وتكاد كل عائلة في الغوطة الشرقية تعاني من تدهور الوضع الصحي لأحد أفرادها على الأقل، إضافة إلى وجود أعداد كبيرة من جرحى القصف، كابن الغوطة أنس العمار، المصاب بشلل رباعي منذ نحو 3 سنوات، جراء إصابته في إحدى الغارات الجوية على عربين، واليوم يعاني في ظل نقص الدواء والغذاء، ما يجعل حالته تتدهور يوما بعد آخر، بحسب ما نقله والده، لـ"العربي الجديد".
ولا يستطيع هذا الشاب العمل، فهو مقعد منذ إصابته، في ظل فقر شديد، إذ يعيش هو وعائلته على ما قد يكسبه طفله من بيع الذرة للأطفال إن توفرت، وهو اليوم بحاجة إلى إجراء عملية جراحية خارج الغوطة، بعد أن خضع لـ6 عمليات فاشلة.
من جهته يتلقى محمود، ذو الـ 27 عاما، الذي أصيب في قدمه بعربين عام 2015، جراء غارة جوية على السوق الشعبي في المدينة، علاجا بالطب الشعبي والأعشاب، إضافة إلى بعض جلسات العلاج الفيزيائي، وهو كذلك بحاجة إلى تلقي العلاج خارج الغوطة.
أما الطفلة يسرى التلاوي، ابنة الـ6 سنوات، والنازحة من بلدة حتيتة التركمان إلى سقبا، مع والدتها ووالدها وأختها ذات الـ4 سنوات، فإنها تعاني اليوم من شلل دماغي وسوء تغذية شديد، فوالدها لا يتعدى دخله اليومي أكثر من 600 ليرة سورية فقط، أي ثمن رغيفين من الخبز أو كيلوغرام واحد من الطماطم، وهي وجبة يسرى وعائلتها مع القليل من الماء.
وحياة يسرى في خطر، في ظل عدم توفر الأدوية والغذاء، فقد انخفص وزنها إلى نحو 15 كيلوغراما".
وبين الناشط الإعلامي براء أبو يحيى، أنّ "مطالب أهل الغوطة الشرقية تتلخص في فك الحصار، والتوقف عن الاتجار بمعاناتهم، وتلميع صورة النظام كل فترة وأخرى عبر الأمم المتحدة وروسيا، بالحديث عن تعاون النظام في إدخال المساعدات الإنسانية التي لا تذكر بالمقارنة مع حجم الاحتياجات".
وأضاف "قبل أشهر كان الدواء متوفرا بنسبة مقبولة نوعا ما في المراكز الطبية والصيدليات العامة والخاصة، أما اليوم فهو شبه منعدم وبعض الناس تستخدم دواء منتهي الصلاحية، إن الوضع الانساني سيئ للغاية، فلا ماء ولا طعام ولا كهرباء، أو أي شيء يؤمن الحد الأدنى لحياة الإنسان".
بدورها أصدرت "رابطة الصيادلة في الغوطة الشرقية"، تقريرا عن "الوضع الدوائي في الغوطة الشرقية"، أمس الإثنين وصل "العربي الجديد" نسخة منه، قالت فيه إنّ "الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية قد بلغ أسوأ حالاته هذه الأيام... خلال الفترة الماضية استنفدت الغوطة معظم مخزونها الدوائي، حتى إننا اضطررنا في بعض الأحيان لاستعمال بعض الأدوية منتهية الصلاحية من الزمر غير الضارة، أيضا لجأ البعض للتركيز على الطب البديل".
وبينت أنه "حصلت بعض الوفيات نتيجة لفقد الأدوية وازدادت وتيرة الوفيات في الفترة الماضية، مثل 21 حالة وفاة بين مرضى السرطان خلال الأشهر الثلاثة الماضية، 4 حالات وفاة بين الأطفال الرضع خلال شهر واحد، 10 حالات وفاة بين مرضى القصور الكلوي، 5 حالات وفاة بين مرضى زرع الأعضاء".
ونقلت عن شعبة منظمة الهلال الأحمر، وجود أكثر من 400 حالة طبية بحاجة إلى إخلاء طبي لمشافٍ خارج الغوطة، "وننوه بأن هذا الرقم قد ينخفض إلى الربع تقريبا في حال دخول الأدوية والمستلزمات الطبية". وطالبت الرابطة في بيانها وبشكل فوري بفتح معابر الغوطة التجارية والإنسانية وحركة الأفراد من وإلى الغوطة.