمية والجهل، وتقديم الدعم المادي والمعنوي للأسر، لتتمكن من الحفاظ على تماسكها واستقرارها بهدف رعاية أطفالها.

أيضاً، دعا الائتلاف إلى إطلاق حملة إعلامية واسعة للتوعية حول خطورة جريمة الاستغلال الجنسي، وسبل حماية الأطفال منها ومكافحتها، وتكوين جبهة وطنية لمكافحة جريمة الاستغلال الجنسي بحق الأطفال، تتكون من أسر وضحايا جرائم الاستغلال الجنسي والجمعيات المهتمة بشؤون الأسرة والجمعيات النسائية والحقوقية.

تجدر الإشارة إلى أن القانون الجنائي المغربي لم ينص على عبارة "الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال" أو "الاستغلال الجنسي للأطفال"، لكنه في الوقت نفسه يعاقب على أفعال "هتك عرض أو محاولة هتك عرض الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً بالسجن من 10 إلى 20 عاماً، بحسب الفصل 486 من القانون الجنائي".

دلالات