قصة شفاء أول مصاب بكورونا في تونس

28 مارس 2020
الإيجابية ضرورية خلال مرحلة الحجر والعلاج (فرانس برس)
+ الخط -
يروي محمد (41 عاماً)، وهو من محافظة قفصة في تونس، وهو أول مصاب بفيروس كورونا الجديد في البلاد، حكاية شفائه لـ "العربي الجديد"، والفترة التي قضاها في الحجر الصحي، وكيف قرّر التخلي عن هاتفه الجوال، والتوقف عن متابعة الأخبار السلبية المتعلقة بالفيروس ومخاطره ليتمكن من الصمود.

يوضح محمد أنّه كان في غرفة معزولة في المستشفى، حيث كان الأطباء يقدمون له بعض الأدوية من حين إلى آخر وسط إجراءات وقائية مشددة، مبيّناً أنّه قطع الاتصال بعائلته على الرغم من شوقه الكبير لطفليه، وأحدهما رضيع، ووالدته المسنة البالغة من العمر 80 عاماً، والتي لم تكن تعرف في البداية شيئاً عن الفيروس ومخاطره. لكنه كان يخشى أن تصاب هي أيضاً بالعدوى.

ويلفت محمد إلى أن فترة الحجر الصحي لم تكن سهلة أبداً. لم يكن قادراً على النوم، وكان يشعر بالضيق والقلق ويفكّر باستمرار في خطر الفيروس. ويزداد الأمر صعوبة عليه حين يفكر في عائلته، مبيناً أن ذلك الشعور لا يمكن تفسيره، لكنّه في الوقت نفسه تسلّح بالصبر والعزيمة، وقرر الانعزال التام عن العالم وإغلاق هاتفه وعدم التواصل حتى مع أقرب الناس إليه. لم يعد يتصفح شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن الأخبار كانت تتعبه في معظم الأحيان، عندما يتمّ الحديث عن العدوى والوفيات. يضيف أن كونه أوّل مصاب بكورونا في تونس، فإن بعض الإشاعات أزعجته كثيراً، وكان يتضايق من بعض الأخبار والتصرفات، لكنه قرر أن يكسب المعركة ولا يستسلم للهواجس والإشاعات. يضيف أن المعنويات العالية ضرورية في هذه المعركة، وهو الأمر الذي عمل على تعزيزه. التفاؤل ضروري، وما كان يقويه ويجعله متفائلاً بالشفاء أنّه لم يعان من أعراض مزعجة على غرار العديد من المرضى.
يتابع محمد أنّ على الناس الوعي حول ضرورة الوقاية وعدم المجازفة بالخروج إلى الشارع.



مهما كانت الدوافع، فيجب تأجيلها، والاكتفاء بالأمور الأساسية واتباع النصائح الصحية والاهتمام بالنظافة وغسل اليدين. "الصحة قبل القوت، لكن للأسف هناك استهتار كبير من قبل كثيرين، وكأنهم لا يعون خطورة العدوى وما قد يؤول إليه الوضع". ويشير إلى أن تونس اتبعت إجراءات عدة، ولكن كان في الإمكان الحد من الإصابات لو تم عزل كل القادمين من البلدان التي ينتشر بها الوباء، ووضعهم جميعاً في الحجر الصحي الإجباري منذ البداية.

يعمل محمد في إيطاليا، وقد قضى عطلة الشتاء في تونس ليعود إلى إيطاليا. وخلال أسبوع، بدأ يتفشى الوباء ولم يخرج من المنزل خلال هذه الفترة القصيرة، ثم قرر العودة إلى تونس عن طريق الباخرة بتاريخ 26 فبراير/ شباط الماضي، خصوصاً أن زوجته وطفليه في تونس. في ذلك الوقت، لم يكن يعاني من أي أعراض تذكر كالسعال وارتفاع درجات الحرارة.

وبعد نحو يومين من عودته إلى تونس، يقول إن شكوكاً ساورته لأنه كان في باخرة تعج بالمسافرين. وفي تلك الفترة، بدأ الحديث عن الفيروس، وقرر الاتصال بالرقم 190 الذي خصّصته وزارة الصحة، وكان ذلك من باب الفضول للاستفسار عن بعض المسائل واتخاذ التدابير الوقائية. ويوضح أن أعوان وزارة الصحة طلبوا منه الالتزام بالحجر الصحي، ثم اتصلوا به لتأكيد إصابته بكورونا، ونقله إلى مستشفى فرحات حشاد في سوسة. وكان متجاوباً، والتزم بكل التوصيات التي طلبت منه لأنها ستساهم في شفائه.



يقول محمد إن الأمر الأخطر هو الاستهتار بالحجر الصحي وتوصيات الأطباء، مؤكداً أن نقص الوعي يفاقم الخطر ويعكر الوضع، مضيفاً أن "الوضع في إيطاليا خطير. يومياً، يموت المئات على الرغم من الإمكانيات الجيدة وتعدد المستشفيات وتطور التقنيات الطبية. إلا أن الاستهتار أدى إلى عجز في مواجهة الوباء"، مضيفاً أنّ الوقاية ضروية للحد من انتشار الفيروس، مؤكداً أنّه يتصل بأصدقائه في إيطاليا للاطمئنان عليهم، ولديه مخاوف مما قد يواجهه رفاقه هناك، إذ إن الوضع صعب.

ويشير إلى أن "على المصابين عدم المبالغة في الخوف، وكورونا لن يكون قاتلاً إذا تم اتباع التوصيات الطبية والتقيد بالحجر الصحي والتمسك بالأمل والتسلح بالمعنويات لأنها تبقى ضرورية في العلاج".