لا تزال المخيمات الفلسطينية في لبنان تشهد اعتصامات رافضة لقرار حصول العمال الفلسطينيين على إجازة للعمل، معتبرين أنهم لم يدخلوا لبنان بتأشيرة بحثًا عن عمل، بل إن وجودهم قسري في بلد ولدوا فيه، بسبب احتلال الصهاينة لأرضهم.
المشهد اليوم في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في بيروت، يختلف عما هو في مخيمي عين الحلوة والرشيدية اللذين يشهدان حالة غليان، حيث يغلق المعتصمون مداخل المخيمين، ويشعلون الإطارات المطاطية، منعًا لدخول وخروج السيارات.
المعتصمون في مخيم برج البراجنة لا يغلقون مدخل المخيم لأكثر من ثلاث ساعات يومياً، حرصًا على أهالي المخيم من نفاد السلع، وحرصًا على الجوار الداعم لهم ولقضاياهم.
سائق سيارة أجرة يعيش في مخيم برج البراجنة، وأصله من بلدة شعب من فلسطين، رفض ذكر اسمه، قال لـ"العربي الجديد": "أنا مع الاعتصام ضدّ إجراءات وزير العمل اللبناني التي تطاول العمال الفلسطينيين، ولأنني فلسطيني لا يحق لي العمل، وتعرضت لمخالفتين بمبلغ مالي كبير قدره مليون وثلاثمائة ألف ليرة لبنانية (نحو 867 دولاراً أميركياً) لأنني أقود سيارة أجرة، علمًا أن النمرة والسيارة ملكي، لكن دفع المخالفة عرضني لاستحضار عدد كبير من الأوراق، عدا حجز السيارة".
وتابع "جراء هذه المضايقات التي حصلت معي في عام 2014، بعت السيارة والنمرة وحاولت الهجرة، وقدمت أوراقي ومالي لأحد الأشخاص، وتبين لي بعد ذلك أنه نصاب ولم أهاجر، وبقيت في هذا البلد أعمل سراً، وأعيش في خوف دائم من أن تصطادني دوريات الدرك".
أما أحمد سخنيني، وهو ناشط في مخيم برج البراجنة، من طبريا بفلسطين، قال: "أنا مساعد مهندس مدني، لكني لم أستطع العمل بالمهنة التي تخصصت بها بسبب القوانين التي تحرم الفلسطيني من العمل بمهن عدة، وبعد رفضي للعمل بعدد من الشركات، لجأت للعمل في مؤسسات داخل المخيم براتب قليل جدًا، لكن أفضل من لا شيء".
وعن الاعتصامات داخل المخيم، قال: "التحركات نظمتها خلية القدس التي تنضوي فيها الفصائل الفلسطينية والجمعيات والروابط الموجودة في المخيم، منذ بدء تطبيق خطة وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان بما يخص العمالة الأجنبية غير الشرعية"، لافتاً إلى أن "المخيمات الفلسطينية فيها معدلات فقر عالية جدًا، لذلك ارتفعت صرخة اللاجئين تأكيدًا لحقهم في الحياة، ورفضاً لزعزعة صمودهم بوجه القرارات الأميركية التي تحاصرنا من كل الجهات".
وقال "لذلك نطالب الوزارة بإحقاق حقوقنا المدنية التي تساهم في تعزيز قدرتنا على مواجهة قرارات صفقة القرن، ونقول لكل القوى اللبنانية إن الفلسطيني لا يريد التوطين، حتى الطفل الصغير لا يريده، ونحن بحاجة إلى إعطائنا الحقوق المدنية والإنسانية كي نواصل نضالنا".
وأوضح أن "إغلاقنا لمدخل المخيم لا يتعدى الثلاث ساعات يومياً، فاللبناني شريك وطني معنا، وليست لدينا مصلحة في مقاطعة المحيط اللبناني، كما أن مخيمنا لا يستطيع تحمل موضوع الإغلاق، والمقاطعة بالنسبة لنا هي مقاطعة البضائع الأميركية الداعمة لإسرائيل، وليس البضائع اللبنانية".
أما رائد جهاد موسى، من سكان مخيم برج البراجنة، وجذوره من مدينة صفد، ويعمل موزعاً للبضائع، فقال: "عملت في مهن عدة، وسافرت وعائلتي إلى أوروبا ولم نتوفق، فعدنا إلى لبنان، وبسبب الضائقة المعيشية، ووفاة والدي بعد عودتنا، تركت الدراسة".
وأوضح أنه "منذ 25 عامًا أعمل في الشركة ذاتها، وأؤيد الاعتصام"، وتساءل: "ولنفرض أنني أنجزت معاملة إجازة العمل، ودفعت رسوم الضمان الاجتماعي وقدرها نحو 180 ألف ليرة لبنانية (120 دولاراً) في السنة، فمن يضمن لي حصولي على تعويض نهاية الخدمة، والطبابة؟".