قرّر اتحاد العاملين في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في الأردن، إطلاق إضراب مفتوح عن العمل، ابتداءً من صباح غد الأحد الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني، للمطالبة برفع رواتبهم، في حين ما زالت المحاولات مستمرّة لإيجاد توافق ما بين اتحاد العاملين ووكالة أونروا.
ويشمل الإضراب المفتوح، وفق القرار، قطاعات "أونروا" الثلاثة، قطاع العمّال وقطاع التعليم وقطاع الخدمات العامة والصحة، وكذلك صندوق التمويل الصغير، فتُغلق بالتالي أبواب كلّ مؤسساتها في الأردن، الأمر الذي يُبقى الموظفين والطلاب في بيوتهم. والإضراب بحسب المراقبين سوف يتسبب في شلل تام في أذرع الوكالة المؤسسية والخدمية، ما يؤدّي إلى تعليق عمل أربعة آلاف معلّم ومدير، وإغلاق 169 مدرسة وجامعة وكليّتين ومركز تدريب مهنيّ تضّم 125 ألف طالب، وإغلاق 14 مركزاً خاصة بشؤون المرأة، وكذلك 25 مركزاً صحياً تستقبل 1.6 مليون مرض سنوياً، بالإضافة إلى قطع المساعدة عن نحو 58 ألف لاجئ مستفيد من برنامج الأمان الاجتماعي.
وكانت مجالس العاملين في وكالة أونروا قد رفضت مقترحاً يقضي بمنح العاملين زيادة على الراتب مقدارها 100 دولار أميركي ابتداءً من مطلع العام المقبل، مع إجراء مسح شامل لرواتب هؤلاء. يُذكر أنّ 78 عضواً رفضوا المقترح فيما وافق عليه 12 فقط. وقد أعلن العاملون تمسّكهم بمبادرة دائرة الشؤون الفلسطينية المتمثلة بحصول العاملين على زيادة 100 دينار أردني، أي نحو 140 دولاراً، على الراتب ابتداءً من مطلع عام 2020، بالإضافة إلى توقيع اتفاق تلتزم إدارة الوكالة فيه بإجراء مسح لرواتب موظفي الوكالة بمشاركة خبراء من الحكومة، على أن تطبّق الإدارة ما ينتج عنه. تجدر الإشارة إلى أنّ العاملين وافقوا على خفض سقف مطالبهم التي كانت تتمحور حول زيادة رواتبهم 200 دينار، أي نحو 280 دولاراً، إلى 100 دينار. لكنّهم أصرّوا على "وقف سياسة التقشف والتقليصات التي أدت إلى تراجع وانعدام الخدمة للاجئين الفلسطينيين"، والتخلّي عن "سياسة التعيينات بنظام المياومة، وتعيين البديل لدى حصول الموظف على الإجازة"، مع "توفير الأدوية والمستلزمات الطبية ذات الجودة العالية وبالكميات المناسبة في العيادات".
في السياق، عقدت مجالس العاملين في القطاعات الثلاثة في إقليم الأردن اجتماعاً عصر اليوم السبت لمناقشة التطوّرات الأخيرة في النزاع القائم ما بين إدارة الوكالة من جهة واتحادات العاملين والموظفين من جهة أخرى. في خلال ذلك، تمّ التأكيد على تثمين الجهود والوساطة التي قام بها المدير العام لدائرة الشؤون الفلسطينية المهندس رفيق خرفان في دعم مطالب العاملين واللاجئين، بالإضافة إلى تقدير المبادرة التي تمّ التوافق عليها منذ أكثر من أسبوعَين والقائمة على زيادة مبلغ 100 دينار على الراتب الأساسي ابتداءً من مطلع عام 2020 مع إجراء مسح للرواتب يُنصف الموظفين جميعاً.
وقد أفاد العاملون بأنّ الإدارة لم تتطرّق حتى اللحظة في حلولها إلى ما يمسّ خدمات اللاجئين من صحة وتعليم ونظافة بيئة المخيمات وإغاثة، محمّلين إيّاها المسؤولية الكاملة عن تعليق الدراسة والخدمات الصحية والاجتماعية والإغاثية المقدّمة إلى اللاجئين بسبب سياسة التعنّت وإلغاء الوظائف على الرغم من ضغط أعداد الطلاب في الصفوف وما يترتّب على تقليص عدد عمّال النظافة في المخيمات.
وتوضح مصادر مقرّبة من مجالس العاملين في وكالة أونروا لـ"العربي الجديد" أنّ "مطالب العاملين في الأردن تأتي بسبب غلاء المعيشة، وهي تتوافق مع نيّة الحكومةِ الأردنية رفعَ رواتب العاملين في القطاع العام والمتقاعدين والمعلّمين العاملين في وزارة التربية". تضيف المصادر نفسها أنّ "المطالب تتوافق كذلك مع الزيادات التي أقرّتها الوكالة للعاملين في لبنان والتي بلغت نحو 200 دولار"، رافضة "تحميل الموظفين تبعات الهدر والقرارات الإدارية التي حمّلت الوكالة خسائر بمئات آلاف الدولارات".
تجدر الإشارة إلى أنّ الدولة الأردنية تُعَدّ أكبر المتضررين من توقّف خدمات "أونروا" في حال تنفيذ الإضراب، خصوصاً أنّ اللاجئين الفلسطينيين في الأردن يحملون بمعظمهم الجنسية الأردنية وسوف يحصلون بالتالي على خدمات بديلة من المرافق الحكومية الأردنية المثقلة أساساً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعانيها البلاد. ووكالة أونروا تواجه أزمات في التمويل مذ أوقفت الولايات المتحدة الأميركية دعمها الكامل لها البالغ نحو 360 مليون دولار، في أغسطس/ آب من العام الماضي، الأمر الذي انعكس سلباً على خدماتها المقدّمة إلى اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وهي الأردن وسورية ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة.