قبل أعوام عدّة، ارتأى شبّان في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، في مدينة صيدا، جنوبي لبنان، تشكيل فريق دفاع مدني بهدف خدمة أهالي المخيّم في حال وقوع أيّ حادثة في المخيّم، في وقت لا يتوفّر دفاع مدني في المخيّمات الفلسطينية. لم تدم تلك الفكرة طويلاً بسبب عوامل عدّة، لعلّ أبرزها الدعم المالي الذي يحتاج إليه الدفاع المدني من أجل تطوير الأجهزة والمعدّات وتدريب المتطوّعين على العمل الميداني. لكنّه قبل عام تقريباً، وللضرورة نفسها، عمدت شركة "آرك" (تضمّ متموّلين فلسطينيين يموّلون مشاريع في المخيّمات) إلى دعم المشروع من جديد.
يقول قائد فريق الدفاع المدني الفلسطيني في مخيّم عين الحلوة، تامر الخطيب، لـ"العربي الجديد" إنّ "هدفنا الأوّل هو خدمة أهالي المخيّم بكل حيادية، فلا نميّز بين جهة وأخرى. الجميع في المخيّم أهلنا، وعملنا قائم على تخفيف أضرار الحوادث قدر المستطاع. ومن مهماتنا احتواء الحرائق وإخمادها وإنقاذ السكان وعمليات الإخلاء في خلال الحرائق والاشتباكات بالإضافة إلى تقديم الإسعافات الأولية عند الحاجة إليها".
ويؤكد الخطيب أنّ "عملنا في الدفاع المدني تطوعيّ، ونحن نهدف إلى تعزيز التطوّع والعمل المدني في المجتمع الفلسطيني، فنبعد من خلال ذلك الشبّان عن الشارع ونستقطب أكبر عدد منهم ضمن الفريق". ويوضح الخطيب أنّ "الدفاع المدني الفلسطيني يتألّف من ستة أفواج موزّعة في مخيّمات اللجوء في لبنان، وتحديداً في مخيّم عين الحلوة ومخيّمَي البداوي ونهر البارد ومخيّم برج البراجنة ومخيّم شاتيلا ومخيّم البرج الشمالي".
ويشدّد الخطيب على أنّ "الدفاع المدني لا ينتمي إلى أيّ فصيل فلسطيني في المخيّمات، وهو على مسافة واحدة من كلّ الفصائل ومن كلّ المكوّنات السياسية فيها. بالتالي، هو ينأى بنفسه عن أيّ مشكلات سياسية، لأنّ هدفنا أوّلاً هو تقديم الخدمات التي بمقدورنا تقديمها إلى أهلنا في المخيّمات بعيداً عن أيّ تجاذبات سياسية". يضيف الخطيب: "نحن نسعى في المستقبل إلى تطوير الدفاع المدني في عين الحلوة، ونتمنّى أن يدعم المعنيّون فوجنا، بالإضافة إلى مساهمتهم في فتح مركز آخر في مخيّم عين الحلوة الذي يضمّ اكبر عدد من السكان. كذلك، فإنّ الفوج يسعى إلى الحصول على سيارة إسعاف خاصة به، حتى يتمكّن من تقديم الخدمات بطريقة أفضل".
ويتابع الخطيب أنّ "الحاجة ملحّة إلى تسهيل عمل الدفاع المدني في المخيّم. لذا، لا بدّ من العمل على مساعدة الفوج بالإمكانيات المتاحة وعلى تسهيل حركته، تحديداً في وقت الأزمات". ويؤكد أنّ "ثمّة حاجة ملحّة كذلك إلى تطوير معدّات الدفاع المدني وإلى تعزيز قدراته في ما يتعلق بتقديم الخدمات إلى الناس من خلال تدريبات محترفة واستقطاب أكبر عدد من المتطوّعين في حال إنشاء مركز آخر في مخيّم عين الحلوة". ويدعو الخطيب "كل المؤسسات المجتمعية والأفراد إلى تقديم الدعم المعنوي للدفاع المدني، ومدّ اليد إلى هذا الفوج حتى يتمكّن من القيام بمهامه على أكمل وجه". ويلفت في سياق متصل إلى أنّ "فوجنا تمكّن من شراء سيارة إطفاء من شأنها تقديم الخدمات بسرعة أكبر، مع الحفاظ على سلامة المتطوّعين".
ويوضح الخطيب أنّ "هدف الدفاع المدني الفلسطيني لا يقتصر فقط على تقديم الخدمات اللازمة لأهالي المخيّم في حال الأزمات، لكنّه يأمل أن يتمكّن من الوقوف إلى جانب الشبّان الفلسطينيين الذين لا تتوفّر لديهم فرص عمل. هو يسعى إلى استقطاب أولئك الشبّان في عمل تطوّعي فيساهمون في تقديم الخدمات إلى من يحتاجها، وحمايتهم من الشارع الذي قد يدفعهم في اتجاه أعمال غير محمودة". يضيف: "وهو يهدف كذلك إلى تعزيز ثقافة العمل التطوّعي وبثّ الروح الإيجابية بين الشبّان. ففي ذلك قيمة مجتمعية للنهوض بالجيل الشاب بعيداً عن الآفات في مجتمعه، علماً أنّ ذلك الجيل يُعَدّ عصب المجتمع وأنّ العمل التطوّعي من شأنه أن يجعل المرء يفكّر بإيجابيات الحياة ويمدّ يد العون إلى الآخرين".
ويشير الخطيب إلى أنّ "فوج عين الحلوة في الدفاع المدني الفلسطيني أنهى عامه الأول بنجاح، وهذا أمر نستطيع لمسه على الأرض بوضوح. أمّا خططنا المستقبلية التي وضعناها للعام المقبل، فهي تتضمّن على سبيل المثال أنشطة اجتماعية مختلفة بالإضافة إلى استئناف تدريباتنا في أحياء المخيّم حتى يصير أهالي تلك الأحياء قادرين على التعامل مع الحرائق إلى حين وصول الدفاع المدني إليهم".