مشاكل المرأة الإيرانية تزداد

13 سبتمبر 2018
الخلفية الذكورية ما زالت طاغية (عطا كيناري/ فرانس برس)
+ الخط -
أشارت تقارير رسمية أخيراً إلى ارتفاع الأرقام التي تظهر زيادة مستوى المشاكل التي تعانيها المرأة في إيران

في إيران عشرة ملايين فتاة عزباء في سنّ الزواج، مليون منهن تجاوزن الخامسة والثلاثين، كما أنّ 50 في المائة من النساء الخريجات بلا فرص عمل أو وظائف.

هذه الأرقام، وغيرها، نشرتها صحيفة "إيران" الحكومية، نقلاً عن متخصصين ودوائر رسمية. أفادت الصحيفة بأنّ 18 في المائة من نساء إيران مصنفات كفاعلات اقتصادياً، و2 في المائة من الإناث ما بين الخامسة عشرة والأربعة والثلاثين يعشن من دون زوج، إما بسبب الطلاق أو الوفاة.




يعتبر المعنيون في هذا المجال أنّ السبب الرئيس وراء عزوف الإيرانيات عن الزواج أو عدم ارتباطهن، يتعلق بارتفاع المستوى التعليمي لديهن مقارنة بسنوات ماضية، أو وصولهن إلى حالة من الاستقلال المالي، وهو ما يجعل كثيرات غير راغبات في الزواج لأسباب مادية، فيشعرن أنّ لهن حق اختيار الزوج المناسب، وهو ما تقابله مشكلة من ناحية الرجال الذين يعانون كذلك من مشاكل اقتصادية واجتماعية تجعل الارتباط بالنسبة لكثيرين مشروعاً مؤجلاً.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ اختلاف أسلوب وسلوك الحياة اليومية في إيران مقارنة بالماضي يجعل المرأة تبحث عن المساواة مع الرجل وتتصرف على أساسها، كما أنّ العائلات الإيرانية باتت تعطي مجالاً أكبر لفتياتها لتحقيق ما يردن إلى جانب إكمال دراستهن الجامعية، فكثيرات يقمن بنشاطات جانبية من قبيل تعلم لغة جديدة أو ممارسة الهوايات، وهو ما غيّر مفهوم الزواج المبرر بحاجة الفتاة إلى من يقدم لها كلّ شيء، وهذا لا يتنافى مع وجود شريحة ما زالت تتعامل وفقاً لنظرة تقليدية تضع بعض القيود أمام المرأة.

تعليقاً على الأرقام الحديثة، تقول عضوة لجنة النساء في البرلمان الإيراني، فاطمة ذو القدر، إنّ الإحصاءات التي تنتشر بين فترة وأخرى عن مؤسسات رسمية يجب التحقق من صحتها. تشير إلى أنّ الأرقام الخاصة بمعدلات البطالة، لا سيما بين الشباب الخريجين، تتغير دائماً. مع ذلك، تؤكد لـ"العربي الجديد"، صحة أنّ 50 في المائة من النساء الخريجات من الجامعات هن بلا فرص عمل. تضيف ذو القدر أنّ النساء المتعلمات والحاصلات على شهادات جامعية يعانين من البطالة وعدم القدرة على إيجاد فرص عمل مناسبة أكثر من نظرائهن الرجال، وتؤكد أنّ اللجنة البرلمانية الثقافية إلى جانب اللجنة الخاصة بشؤون النساء تركزان على المسائل والمشاكل المتعلقة بالمرأة الإيرانية وتحاولان وضع خطط لحلها.

تشير ذو القدر إلى أنّه حين صكّ البرلمان الإيراني موازنة العام الجاري، أقر النواب تخصيص جزء منها لملف إيجاد فرص عمل للنساء للاستفادة من خبراتهن وقدراتهن. تشيد بعمل الحكومة الحالية، إذ ترى أنّها تهتم بالمنظمات المدنية والجمعيات غير الحكومية والتي تعنى بشؤون ومشاكل النساء. وتلفت إلى أنّ البرلمان يحضّر كذلك اقتراح قانون يهدف إلى حماية ودعم الجهات التي تخصص عملها لحلّ مشاكل النساء والتركيز عليها، بغية زيادة حجم المشاركة الاجتماعية بين المعنيين والمؤسسات غير الرسمية، بما يفتح المجال أكثر لإيجاد حلول، بحسب تعبيرها. تذكر أيضاً أنّ زيادة فرص العمل للرجال والنساء، على حد سواء، تتطلب تعاون كلّ الجهات الرسمية مع بعضها البعض وتضافر جهود القطاعين العام والخاص، إلى جانب ضرورة اتخاذ مزيد من الخطوات التي توقف التمييز وتتيح الفرص بالتساوي بين الجنسين، بحسب وصفها.

وكانت المديرة العامة لنقابة مساعدة الأطفال والمراهقين المعرضين للخطر، رقية أشرفي، قد ركزت، في تصريحات سابقة، على مشكلة ارتفاع معدلات العزوبية بين الفتيات، وقالت إنّ ذلك مرتبط بعوامل اجتماعية كثيرة من قبيل عدم وجود أمل بالمستقبل أو الاكتئاب وحتى عدم التمتع بالحقوق نفسها التي للرجال.

إلى جانب ذلك، تعاني سيدات إيران من مشكلة الإدمان على المخدرات كما الرجال، وهو أيضاً ما يعود إلى عوامل اجتماعية واقتصادية. صحيح أنّ أرقام المدمنات الإناث ليست كبيرة مقارنة بالذكور، لكنّ صحيفة "اعتماد" ذكرت مؤخراً أنّ إدمان النساء على المخدرات في إيران ارتفع منذ عام بنسبة 9 في المائة. وأوضحت أنّ البطالة والاكتئاب من مسببات الإدمان لديهن. الدراسات السابقة تؤكد أنّ 70 في المائة من المدمنات جرّبن المخدرات بسبب أزواجهن المدمنين عليها، لكنّ الدوافع الآن قد ترتبط بمشاكل تعاني منها المرأة نفسها، من قبيل التحديات الاجتماعية المتعلقة بمشاكل الزواج والبطالة.




إلى جانب ذلك، وبحسب إحصاءات سابقة، فإنّ 55 في المائة من حالات الطلاق التي تقع خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الزواج تعود إلى إدمان الزوج على المخدرات.

تعتبر المتخصصة الاجتماعية والناشطة في مجال حقوق المرأة، حاجي عباسي، أنّ عدم التخطيط وسوء إدارة المشاكل وعدم تخصيص الموازنات للاهتمام بإيجاد فرص عمل، يجعل مشكلة البطالة تقف في الصف الأول بين العراقيل التي تواجه المجتمع الإيراني وتؤدي إلى كلّ التبعات التي ذكرت سابقاً. تذكر لـ"العربي الجديد" أنّ عدد السيدات اللواتي يعلْن أسراً كبير، معتبرة أنّ التعامل مع هذا الملف من قبل الجهات الرسمية بات ضرورياً. تعتبر أيضاً في مسألة كون نصف الخريجات عاطلات من العمل أنّ ذلك هدر للثروة الوطنية ولكلّ ما وضعته تلك المرأة أو عائلتها من مجهود، وهو ما يعني حرمان المجتمع نفسه من قدراتها. تعتبر عباسي أنّ ارتفاع نسب الطلاق مقلق للمجتمع برمته وليس بالنسبة للنساء فقط، فالطلاق يؤدي إلى مشاكل أخرى، داعية الحكومة إلى وضع برامج وخطط واضحة ومجدية، وتشكيل فرق خاصة تضم خبراء ومستشارين لتستفيد من خبراتهم واقتراحاتهم، بما يمنع تحول هذه المشاكل الاجتماعية إلى كوارث.
المساهمون