مخالفو الإقامة في الكويت بأمان

09 فبراير 2018
عمال أجانب في الكويت (العربي الجديد)
+ الخط -

مهلة جديدة قررت  الكويت منحها للوافدين المخالفين على أراضيها، من دون دفع غرامات مالية، إلا أنها لا تتوقع مغادرة أكثر من 30 ألفاً
أمهلت السلطات الكويتية الوافدين المخالفين لقانون الإقامة فيها 24 يوماً لمغادرة البلاد، من دون دفع غرامات التأخير الناتجة عن مخالفة القانون، أو محاسبتهم جنائياً، مع إمكانية عودتهم إلى البلاد مجدداً من خلال عقد عمل وإقامة جديدة.

ويبلغ عدد مخالفي الإقامة المستفيدين من قرار وزارة الداخلية أكثر من 154 ألف وافد، بحسب مساعد المدير العام لشؤون الإقامة والجوازات اللواء عبدالله الهاجري. وتبلغ الغرامة المفروضة على المقيم المنتهية إقامته في البلاد دينارين كويتيين (نحو 6 دولارات) يومياً، فيما يصل المبلغ إلى 10 دنانير (ما يعادل 33 دولاراً أميركياً)، بالنسبة للزوار الذين فضلوا عدم مغادرة البلاد والبقاء بهدف العمل.

ويتوقّع النقيب محسن العتيبي، من إدارة الجوازات، خلال حديث لـ"العربي الجديد"، أن يبلغ عدد المغادرين ما بين 20 إلى 30 ألفاً فقط من أصل 154 ألفاً. إذ يفضّل عدد كبير من المخالفين البقاء في الكويت والعمل بشكل غير شرعي في محاولة لجمع المال قبل إبعادهم عن البلاد، مشيراً إلى أن الحكومة سبق أن أصدرت قراراً يتضمن مهلة مماثلة خلال عامي 2004 و2011.

وتتنوّع الأسباب التي تدفع الوافدين الذين دخلوا البلاد بطريقة نظامية إلى مخالفة القانون وعدم تجديد إقاماتهم. ويدخل البلاد سنوياً عشرات العمال والحرفيين الذين تحتاجهم الشركات لمدة عامين أو ثلاثة. ومع قرب انتهاء عقود العمل، يهربون إلى مناطق لا تستطيع الشرطة الوصول إليها في بعض الأحيان، فيعملون في مهن أخرى، منها طهاة في مطاعم توظفهم برواتب قليلة، أو في مجال النظافة وغيرها. العاملات المنزليات قد يخالفن بدورهن، إذا ما هربن من البيوت التي يعملن فيها بسبب قلة الرواتب أوعدم وجود أوقات للراحة، فيعملن في مهن مختلفة.

ممتاز ح. البنغلادشي الذي قدم إلى الكويت للعمل كسائق حافلة في إحدى الشركات الخاصة، لم يرغب في مغادرة البلاد، وقد شارف عقد عمله على الانتهاء، هرب من الشركة ليعمل كبائع سمك في سوق الأسماك وسط العاصمة. يقول لـ"العربي الجديد": "اخترت الهرب لأنني لم أجمع مبلغاً كافياً من المال، إذ إن الراتب كان ضئيلاً في الشركة، عدا عن الاقتطاع منه كلما أخطأنا في شيء. وساعدني قريبي الذي يعمل في سوق السمك على الهرب، ووفر لي وظيفة أجني منها أضعاف ما كنت أجنيه بالعمل النظامي". يضيف: "لا أنوي تسليم نفسي للسلطات ومغادرة البلاد. ماذا سأفعل في بنغلادش؟ كثيرون من الذين عادوا إلى بلادهم في عام 2011، حاولوا التقدم للحصول على فيزا جديدة لدخول الكويت، وفوجئوا بأنهم ممنوعون من الدخول بسبب مخالفاتهم السابقة".



ويقول راميش، وهو هندي قدم إلى الكويت للعمل في شركة نظافة متعاقدة مع الحكومة، لـ"العربي الجديد": "رغم أنني أملك شهادة في الطبخ، إلا أنني قدمت إلى الكويت كعامل نظافة. وعند قرب انتهاء عقد عملي، قررت الهرب من الشركة والسكن في منطقة جليب الشيوخ لدى مجموعة من الهنود المخالفين أيضاً، وحصلت على عمل كطباخ في أحد المطاعم لمدة أربعة أشهر بأجر قليل. لكن مدير المطعم استغلني ورفض دفع راتبي بعدما تيقن من أنني لا أستطيع التقدم بشكوى بحقه، فتركته وعملت طاهياً لدى عائلة كويتية".

وينوي راميش الاستفادة من المهلة للعودة إلى الهند، بعدما جمع مبلغاً كافياً من المال يساعده على تأسيس عمل خاص به في بلد خليجي آخر. من جهته، يوضح رب العائلة التي يعمل عندها راميش، نايف م.، لـ"العربي الجديد"، السبب الذي جعله يقدم على توظيف شخص خالف قانون الإقامة، أن راتبه القليل يوفر عليه عناء استقدام طباخ جديد من الخارج، ودفع أموال كثيرة للحكومة، عدا عن تعقيدات المعاملات. يضيف أن الجميع في الكويت مستفيدون من وجود هؤلاء المخالفين، حتى أنهم يساهمون في تسيير عجلة الاقتصاد في البلاد.



ولا تقتصر حالات مخالفة الإقامة على العمال أو الحرفيين بل تشمل العاملات المنزليات. ريجينا، وهي عاملة منزلية فيليبينية، هربت من المنزل التي كانت تعمل فيه لأن الراتب لم يعجبها، ثم عملت لحسابها الخاص كخبيرة تجميل نسائية. تقول لـ"العربي الجديد": "هربت قبل ثلاث سنوات، وأعمل منذ ذلك الوقت في مجال التجميل. حاولت تجديد إقامتي أكثر من مرة، لكن مشكلتي هي أنني هربت، وهذا مخالف للقانون. وهذه المهلة تمثل فرصة لي للعودة إلى بلادي من دون أن أضطر لدفع المال".

إلى ذلك، يقول رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس الأمة الكويتي عادل الدمخي، لـ"العربي الجديد": "المهلة تمثل عطفاً إنسانياً من قبل وزارة الداخلية حيال هؤلاء الذين لم يحالفهم الحظ في تجديد الإقامة، أو ارتكبوا إثم الهرب من طائلة القانون وعدم حمل أوراق ثبوتية نظامية. لكن في الوقت نفسه، نأمل كحقوقيين تعديل قانون الإقامة الكويتية وتخفيف حدة سيطرة الكفيل على المقيم، كما فعلت قطر، وهي أول دولة خليجية تلغي قانون الكفيل".

دلالات