اليمن 2019... أزمات إنسانية مستمرة

05 يناير 2020
كثيرة هي التحديات المتوجّب عليهما مواجهتها (محمد حمود/ Getty)
+ الخط -
ضربت قذائف مدفعية مطاحن البحر الأحمر التابعة لبرنامج الأغذية العالمي في مدينة الحديدة الساحلية، غربي اليمن، فتوقّفت عملية طحن الحبوب المخصّص للسكان الذين "يتضوّرون جوعاً". وقع ذلك في السادس والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، ليُختتَم عام 2019 في البلاد مثلما بدأ ومثلما اختُتم الذي سبقه بأزمات إنسانية متفاقمة، على خلفيّة الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو خمسة أعوام. وبينما اتّهم وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، معمر الأرياني، الحوثيين أخيراً بأنّهم المسؤولون عن قصف مطاحن البحر الأحمر، كان برنامج الأغذية العالمي قد اتّهمهم في نهاية عام 2018 بتحويل مسار المساعدات الغذائية التي يحتاج إليها السكان في مناطق سيطرتهم. وهكذا يستمرّ مسلسل العراقيل التي توضع أمام تمكين متضرّري حرب اليمن من الدعم المستحَقّ لهم بمختلف أشكاله. وفي العام المنصرم كذلك، تعرّضت مقرّات ثلاث منظمات دولية، اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة "أوكسفام" ولجنة الإنقاذ الدولية، في مدينة الضالع جنوبي البلاد، لتفجيرات متزامنة نفّذتها مجموعات مجهولة، لتُعلنَ المنظمات على الأثر توقّف عمليتها هناك. وقد تضامنت معها سبع منظمات دولية أخرى من خلال توقّفها عن العمل في محافظة الضالع.




يعدّ المراقبون عام 2019 العام الأكثر هدوءاً عسكرياً في اليمن، على معظم جبهات الحرب الثلاثين، لأسباب مختلفة، لكنّ "الكارثة الإنسانية الأكبر في العالم" بحسب توصيف منظمات أممية ودولية تفاقمت حدّتها بدلاً من أن تهدأ بعض الشيء. وأتى ذلك نتيجة استمرار انعدام الاستقرار، والدخل المتقطّع أو المتوقّف كلياً، وعدم فعالية الاستجابة الإنسانية في إدامة أثرها على المدى القصير. يُضاف إلى ما سبق استمرار الانهيار الاقتصادي وكذلك الاجتماعي، مع مظاهر مختلفة أبرزها تجنيد الأطفال وعمالة الأطفال والتسرّب المدرسي والبطالة وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية وخدمات التزويد بالمياه والصرف الصحي، في مقابل زيادة الأعباء على المواطنين الفقراء من قبيل ارتفاع الضرائب والأسعار وزيادة القيود على الحركة.

وعلى الرغم من الهدوء النسبي، يبقى النزوح أزمة إنسانية كبرى يعانيها اليمن وأهله، إلى جانب الأزمات الأخرى. فقد بلغ عدد النازحين في عام 2019 نحو 800 ألف شخص، فيما كان نحو 3.5 ملايين شخص آخرين قد نزحوا حتى نهاية عام 2018. والنسبة الأكبر من بين هؤلاء سُجّلت في محافظة الحديدة حيث كان الصراع محتدماً في العام المنصرم، بالإضافة إلى بعض المناطق الجنوبية حيث اندلعت مواجهات في أغسطس/ آب الماضي.

وعلى الصعيد الصحي، ارتفعت الإصابات بمرض الضنك حتى العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لتتخطّى 130 ألف شخص مع نسبة وفيات تصل إلى 0.5 في المائة، بعدما انتشر في أكثر من نصف مديريات اليمن. وأكثر المحافظات تضرّراً كانت حجة والحديدة وتعز، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف). إلى جانب ذلك، وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها المنظمات الدولية للحدّ من توسّع رقعة انتشار سوء التغذية في البلاد، فإنّه ما زال يتمدد بطريقة لافتة في مدن كانت حتى وقت قريب خالية منه. وبحسب بيانات برنامج الأغذية العالمي، فإنّ أكثر من مليونَي طفل يمني يعانون سوء التغذية. كذلك تفيد البيانات نفسها أنّ طفلاً واحداً يقضي كلّ 10 دقائق لأسباب يمكن تجنّبها، بما في ذلك سوء التغذية وأمراض من الممكن الوقاية منها من خلال التحصين. وتؤكد البيانات أنّ نصف وفيات الأطفال دون الخامسة في اليمن يعود إلى سوء التغذية، مع الإشارة إلى أنّ نصف أطفال اليمن يعانون التقزّم من جرّاء سوء التغذية الذي يؤثّر على نموّ الطفل.

كذلك كان عام 2019 صعباً على النساء الحوامل والمرضعات. وبحسب خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2019 التي وضعها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإنّ إجمالي عدد الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات الذين يحتاجون إلى مكمّلات غذائية طبيّة بلغ 5.97 ملايين حالة بتكلفة تصل إلى 320 مليون دولار أميركي. يُذكر أنّ 80 في المائة من سكان اليمن (24 مليون نسمة) يحتاجون إلى مساعدات إغاثية منقذة للحياة بحسب الأمم المتحدة.




أمّا التعليم في 2019، فهو لم يختلف عن العام الذي سبقه، إذ إنّ ملايين التلاميذ اليمنيين لم يحظوا بفرص تعليمية متكاملة. وقد أكّدت منظمة يونيسف أنّ 3.7 ملايين طفل في التعليم الأساسي والثانوي في حاجة إلى المساعدة لضمان استمرار تلقيهم التعليم في اليمن، لا سيّما أنّ الحكومة لم تستطع صرف رواتب المعلّمين منذ نحو ثلاثة أعوام. وأوضحت "يونيسف" أنّ ثمّة مليون طفل خارج المدارس، بما في ذلك نحو نصف مليون تسرّبوا من الدراسة منذ مارس/ آذار 2015.