بعد تكرّر مسلسل اعتداءات الكلاب على الأهالي بالشوارع والأحياء المصرية، تتّجه الهيئة العامة للخدمات البيطرية في وزارة الزراعة في مصر إلى الإجهاز على الكلاب بطريقتَين، الأولى من خلال وضع سمّ في قطع لحم بالمناطق المعروفة بانتشارها تحت رقابة الوحدة البيطرية المحلية، والثانية بإطلاق أعيرة خرطوش عليها بالتعاون مع شرطة المرافق.
وفجرت الحادثة التي وقع ضحيتها طفل هجم عليه كلبان بمنطقة "مدينتي"، شرق القاهرة، حالة من الغضب، لتتبعها حوادث مماثلة في مناطق أخرى من القاهرة الكبرى، لكنّ البعض يبرّئ كلاب الشوارع من تلك الحوادث، ويشير إلى سلالات أجنبية يقتنيها بعض الأشخاص لمهاجمة المواطنين وتهديد حياتهم.
وقال رئيس قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة، علاء عيد، إن الوزارة سجلت في عام 2018 أكثر من 482 ألف حالة عقر للمواطنين، من بينها 303 آلاف حالة عقر من الكلاب الضالة، مقارنة بنحو 423 ألف حالة في عام 2017، عازياً زيادة حالات عقر المواطنين إلى انتشار الحيوانات الضالة في الشوارع، وضعف إجراءات وزارة الصحة.
وأضاف عيد، خلال اجتماع لجنة الإدارة المحلية في مجلس النواب، الإثنين، أن هذه المشكلة تستلزم تكاتف الجهود بالكامل والتنسيق مع وزارة الصحة، على اعتبار أنه لا يوجد سوى ثلاثمائة مركز لعلاج عقر الكلاب في جميع المحافظات المصرية.
من جهتها، قالت وزيرة البيئة ياسمين فؤاد، إن دولاً أوروبية واجهت أزمة الكلاب الضالة بضوابط حاسمة، من بينها توفير الإمكانيات المادية، والتنسيق بين الدور الحكومي والمجتمعي للجمعيات المهتمة بحقوق الحيوان، مبينة أن الإشكالية لها علاقة مباشرة بالتوازن البيئي، والوزارة على استعداد للمشاركة في تقديم الدراسات اللازمة لمواجهة الأزمة.
بدوره، قال وزير الزراعة عز الدين أبو ستيت، إن الحكومة مطالبة بتسخير الإمكانيات المتاحة لديها لحماية المواطن المصري من هذه الآفة وتغليب مصلحته، إلى حين الشروع في منظومة متكاملة بشأن تفاقم أزمة الكلاب الضالة، مؤكداً أن هناك فتوى صادرة عن دار الإفتاء المصرية في 2007، بشأن جواز قتل الكلاب الضالة، وفي مصر 15 مليون كلب ضال تقريباً.
وأضاف الوزير: "نُقدر رؤى منظمات وجمعيات حقوق الرفق بالحيوان، ولكن بعض هذه الجمعيات تفتعل ضجيجاً بلا طحين، ولا تسهم بشكل فعال في حل الأزمة، والكل يحمل الحكومة المسؤولية رغم أن ميزانية هيئة الخدمات البيطرية كانت 350 ألف جنيه في عام 2014، وارتفعت إلى مليون و153 ألف جنيه في عام 2018، وهي موارد محدودة. ومن يريد أن يساهم ويدافع عن حقوق الحيوان من منظمات المجتمع المدني، لا بد أن يوفر دعماً مالياً".
وتحذّر جمعيات تُعنى بالرفق بالحيوان في مختلف المحافظات المصرية من اتجاه الحكومة المصرية إلى تنفيذ هجمة شرسة على كلاب الشوارع في الأيام المقبلة للإجهاز عليها بكلّ الطرق، وتشير جمعيات عدّة إلى عدم قدرة الحكومة على محاربة كلاب الأثرياء الخطرة التي تُستخدَم لحماية هؤلاء وحراسة عقاراتهم، من دون اهتمام بحياة الناس.
في هذا السياق، تحذّر الناشطة في مجال حقوق الحيوان دينا ذو الفقار من "المساس بكلاب الشوارع في الأيام المقبلة"، مؤكدة أنّها "بريئة من عقر الأهالي مثلما حدث في خلال الأيام الماضية، بخلاف السلالات الأجنبية الخطرة التي تُستورَد من الخارج بمبالغ ضخمة، ويربّيها أشخاص غير مؤهّلين لذلك. فأصحابها يعمدون كثيراً إلى (تشريس) تلك الأنواع من الكلاب، بالتالي صارت خطراً على المجتمع حيثما وُجِدَت".
وتضيف أنّ "الأمر وصل إلى حدّ استخدام تلك الكلاب الشرسة بالأحياء الشعبية في خلال اشتباكات وعمليات بلطجة وخلافات بين الشبان وعمليات ترويع للمارة"، مطالبة بـ"ضرورة توفير مراقبة مشدّدة من قبل الأجهزة المعنيّة على تلك الكلاب، وأن يُصار إلى ترخيصها لأنّها شبيهة بالسلاح". وتشدّد ذو الفقار على "رفض أسلوب الحكومة التي لا تستطيع المساس بكلاب الباشاوات، لتكون الكلاب في الشوارع هي الضحية".
وتلفت ذو الفقار إلى أنّ "جمعيات كثيرة للرفق بالحيوان تقدّمت بمذكرات رسمية إلى الهيئة العامة للخدمات البيطرية، تطالب فيها بالكفّ عن الإجهاز على كلاب الشوارع بالسمّ القاتل أو باستخدام السلاح"، مؤكدة أنّ "تلك التصرفات والإجراءات تُعَدّ إساءة شديدة وغير مطلوبة، لا بل مرفوضة تماماً. ومن شأن ذلك أن يجعل مصر تبدو كبلد لا يرحم الحيوانات".
وتضيف أنّ "ثمّة ضرورة لوجود تعاون بين جمعيات الرفق بالحيوان والهيئة العامة للخدمات البيطرية في كلّ الحملات التي تستهدف كلاب الشوارع، خصوصاً أنّ جمعيات الرفق بالحيوان لديها رؤية للتعاطي مع الكلاب في حال مثّلت خطراً على الأهالي"، موضحة أنّ "الجمعيات تستعين بأطباء بيطريين قادرين على علاج كلاب خطرة في الشوارع، سواء بمنع تكاثرها أو بالسيطرة على إعدامها بطرق رحيمة".
من جهته، يتحدّث طبيب بيطري فضّل عدم الكشف عن هويّته، عن "مستشفيات وعيادات خاصة وكذلك فنادق تقدّم خدمات لكلاب عِلية القوم، في عدد من أحياء القاهرة الكبرى. وقد وصل بدل الكشف على الكلب الواحد إلى ألف و400 جنيه مصري (نحو 80 دولاراً أميركياً)، ليزيد عن ذلك في حال الكشف المنزلي".
وأضاف أنّ "ثمّة فنادق تقدّم خدمات خمس نجوم لأنواع معيّنة من الكلاب لقاء مبالغ مالية كبيرة". ويشير كذلك إلى "مستشفى بمنطقة العباسية، شرق القاهرة، يقصده أصحاب الكلاب من الطبقة الوسطى".