الكينوا... النبتة "المقدسة" في تونس

09 مايو 2018
هنا زرعوا الكينوا (العربي الجديد)
+ الخط -

"الكينوا" أو النبتة المقدسة، زُرعت في محافظة سيدي بوزيد، وسط غرب تونس، بسبب فوائدها المتعددة. توفّر الأمن الغذائي وتتحمل التغيرات المناخية، ويمكن زراعتها في أراض تعاني من شح في المياه. تشكّل بديلاً للحبوب وتعدّ دواء لأمراض عدة، بحسب رئيس اتحاد النقابات الزراعية في سيدي بوزيد، محمد منصف حمدوني.

ويقول لـ"العربي الجديد"، إن سيدي بوزيد كانت سباقة في زراعة هذه النبتة، بعدما جلبت من أميركا الجنوبية، مؤكداً أنها تؤمن محاصيل جديدة وهامة للفلاحين، فهي ذات مردود مالي عال، كما أنها غير مكلفة. والأهم أنها تساعد في تثبيت المزارعين في أراضيهم.

وتعود جذور زراعة الكينوا إلى جبال الأنديز في أميركا الجنوبية، وقد ظلت غذاء أساسياً لمدة لا تقل عن 6 آلاف سنة. وفي عام 2013، اختارت منظمة الغذاء العالمية الكينوا غذاء عاماً لاحتوائه على مركبات غذائية متكاملة، إذ تحتوي على البروتين والدهون والألياف والمعادن والفيتامينات. وعلى الرغم من أن الكينوا تعد من الحبوب، إلا أنها لا تنتمي إلى الحبوب وتشبه الخضار، وأوراقها شبيهة بالسبانخ والسلق.

بالعودة إلى رئيس اتحاد النقابات الزراعية، فإن الكينوا يمكن زراعتها في أنواع متعددة من التربة، مبيناً أنه جرب زراعتها في منطقتي "قمودة" و"الذراع" في سيدي بوزيد في مياه وتربتين مختلفتين، ونجحت التجربتان. يضيف أن منطقة سيدي بوزيد تعاني من نقص في المياه وملوحة التربة، وبالتالي تشكل الكينوا بديلاً فعلياً يمكن الاعتماد عليه.



ويشير إلى زراعة الكينوا في 7 دول عربية، منها اليمن والعراق وسورية والجزائر، بتشجيع من "الفاو". وعلى الرغم من أن تونس لم تنخرط في هذا البرنامج، إلا أنها حاولت الاقتداء بالتجربة الجزائرية. وأشرف خبراء في الجزائر على أولى التجارب في سيدي بوزيد، مشيراً إلى أنهم تولوا كنقابة زراعية الاهتمام بزراعة هذه النبتة وإجراء دراسات حولها، على أمل أن تشمل التجربة محافظات أخرى، ويستفيد منها أكبر عدد من المزارعين.

ويقول محمد علي عبدولي، صاحب أرض زراعية في منطقة الذراع في سيدي بوزيد، إن تجربته انطلقت في يناير/ كانون الثاني 2018. وبدأ جمع الحبوب، إذ إن النبتة تنمو بسرعة. ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن أوراق الكينوا تشبه نبتة "الحرّيق" أو "القراص"، وحبوبها مثل حبات السمسم (الجلجان). أما طعم الأوراق، فيشبه السبانخ، مبيناً أنه يمكن استعمال أوراقها في عدد من الأطباق التونسية، وحتى في الصناعات الغذائية.

ويأمل محمد أن يدرك الفلاحون في تونس قيمة هذه النبتة ويزرعونها بكثافة، في ظل التغيرات المناخية، والنقص الحاد في المياه، الذي أثر على عدد من الزراعات. ويؤكد أن هذه النبتة غنية جداً بالبروتين والفيتامينات، وتشكل غذاء جيداً للرياضيين والحوامل. ويمكن الاستفادة منها كعلف للحيوانات.

أما الشابة سميرة مسعود، من محافظة جربة، فتنتظر بدء مشروعها لزراعة الكينوا، ومساعدة أهالي منطقتها والمناطق المجاورة للاستفادة من هذه النبتة، مبينة أن والدها وشقيقها يعملان في الزراعة ويأملان أن ينجحا في زراعة الكينوا. وتقول لـ"العربي الجديد"، إنها تعمل كمدرسة، لكن شغفها بهذه النبتة جعلها تحلم بإطلاق مشروعها. تضيف أنها في صدد التعريف بهذه النبتة في منطقتها، لافتة إلى أنها تساعد في محاربة السمنة ومرض السكري، ومشيرة إلى أن نسبة كبيرة من النساء يعانين من البدانة، وقد أبدين اهتماماً كبيراً بهذه النبتة، وهن في انتظار زراعتها في جربة.




وتفيد النقابة الزراعية في سيدي بوزيد بأن هذه النبتة يمكن اعتمادها كغذاء بديل عن الحبوب وعلف للحيوانات. ويمكن أيضاً أن تستخلص منها مواد تجميلية وللصناعات الغذائية والطبية في تونس. ويجمع المشرفون على هذه التجربة في سيدي بوزيد، ممن تحدثوا لـ"العربي الجديد"، على أن من أبرز الصعوبات التي تعترضهم غياب التعاون من السلطة المحلية والجهوية، وغياب الدعم على الرغم من نجاح التجربة والأهمية البالغة التي تكتسيها هذه النبتة.

وشهدت منطقة "فج تربح"، من معتمدية "جدليان" في محافظة القصرين، وسط غرب تونس، يوم 5 إبريل/ نيسان في عام 2018، ثاني نجاح لتجربة زراعة الكينوا. ويتابع متخصصون وفلاحون وطلاب في لقاءات انتظمت في المنطقة كيفية نمو هذه النبتة، وأبرز خصائصها. ولئن نجحت القصرين في زراعة هذه النبتة، فإن مزارعين من محافظات عدة أخرى، كجربة والمتلوي وقبلي، في انتظار زراعة الكينوا، في الوقت الذي عبر فيه عدة مصنعين عن رغبتهم في استغلال المنتوج والتسويق له.