وسط أزمة كورونا، يعاني كثيرون، غير أنّ ثمّة أشخاصاً متضرّرون أكثر من سواهم، ليس من الوباء العالمي الجديد فحسب، إنّما من تبعات ترتبط بالأزمة الصحية الراهنة. ومن بين هؤلاء الأشخاص ذوي الإعاقة والنساء الحوامل والأطفال في مصر كما في بلدان أخرى.
"كوني من الأشخاص المكفوفين، فإنّ أزمة فيروس كورونا الجديد وما رافقها من إجراءات في البلاد، جعلتني مكتئباً جداً، فنحن كشريحة ذات إعاقة بصرية، من أكثر الناس تأثراً بالأزمة الحالية، إذ عندما أطلب المساعدة من أيّ شخص في الشارع، يرفض مساعدتي بالطبع، خوفاً من التلامس، وعندما أطلب من أحد ما مرافقتي لأيّ مكان، يرفض ذلك لأنّه ملتزم بالحجر المنزلي". بهذه الكلمات يصف رامي مصطفى، وهو مدرّس موسيقى، معاناته المضاعفة في ظلّ انتشار فيروس كورونا الجديد في مصر، فالمعاناة الأساسية عدم تجهيز البلاد بما يعزز قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على الوصول، والمعاناة الثانية اختبار كلّ ذلك في أزمة وبائية عالمية، لم ينجُ منها غير قليل من الناس. وبينما تؤثر إجراءات الإقفال وشروط الوقاية في لقمة عيش المواطن العادي، وفي تخليص معاملات المراجعين، وفي الاقتصاد الوطني ككلّ، فإنّ تأثيرها لدى بعضهمو أشدّ، لا سيما الفئات الهشة.
وربما في إمكان مصطفى تأجيل الخروج من المنزل بقدر المستطاع، لكنّ المصافحة والتلامس باعتبارهما من أهم أدوات الشخص المكفوف، في التعرف إلى الأشخاص والأشياء، زاد الإحجام عنهما من مضاعفة أزمة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، في التعامل مع من وما حولهم. يقول مصطفى، الذي سرد معاناته عبر منشور في حسابه الخاص على "فيسبوك"، إنّ "السلام حتى، الذي يجعلنا نعرف الأشخاص، بات ممنوعاً، لا سيما مع المخاطر التي من المحتمل التعرض لها أكثر من غيرنا". يفسر: "حياتي بأكملها تعتمد على اللمس؛ قراءة وكتابة واستخداماً للهاتف. ولا يمكن أن أضع قفازين في يديّ قبل لمس الأشياء". كتب مصطفى في منشوره الذي حظي بتفاعل واسع على موقع التواصل الاجتماعي تمنيات جاء فيها: "يا ربّ، أتمنى أن أنام نومة أهل الكهف، وأصحو فأجد كلّ هذا قد زال، والحياة عادت إلى طبيعتها بأيّ صورة، أتمنى أعود لأصافح الناس بشكل عادي فحسب".
ليس الأشخاص المكفوفون وحدهم من يعانون بشكل مضاعف في ظل جائحة كورونا، فهناك الحوامل، إذ من الممنوع التعرض للمخاطر التي قد تنتقل من الأم إلى الجنين. وبين الحين والآخر، تكتب منى أحمد، عبر حسابها الخاص على "فيسبوك" دعاء: "يا رب احفظني أنا وجنيني من كلّ شر وسوء" ليتفاعل معها أهلها وأصدقاؤها بالتشديد على الدعاء، والتمنيات لها بالنجاة، وبالصحة لها ولجنينها. منى في الشهر السادس من حملها، لا تخرج من المنزل، ولا تتعامل إلّا مع زوجها الذي يعمل من المنزل، وتتابع حملها مع طبيبتها من خلال الاتصالات الهاتفية، والتواصل عبر "واتساب" ولن تخرج إلّا في وقت الولادة. وعلى الرغم عدم إثبات خطورة الفيروس على الحوامل والأجنة، بشكل علمي قاطع إلى الآن، فإنّ اتجاه منظومة الرعاية الصحية لمواجهة الفيروس، وخطورة التعامل مع مصابين ومخالطتهم في المستشفيات والعيادات، يزيد من مخاطر تعرضهن للإصابة، فضلاً عن نقص المعلومات الكافية حول تأثير فيروس كورونا الجديد على الجنين، وتأثير الإصابة على المولود.
ومن منى إلى مي نور الدين، والدة الطفل يحيى ذي الثلاث سنوات، والتي اضطرت لتأجيل تحصينه ضد الحصبة خشية الدخول به إلى الوحدة الصحية، إذ قد يتزاحم الأهالي مع الأطفال والطواقم الطبية. وكانت مي قد تلقت نصيحة من أحد الأطباء بإمكانية تأجيل تحصين صغيرها في الفترة الحالية، على أن تواصل ما فاته من لقاحات بعد انتهاء أزمة وباء كورونا الجديد. تأتي هذه القرارات المصيرية من الآباء والأمهات، بالرغم من تحذيرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من احتمال عدم حصول 117 مليون طفل على مستوى العالم على لقاحات الحصبة في موعدها هذا العام، بسبب كورونا، وانشغال منظومات الصحة حول العالم به.
التحصين ضروري
عبر موقعها الرسمي، أجابت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن سؤال: "هل يجب أن يحصل طفلي على اللقاحات الروتينية في أثناء تفشي كوفيد-19؟"، بالآتي: "على الرغم من أنّ انتشار الوباء يعيق حياتنا اليومية، فإنّ الإجابة هي نعم، لا بد من تحصين طفلك في المكان الذي تتوفر خدمات التحصين. من الضروري تحصين الأطفال ما دون سنّ عامَين والالتزام بجدول اللقاحات للوقاية من الأمراض الخطيرة، مثل شلل الأطفال والحصبة والدفتيريا".