الألعاب قد تقتل أطفال مصر

14 مايو 2015
يُقبل الناس على شراء الألعاب في الأعياد (العربي الجديد)
+ الخط -

ليست الصحة هاجس المصريين الأول دائماً، إذ تنتشرُ تجارة بيع ألعاب الأطفال المجهولة المصدر في محافظة الإسكندرية (شمال مصر). وكثيراً ما يلجأ الأهالي ذوو الدخل المحدود إلى شرائها لإرضاء أبنائهم بأقل كلفة ممكنة، في ظل ارتفاع أسعار الألعاب بشكل عام في المحال التجارية المعروفة، من دون أن يعلموا بالضرورة أنها قد تؤدي إلى إصابة أطفالهم بأمراض خطيرة.
وعلى الرغم من تحذير عدد من المتخصّصين من خطورة هذه المنتجات على الصحة، علماً أنها تُصنع من مخلّفات القمامة أو النفايات الطبية بعد إعادة تدويرها، ما زال هناك إقبال شديد على شرائها. حتى أن عدداً من الباعة المتجولين باتوا يعتمدون على بيع الألعاب لكسب الرزق. ينتشر هؤلاء على أرصفة الشوارع والميادين العامة في محافظة الإسكندرية، على مرأى الجهات الرقابية والصحية.

وقبلَ فترة، أعلنت الأجهزة الأمنية عن إغلاق مصنع غير مرخّص لتصنيع ألعاب الأطفال، يستخدم مواداً غير مطابقة للمواصفات (من مخلّفات القمامة). وتقدم عدد من المواطنين بشكاوى إلى الجهات المعنية، بسبب استخدام أقطان عليها آثار دماء، ومواد بلاستيكية من نفايات المستشفيات لصناعة الألعاب وبيعها في الأسواق، ما يشكل كارثة صحية قد تودي بحياة آلاف الأطفال.
يقولُ الموظّف في مديرية التربية والتعليم، إبراهيم علي، إن الظروف الاقتصادية الصعبة تدفع المواطنين إلى شراء جميع احتياجاتهم الأساسية من الباعة المتجولين، من دون أن يقتصر الأمر على ألعاب الأطفال. ويُشير إلى توسّع هذه الظاهرة في ظل غياب الرقابة.

من جهته، يقول محمود الأزهري، الذي يملك محلاً في الإسكندرية، إنه توقف عن شراء هذه الألعاب المغشوشة حفاظاً على صحة أبنائه، لافتاً إلى أنه علم بمدى خطورتها بالصدفة. يضيف أن عدداً من الشركات المحلية تعمل على تصنيع هذه الألعاب من النفايات الطبية، لتباع في الأسواق من دون أي تدخل من قبل الأجهزة الرقابية أو الصحية. يتابع: "لم أكن أدري أن اللعبة التي اشتريتها من أحد الباعة المتجولين في ميدان المنشية وسط الإسكندرية مصنوعة من القمامة، وقد تؤدي إلى إصابة أطفالي وأسرتي بأمراض خطيرة".

اقرأ أيضاً: الألعاب الشعبية متنفس لأطفال غزة

ويطالب الأزهري الجهات المعنية بتوعية المواطنين حول خطورة شراء هذه الألعاب المجهولة المصدر، لافتاً إلى أن الخطورة تكمن في استخدامها من قبل الأطفال لفترات طويلة. بدوره، يشير محمد عبد النبي، وهو بائع متجول، إلى أنه لم يكترث للحديث عن الأذى الي قد تسببه هذه الألعاب وتحذيرات الأطباء. يقول إنه مضطر إلى بيع هذه الألعاب لجني المال وإطعام أسرته المكونة من خمسة أشخاص.
ويُشير إلى أنه عادة ما يُقبل الناس على شراء الألعاب في الأعياد وغيرها من المناسبات كونها رخيصة، ما شجعه على جلب كميات إضافية من المصانع التي تنتجها، والتي تجني بدورها أرباحاً كبيرة لاستخدامها مواداً غير مكلفة.

بدوره، يصف طبيب الأطفال، إبراهيم العربي، ما يحدث بـ "الجريمة الإنسانية" التي لا يمكن السكوت عنها، مؤكداً أن لهذه النفايات آثارها الخطيرة والمدمرة على حياة المواطنين، وقد تؤدي إلى الإصابة بأمراض عدة كالتهاب الكبدي الوبائي، عدا عن تأثيرها على البيئة. ويشير إلى أن المشكلة تبدأ مع وصول النفايات الطبية (قطن وشاش ومواد بلاستيكية ملوثة)، إلى أيادي جامعي القمامة، وبيعها إلى مصانع "بير السلم" أو إعادة تدويرها واستخدامها في تصنيع ألعاب الأطفال المغشوشة، ما يشكِّل كارثةً صحيةً قد تودي بحياة آلاف الأطفال الأبرياء الذين يشترون هذه الألعاب الرخيصة.
يتابع العربي أن الخطر ليس محصوراً بألعاب الأطفال فقط، بل يشمل منتجات أخرى، لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بصحة الإنسان، كأطباق الطعام أو الأكياس وغيرها.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض المصانع تستخدم أقطان المستشفيات الملوثة لصنع المفروشات وغيرها من المنتجات التي يحتاجها الناس في يومياتهم.

إلى ذلك، يؤكّد الخبير الاقتصادي وعضو مجلس إدارة الجمعية العلمية للصناعات، علاء حسب الله، أن "هذه التجارة تندرج ضمن عمل مصانع بير السلم، التي تؤثّر على الاقتصاد القومي وسوق العمل وحياة المصريين، لأن منتجاتها لا تراعي الشروط الصحية، وتؤدي إلى انتشار أمراض خطيرة، على غرار الفشل الكلوي وأمراض الكبد والسرطان وغيرها".
يضيف أن "تجارة الأرصفة" هذه تعتمد على الباعة المتجولين الذين يصل عددهم إلى أكثر من ثلاثة ملايين بائع، وتمثل 30 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، بحسب عدد من الدراسات. ويلفت إلى أن القضاء على هذه الظاهرة يتطلب تشديد الرقابة على الأسواق، وزيادة العقوبات بحق المخالفين والراغبين في تحقيق أرباح على عجل، من دون الاكتراث لصحة المواطنين، بالإضافة إلى تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي بإمكانها إنتاج سلع تراعي المواصفات الصحية وتؤمّن فرص عمل لآلاف العمال.

اقرأ أيضاً: الألعاب والدمى الصينية تهدد أطفال ألمانيا
المساهمون