قلق من انتشار السحر والشعوذة بالعراق

22 ديسمبر 2015
طقوس غريبة يستخدمها المشعوذون (فرانس برس)
+ الخط -



أعربت منظمات مدنية عراقية الثلاثاء، عن قلقها البالغ إزاء اتساع ظاهرة السحر والشعوذة بمناطق عدة من جنوب ووسط العراق، فضلا عن العاصمة بغداد، والتي تسببت بمشكلات اجتماعية وأمنية كبيرة؛ بينما قالت وزارة الداخلية العراقية إنها ستنفذ حملة مطاردة للسحرة والمشعوذين.

وقال عضو مجلس أمناء شبكة منظمات المجتمع المدني العراقي، الدكتور سمير محمد، إن "اتساع الظاهرة في بغداد ومدن الجنوب والوسط يستدعي تدخلا أمنيا من قبل السلطات وتضافر جهود التوعية دينيا وثقافيا من السحرة والمشعوذين".

كما أشار إلى أن "وجود مئات السحرة والمشعوذين، وما يعرف بفتاحين الفال وغيرهم، يعني أننا أمام أزمة اجتماعية كبيرة"، مبينا أن "عشرات المواطنين من كلا الجنسين يسقطون ضحايا أعمال سحر وشعوذة تبدأ بمآسي الطلاق وتفكك الآسر وهروب الفتيات والشبان، ولا تنتهي إلا عند موت الضحية بسبب مباشر جراء السحر أو غير مباشر بسبب ما يخلفه له من مشاكل".

وأوضح أن "انتشار السحر يتناسب طردياً مع انتشار الجهل والتخلف في المجتمع، أصبح لهؤلاء المشعوذين زبائن من مختلف المشارب"، معربا عن صدمته بعد التأكد من أن "مرتادي السحرة والمشعوذين بينهم برلمانيون وسياسيون قبل وبعد الانتخابات".

بدوره، قدّر مدير مركز الرصد الاجتماعي، المهندس حسين العوادي، عدد المشعوذين والسحرة بالآلاف وهم يتركزون بالعراق في مناطق الجنوب والوسط والعاصمة بغداد"، مضيفا أن "جنسيات هؤلاء في الغالب عراقية، وهناك جنسيات أفغانية وباكستانية وإيرانية ومن المغرب العربي، وجدوا في الساحة العراقية سوقا مناسبة لهم، حيث يجنون مبالغ خيالية".

وقال العقيد محمد طالب الموسوي، من مديرية مكافحة الإجرام بوزارة الداخلية العراقية، لـ"العربي الجديد"، إن الوزارة بصدد شن حملة واسعة عليهم، "بعضهم يتغطى بالدين وأن عمله شرعي ومجاني؛ لكن بالحقيقة غالبيتهم كاذبون".


وأوضح الموسوي أنه تم استقبال شكاوى مواطنين تتحدث عن جرائم سحر وقعت بحقهم من قبل سحرة انتهت بهم لأمور سيئة للغاية"، وتابع "نحتاج إلى دعم رجال الدين أكثر من أي وقت مضى لمكافحة هذا الدجل الذي استشرى بالمجتمع".

ويقوم المشعوذون بأعمال غريبة كطقوس إلقاء اللعنة على الشخص المراد به سوء من شخص آخر يقوم بالدفع للساحر، أو ختم تعاويذ خاصة تعرف بالـ"خرز" ويبيعونها على أنها تجلب الرزق والمحبة وتحل المشاكل، ويجدون إقبالاً كبيراً ويشتريها بعض الزبائن بمبالغ كبيرة فيما تعتبر المقابر والمناطق المهجورة محل تواجدهم الرئيس.

ومن بين المشعوذين رجل يدعى "أبو الخرز" كان "العربي الجديد" قد تحدث معه في تقرير سابق، وهو يبيع تعاويذ "خرز" للوقاية من الرصاص، ولكن المفارقة أنه مصاب بكسر في كتفه إثر طلق ناري بالخطأ في أحد الأعراس، حسبما روى.

وبين أبو الخرز أنه يبيع التعويذة الواحدة أحياناً بأكثر من ألف دولار، ويقبل على شرائها القادة العسكريون والسياسيون بشكل لافت للوقاية من عمليات الاغتيال بالرصاص.

ويجني العطارون أو ما يطلق عليهم محلياً "العشابين" الكثير من الأموال حيث يرسل السحرة زبائنهم إلى العطار لشراء بعض أنواع البخور والأعشاب الخاصة لخلطها والقيام بأعمالهم السحرية.

ويروي مظفر العبيدي، صاحب محل لبيع الأعشاب، لـ"العربي الجديد": "لدي زبائن كثر يشترون مني أنواعا مختلفة من الأعشاب ولكن تصلني طلبات لأعشاب وأنواع غريبة من المواد العشبية والبخور، وحين أستفسر من الزبون أجده قد ذهب إلى أحد السحرة والمشعوذين طالباً منه شراء تلك المواد بهدف عمل السحر".

ويعتقد الباحثون أنَّ أغلب زبائن المشعوذين من النساء اللواتي يفتقرن للتعليم، لكن الواقع أن بعضهن يحملن شهادات عليا، ولا يقتصر الأمر عليهن بل يتعدى إلى العديد من السياسيين والسياسيات.

وتقول الباحثة الاجتماعية رانيا عبد الواحد: "من خلال بحثي عن ظاهرة السحر والشعوذة في المجتمع العراقي لاحظت اتساع الظاهرة بعد 2003، ووضعت خطة لدراسة نوعية زبائنهم فوجدت أكثرهم من النساء فضلاً عن الرجال والشباب وحتى حملة الشهادات العليا".

كما اعتبرت أن "المضحك في الأمر أنَّ كبار القادة العسكريين والأمنيين والسياسيين هم أبرز زبائن المشعوذين والسحرة، بحثاً عن تعاويذ الوقاية من الرصاص أو تعاويذ الجاه والسلطة كما يسمونها ويشترونها بمبالغ كبيرة جداً وبالدولار".

وينتقد المراقبون صمت الحكومة العراقية على انتشار ظاهرة الشعوذة التي وصلت إلى تخصيص برامج تلفزيونية لبعض المشعوذين، فيما أعربت مصادر أمنية عراقية عن عدم ملاحقة المشعوذين بسبب علاقتهم الوثيقة بالعديد من السياسيين.

وتصل عقوبة السحر والشعوذة في القانون العراقي إلى خمس سنوات وتصنف على أنها من أعمال النصب والاحتيال.


اقرأ أيضا:نساء عراقيات يستخدمن المقابر للتربح بأعمال السحر

دلالات