المدمن الألماني يختلف عن العربي

15 فبراير 2015
66 % من العينة جربوا التدخين (أولريتش باومغارتن/ Getty)
+ الخط -
كما تواجه فئة الشباب في الدول العربية خطر الإدمان، فإنّها كذلك في ألمانيا أيضاً، ما يثير قلق الخبراء. ومع ذلك فالفقر والفشل في الوصول إلى الوظائف وتحقيق الذات، ليست محركات الألمان باتجاه الإدمان كحال الشباب العرب. ولا يقتصر الألمان المدمنون على شريحة اجتماعية واحدة، فمن بينهم المهندس والمدير والعامل.

تشير صحيفة "تسايت" الألمانية إلى استطلاع للرأي يجرى دورياً في ألمانيا لجمع معلومات حول المدمنين. وفي الإستطلاع الخاص بعامي 2013- 2014 شارك 22 ألف ألماني. وتوصل الإستطلاع إلى نتائج من بينها أنّ 96 في المائة من المشاركين يشربون الكحول. و12 في المائة من بين هؤلاء يشربونها بصورة دائمة. فيما تقلق أسرة شخص واحد من كلّ عشرة أشخاص عليه بشأن الإدمان على الكحول. أما بخصوص التدخين فقد جربه 66 في المائة من أفراد العينة، فيما حاول واحد من عشرة الإقلاع عنه.

وبينما جرّب 86 في المائة المخدرات لمرة واحدة على الأقل، فإنّ 13 في المائة فقط جربوا مخدر الكوكايين. ويحدّ من تعاطيهم لهذا المخدر سعره المرتفع. فالغرام الواحد منه يتراوح سعره ما بين 50 يورو و80 يورو.

أما الأكثر رواجاً في المخدرات فهو القنب الهندي (حشيش). فقد تعاطاه 46 في المائة من أفراد العينة. فيما زرع واحد من كلّ عشرة أشخاص النبتة بطريقة سرية في حديقة منزله.
من جهته، يشير الطبيب في إحدى مستشفيات مدينة تورنغن الخاصة بمعالجة المدمنين، محمد عبد الكريم، لـ "العربي الجديد" إلى أنّ الإختلاف بين المدمن في ألمانيا والمدمن في إحدى الدول العربية كمصر مثلاً، ناشئ من دوافع الإدمان. ويفسر الطبيب ذو الأصل العربي: "المدمن في مصر يدمن لأجل نسيان الهموم والمشاكل والآلام. وأغلب المدمنين هم من الطبقة الفقيرة المعدمة. أما في ألمانيا فيهدف المدمن إلى الحصول على السعادة فحسب".

من ناحية التعامل مع المدمن، يكشف عبد الكريم عن فوارق أخرى بين العرب وألمانيا. ويقول: "في مصر مثلاً، عندما تصادف الشرطة أحد المدمنين مغمى عليه في الشارع نتيجة تناوله جرعة مرتفعة من الهيرويين أو الكحول، فإنّها تحبسه وتحرر مخالفة بحقه، لتطلق سراحه بعد أيام. وبذلك يعاود التعاطي مجدداً. أما في ألمانيا، فالأمر مختلف تماماً. والشرطة تحوّل المدمن إلى الطوارئ فوراً، ومن بعدها إلى المستشفى المختص لمعالجته من الإدمان. والمستشفيات في ألمانيا كثيرة وحكومية تدفع تكاليفها شركات التأمين، أما في البلاد العربية فهي قليلة جداً ومكلفة".

أما بخصوص عملية معالجة المدمن، فهي نفسها في جميع أنحاء العالم بحسب عبد الكريم. وتتضمن ثلاثة أطوار، الأول مرحلة التطهير من الكحول أو المخدرات. والثاني معالجة أعراض الإنسحاب التي تتضمن ثلاثة مظاهر هي حنين المريض للمادة المخدرة أو الكحول، وتسارع نبضات القلب مع التعرّق الشديد. والثالث الهذيان الذي قد يدخل فيه المريض، فيفقد إحساسه بالوقت والمكان والأشخاص. وهنا تقدم له أدوية تشبه بمفعولها المواد المخدرة أو الكحول ويتم تخفيفها بالتدريج، كي لا يدمن المريض عليها. وعندما تنتهي أعراض الإنسحاب، تقدم للمريض كمية كبيرة من الفيتامينات التي فقدها في الفترة السابقة. كما أنّ إرهاق أعصابه يحتّم خضوعه للعلاج النفسي من خلال مختصين نفسيين ورياضيين، ومختصين في تطوير المهارات العقلية.

ويؤكد عبد الكريم أنّ وقت المعالجة قد يطول أو يقصر بحسب كلّ مريض ومدى اقتناعه بالإقلاع عن الكحول أو المخدرات. وفي بعض الأحيان، لا تمضي أيام على خروج المريض من المستشفى، حتى يعود إليها مرة أخرى، بسبب حنينه للمخدرات ورغبته في تعاطيها مجدداً.

بدورهم، يؤكد الخبراء الألمان، أنّ خطورة المخدرات في المجتمع الألماني، تكمن في أنّ أغلب من يتناولها هم من فئة الشباب. وبما أنّ ألمانيا، في الأصل، لديها نقص معروف في هذه الشريحة العمرية، فإنّ ذلك يشكل تحدياً حقيقياً للمجتمع، خوفاً من خسارة المزيد من الشباب.

كما يذكر الخبراء أنّ شرب الكحول تاريخياً في ألمانيا كان يشكل حالة مختلفة عمّا هي عليه اليوم. فقد كان عمال المصانع والأعمال المجهدة يتناولون الكحول بكميات كبيرة جداً، حتى ارتبطت الثورة الصناعية الكبرى بتناول الخمور التي تنسي متاعب العمل. أما التوجه الحالي للإدمان فهو نتيجة ضغوط عديدة، منها الخوف من فقدان العمل، وغيرها من مصاعب الحياة العصرية، خصوصاً تلك المرتبطة بنمط العمل الضاغط في الشركات الكبرى.