بالرغم من وجود أربعة مستشفيات عامة، واثنين تابعين للقطاع الخاص في محافظة السويداء، جنوبي سورية، فإنّ كُثراً من أهالي المحافظة يبدون تذمرهم من مستوى الخدمات المقدمة عبرها، ونقص وتسيب الكادر الطبي، بالإضافة إلى حالات استغلال المرضى وتقاضي مبالغ مالية مقابل أعمال طبية أو الحصول على خدمات يفترض أن تكون مجانية.
يقول أبو رامز بكر، من سكان السويداء، لـ"العربي الجديد": "لا يمكن أن تعرف أنّ المستشفى الوطني في مدينة السويداء، مستشفى فعلاً إلّا بسبب الملابس البيضاء. الوضع متردٍّ بشكل كبير، وعندما تدخل إلى المستشفى إن جاز لنا إطلاق هذا الاسم عليه، سيصدمك مستوى النظافة المتدني بشكل كبير. الأرض وسخة، والحشرات تنتشر، في خزانات المرضى، وطبعاً لا يمكن أن أصف لكم الحمامات فالقذارة والروائح الكريهة شيء لا يطاق، بل غالباً ما تجد المياه الآسنة في أرضه". يضيف: "يأتي المريض إلى المستشفى فيوضع على سرير من دون شرشف (غطاء) أو وسادة. هذه الأغراض يفرض المستشفى أن يجلبها المريض معه من منزله، خصوصاً أنّ التدفئة غائبة حتى عن غرفة العمليات".
من جانبها، تقول أم عادل، المرافقة لوالدتها إلى مستشفى السويداء، وقد طلبت عدم ذكر اسم عائلتها لأسباب شخصية، لـ"العربي الجديد": "الوضع في المستشفى سيئ جداً... الأطباء المتخصصون يقومون بجولة سريعة على المرضى في الصباح، وما إن تصبح الساعة الحادية عشرة صباحاً، حتى يكاد المستشفى يخلو من الأطباء، ويبقى بعض الأطباء المقيمين". تضيف: "كثير من الأدوية يُطلب من المريض شراؤها من خارج المستشفى، كونها غير متوفرة، وحتى الصور الشعاعية غالباً ما تكون غير واضحة. وجودنا في المستشفى لا يقدم أو يؤخر". تلفت إلى أنّ "رعاية المرضى الشخصية موكلة على مرافقي المريض، لذلك أبقى أنا وأختي مع والدتنا، لنستطيع أخذها إلى الحمام مثلاً وإعادتها، حتى طعام المستشفى لا يؤكل. على الفطور جلبوا لوالدتي القليل من اللبن ونصف رغيف من الخبز الجاف، وعلى الغداء نصف حبة بطاطا مسلوقة لكنّها لم تنضج بعد، ونصف رغيف خبز جاف".
أما سوزان، فقد كانت قد وضعت طفلها قبل أشهر في المستشفى الوطني، وتقول لـ"العربي الجديد": "عندما اقترب موعد ولادتي، لم يكن لديّ خيار سوى الولادة في المستشفى العام، فالولادة في المستشفى الخاص تكلف عشرات آلاف الليرات. نصحتني صديقتي بأن أتفق مع قابلة قانونية تعمل في المستشفى، كي أنال بعض الاهتمام، وبالفعل عرفتني على القابلة وأخذت مبلغاً كحلوان (مجاملة) للولادة، بالرغم من أنّه عملها الذي تتقاضى عليه أجراً من الدولة".
اقــرأ أيضاً
تضيف: "هذا المبلغ أعطاني فرصة للحصول على شراشف نظيفة، وبعض الاهتمام من القابلة، وهو مقبول بالنسبة لي، خصوصاً إذا قارنته بأسعار المستشفيات الخاصة غير المنطقية، والتي لا تتناسب مع الخدمات التي تقدمها".
بدوره، يحمّل مصدر مطلع من المستشفى الوطني، طلب عدم الكشف عن هويته، في حديث مع "العربي الجديد" مسؤولية تردي واقع المستشفى في ما يخص النظافة على المرضى ومرافقيهم: "كلّ مريض تجد معه على الأقل مرافقين أو أكثر، ويجلبون معهم أطعمة ومشروبات، ولا يعتنون بالنظافة". يضيف: "معظم الأطباء يقومون بجولتهم الصباحية ويغادرون المستشفى إلى عياداتهم الخاصة، ولا يمكن أن يجبر الطبيب على البقاء، فهو بكلّ بساطة يمكن أن يقدم استقالته، فدخله في المستشفى لا يقارن بدخله في العيادة والمستشفيات الخاصة. وحتى الممرضات والممرضون، يعانون من وضع معيشي سيئ جداً، انعكس على مستوى عملهم واهتمامهم، وجعلهم يقبلون بأخذ المال من المرضى، بل تجد من يسعى لذلك.
وبالرغم من أنّ هذا الوضع خاطئ فهناك واقع يحتاج إلى علاج وتأمين أجور وتعويضات مناسبة". يلفت إلى أنّ "هناك نقصاً في بعض الأدوية، التي يُطلب من المرضى شراؤها من الخارج، وهذا أمر خارج عن إرادة المستشفى، كما أنّ طعام المستشفى يواجه مشاكل في الكمية أو النوعية".
لا يختلف الوضع كثيراً في مستشفى "الباسل" في مدينة صلخد. يقول مؤيد، وهو أحد سكان صلخد، لـ"العربي الجديد": "المستشفى هيكل فقط، فالعنصر الرئيس لتكوين مستشفى غائب عنها، وهو الطبيب المختص. اختصاصات كثيرة غير متوفرة، وأطباء المستشفى لا يتجاوز دوامهم أكثر من 3 ساعات، يذهبون عقبها إلى عياداتهم الخاصة، وغالباً ما يغيبون عن مناوباتهم الليلية". يتابع: "الوضع الطبي في المستشفى كارثي، هناك أخطاء بالجملة وتسيّب وانعدام جودة. أذكر أنّ سيدة فقدت حياتها خلال الولادة، بسبب عدم وجود طبيب الأمراض النسائية المناوب، وإغلاق هاتفه. وهناك غياب للفنيين القادرين على تشغيل الأجهزة الطبية المتوفرة".
اقــرأ أيضاً
من جهتها، قالت مصادر مطلعة، طلبت عدم كشف هويتها، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك كثيراً من شبهات الفساد تدور حول إدارة المستشفى وعدد من الأطباء ولجان الشراء، ما أدى إلى فتح تحقيق من قبل الهيئة العامة للرقابة والتفتيش انتهى قبل فترة لكن لم تظهر نتائجه حتى اليوم".
في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، جرى افتتاح مستشفى شهبا الوطني، بعد 16 عاماً من وضع الحجر الأساس له، لكن من دون كادر طبي كافٍ. كذلك، يحتاج المستشفى إلى مصدر مياه، ومن المقرر حفر بئر خاصة به، بالإضافة إلى تعبيد الطريق إليه، ما أثار كثيراً من الانتقادات بخصوص عملية افتتاحه رسمياً من دون أن تكون لديه قدرة على تقديم الخدمات المنوطة به.
يقول أبو رامز بكر، من سكان السويداء، لـ"العربي الجديد": "لا يمكن أن تعرف أنّ المستشفى الوطني في مدينة السويداء، مستشفى فعلاً إلّا بسبب الملابس البيضاء. الوضع متردٍّ بشكل كبير، وعندما تدخل إلى المستشفى إن جاز لنا إطلاق هذا الاسم عليه، سيصدمك مستوى النظافة المتدني بشكل كبير. الأرض وسخة، والحشرات تنتشر، في خزانات المرضى، وطبعاً لا يمكن أن أصف لكم الحمامات فالقذارة والروائح الكريهة شيء لا يطاق، بل غالباً ما تجد المياه الآسنة في أرضه". يضيف: "يأتي المريض إلى المستشفى فيوضع على سرير من دون شرشف (غطاء) أو وسادة. هذه الأغراض يفرض المستشفى أن يجلبها المريض معه من منزله، خصوصاً أنّ التدفئة غائبة حتى عن غرفة العمليات".
من جانبها، تقول أم عادل، المرافقة لوالدتها إلى مستشفى السويداء، وقد طلبت عدم ذكر اسم عائلتها لأسباب شخصية، لـ"العربي الجديد": "الوضع في المستشفى سيئ جداً... الأطباء المتخصصون يقومون بجولة سريعة على المرضى في الصباح، وما إن تصبح الساعة الحادية عشرة صباحاً، حتى يكاد المستشفى يخلو من الأطباء، ويبقى بعض الأطباء المقيمين". تضيف: "كثير من الأدوية يُطلب من المريض شراؤها من خارج المستشفى، كونها غير متوفرة، وحتى الصور الشعاعية غالباً ما تكون غير واضحة. وجودنا في المستشفى لا يقدم أو يؤخر". تلفت إلى أنّ "رعاية المرضى الشخصية موكلة على مرافقي المريض، لذلك أبقى أنا وأختي مع والدتنا، لنستطيع أخذها إلى الحمام مثلاً وإعادتها، حتى طعام المستشفى لا يؤكل. على الفطور جلبوا لوالدتي القليل من اللبن ونصف رغيف من الخبز الجاف، وعلى الغداء نصف حبة بطاطا مسلوقة لكنّها لم تنضج بعد، ونصف رغيف خبز جاف".
أما سوزان، فقد كانت قد وضعت طفلها قبل أشهر في المستشفى الوطني، وتقول لـ"العربي الجديد": "عندما اقترب موعد ولادتي، لم يكن لديّ خيار سوى الولادة في المستشفى العام، فالولادة في المستشفى الخاص تكلف عشرات آلاف الليرات. نصحتني صديقتي بأن أتفق مع قابلة قانونية تعمل في المستشفى، كي أنال بعض الاهتمام، وبالفعل عرفتني على القابلة وأخذت مبلغاً كحلوان (مجاملة) للولادة، بالرغم من أنّه عملها الذي تتقاضى عليه أجراً من الدولة".
تضيف: "هذا المبلغ أعطاني فرصة للحصول على شراشف نظيفة، وبعض الاهتمام من القابلة، وهو مقبول بالنسبة لي، خصوصاً إذا قارنته بأسعار المستشفيات الخاصة غير المنطقية، والتي لا تتناسب مع الخدمات التي تقدمها".
بدوره، يحمّل مصدر مطلع من المستشفى الوطني، طلب عدم الكشف عن هويته، في حديث مع "العربي الجديد" مسؤولية تردي واقع المستشفى في ما يخص النظافة على المرضى ومرافقيهم: "كلّ مريض تجد معه على الأقل مرافقين أو أكثر، ويجلبون معهم أطعمة ومشروبات، ولا يعتنون بالنظافة". يضيف: "معظم الأطباء يقومون بجولتهم الصباحية ويغادرون المستشفى إلى عياداتهم الخاصة، ولا يمكن أن يجبر الطبيب على البقاء، فهو بكلّ بساطة يمكن أن يقدم استقالته، فدخله في المستشفى لا يقارن بدخله في العيادة والمستشفيات الخاصة. وحتى الممرضات والممرضون، يعانون من وضع معيشي سيئ جداً، انعكس على مستوى عملهم واهتمامهم، وجعلهم يقبلون بأخذ المال من المرضى، بل تجد من يسعى لذلك.
وبالرغم من أنّ هذا الوضع خاطئ فهناك واقع يحتاج إلى علاج وتأمين أجور وتعويضات مناسبة". يلفت إلى أنّ "هناك نقصاً في بعض الأدوية، التي يُطلب من المرضى شراؤها من الخارج، وهذا أمر خارج عن إرادة المستشفى، كما أنّ طعام المستشفى يواجه مشاكل في الكمية أو النوعية".
لا يختلف الوضع كثيراً في مستشفى "الباسل" في مدينة صلخد. يقول مؤيد، وهو أحد سكان صلخد، لـ"العربي الجديد": "المستشفى هيكل فقط، فالعنصر الرئيس لتكوين مستشفى غائب عنها، وهو الطبيب المختص. اختصاصات كثيرة غير متوفرة، وأطباء المستشفى لا يتجاوز دوامهم أكثر من 3 ساعات، يذهبون عقبها إلى عياداتهم الخاصة، وغالباً ما يغيبون عن مناوباتهم الليلية". يتابع: "الوضع الطبي في المستشفى كارثي، هناك أخطاء بالجملة وتسيّب وانعدام جودة. أذكر أنّ سيدة فقدت حياتها خلال الولادة، بسبب عدم وجود طبيب الأمراض النسائية المناوب، وإغلاق هاتفه. وهناك غياب للفنيين القادرين على تشغيل الأجهزة الطبية المتوفرة".
من جهتها، قالت مصادر مطلعة، طلبت عدم كشف هويتها، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك كثيراً من شبهات الفساد تدور حول إدارة المستشفى وعدد من الأطباء ولجان الشراء، ما أدى إلى فتح تحقيق من قبل الهيئة العامة للرقابة والتفتيش انتهى قبل فترة لكن لم تظهر نتائجه حتى اليوم".
في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، جرى افتتاح مستشفى شهبا الوطني، بعد 16 عاماً من وضع الحجر الأساس له، لكن من دون كادر طبي كافٍ. كذلك، يحتاج المستشفى إلى مصدر مياه، ومن المقرر حفر بئر خاصة به، بالإضافة إلى تعبيد الطريق إليه، ما أثار كثيراً من الانتقادات بخصوص عملية افتتاحه رسمياً من دون أن تكون لديه قدرة على تقديم الخدمات المنوطة به.