الطلاق في مصر يزداد

09 فبراير 2020
لم تعد المرأة المطلقة تخاف من المواجهة(جيوزيبي كازاتشي/فرانس برس)
+ الخط -

تعاني مصر من أزمة اقتصادية كبيرة تنعكس على المستوى الشعبي في مشاكل مجتمعية مختلفة تحدد العلاقات بين الجنسين، فبموازاة ارتفاع سنّ الزواج، وازدياد العنوسة، يسجل الطلاق أرقاماً صادمة

كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر (حكومي)، عن ارتفاع نسب الطلاق في البلاد بشكل كبير في السنوات الأخيرة، إذ بلغت أعلى معدلاتها على الإطلاق منذ أكثر من نصف قرن. وانتهى الجهاز من إعداد دراسة لقياس مدى انتشار ظاهرة الطلاق في مصر، والتعرف على التباينات في مستويات الظاهرة بين محافظات الجمهورية، بالإضافة الى دراسة خصائص المطلقين وأنماط واتجاهات الطلاق.

وتوصلت الدراسة إلى أنّ نسبة الطلاق بين السكان بعمر 18 عاماً وما فوق وفقاً لتعداد 2017 تبلغ نحو 1.25 في المائة، وهي النسبة الأعلى على الإطلاق منذ أكثر من نصف قرن، وأنّ 82 في المائة من وقائع الطلاق كانت بينونة صغرى (أي تطليق الزوج للزوجة مع جواز الزواج منها مجدداً في العدة وبعدها)، كما أنّ أغلب أحكام الطلاق عام 2018 تمت بخلع النساء للرجال (دعوى ترفعها الزوجة في حالة عدم التراضي بينها وبين زوجها على الطلاق، وتتنازل بمقتضاها عن جميع حقوقها المالية الشرعية)، ووصلت إلى 84 في المائة، وهو ما يثير التساؤلات حول هذا الوضع.




وأشارت الدراسة إلى علاقة عكسية بين مدة الحياة الزوجية ونسب وقائع الطلاق، بمعنى أنّه كلّما طالت فترة الحياة الزوجية كلما انخفضت نسب الطلاق، وأظهرت الدراسة أنّ التوزيع النسبي وفقاً للحالات التعليمية المختلفة لعام 2018، يبين أنّ العدد الأكبر من وقائع الطلاق المسجلة في هذا العام كان بين من يحملون الشهادات المتوسطة، يليهم من يعرف القراءة والكتابة، ثم من يحملون الشهادات الجامعية وما يعادلها.

وشهد عام 2018 ارتفاعاً في نسب الطلاق في المناطق الحضرية، إذ وصلت إلى 57.5 في المائة، وفي الريف إلى 42.5 في المائة من المجموع العام. وارتفعت نسب الطلاق في الفئة العمرية ما بين 25 عاماً و29 عاماً، في العام 2018، إذ وصلت إلى 18.6 في المائة. وبحسب إحصاءات واردة من محاكم الأحوال الشخصية، فقد تخطت حالات الخلع 250 ألف حالة عام 2018، أي بزيادة 89 ألف حالة عن 2017.

وكشف مركز معلومات رئاسة مجلس الوزراء المصري أنّه خلال عام 2018، وصلت حالات الطلاق إلى مليون حالة بواقع حالة واحدة كلّ دقيقتين ونصف، وقد وصلت نسبة العنوسة بين الشبان والفتيات إلى 15 مليون حالة. ويقدّر عدد المطلقات بأكثر من 5.6 ملايين حالة على يد مأذون، ونتج عن ذلك عيش أكثر من 7 ملايين طفل في أسر مفككة أو حتى تشريدهم.

وحول ظاهرة ارتفاع نسبة الخلع بين السيدات، قال المركز المصري لحقوق المرأة إنّ السيدات المصريات يلجأن إليه بدلاً من الطلاق، كون دعوى الطلاق تستمر سنوات بينما دعوى الخلع لا تتطلب أكثر من أشهر. وأكدت رئيسة المركز، نهاد أبو القصمان، أنّ ارتفاع نسبة الخلع يعود إلى أسباب عدة، من بينها ارتفاع معدلات العنف الأسري، إذ تتعرض 1.5 مليون امرأة مصرية للعنف الأسري سنوياً، و70 في المائة من حالات العنف الأسري تعود إلى اعتداء الأزواج على زوجاتهم، و20 في المائة من الآباء تجاه بناتهم وأبنائهم، و10 في المائة بين الأشقاء. تشدد على أنّ السيدات المصريات بتن يتعاملن مع لقب مطلقة بشكل طبيعي، من دون أيّ خوف من مواجهة الآخرين، مشيرة إلى أنّ قضايا الخلع سبب رئيسي في زيادة نسبة الطلاق في مصر، إذ تلجأ كلّ زوجة لم تتمكن من الطلاق إلى البديل وهو الخلع.




بدورها، تقول الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة "عين شمس"، إنّ ارتفاع نسبة الخلع بهذه الطريقة، يعتبر مسألة انتقامية وصراعاً بين الزوجين، كما أنّ بعض السيدات ينظرن إلى الطلاق عبر الدوائر القضائية العادية الأخرى بأنّها مسألة طويلة، فيكون الخلع في هذه الحالة هو الحلّ الأسهل، مشيرة إلى أنّ هناك تهاوناً كبيراً من السيدات في المسائل المالية عند الزواج، من خلال الاتفاق على مؤخر صداق ومهر بقيمة منخفضة، وبالتالي التنازل عن هذه الأموال عند الخلع لا يمثل خسارة كبيرة للزوجة. تتابع أنّ قانون الخلع يسّر على الزوجة اللجوء إلى المحاكم للتطليق، فازدادت حالات الطلاق لدى محاكم الأسرة والأحوال الشخصية، وبالتالي أصبحت أغلب القضايا المرفوعة من الزوجات ضد الأزواج بالتطليق خلعاً تنتهي بالطلاق فعلاً. تضيف خضر أنّ نسب الطلاق في مصر ارتفعت خلال السنوات الماضية، حتى باتت من الأعلى عالمياً، معيدة ذلك لأسباب اقتصادية واجتماعية، فقد وصل الأمر إلى حدّ طلب الطلاق لتتمكن المرأة من الحصول على راتب والدها التقاعدي، أو تعويضات الضمان الاجتماعي.