لم يتردّد الطلاب الروس في مغادرة الدول العربية حيث يدرسون خشية تعليق السفر بين الدول، وخصوصاً أن الجامعات العربية انتقلت إلى التعليم عن بعد خشية تفشي فيروس كورونا، حتى أنهم سيحصلون على شهادات إلكترونية أو بالبريد
بعد تعليق الدراسة في جامعة قطر واعتماد نظام التعليم عن بعد كنتيجة لانتشار وباء كورونا، قررت الطالبة في مركز اللغة العربية للناطقين بغيرها التابع لكلية الآداب والعلوم، دينارا يانبيكوفا، العودة إلى موسكو قبل تعليق حركة السفر بين الدول نهائياً، ومتابعة عامها الدراسي من العاصمة الروسية موسكو.
وتتحدّث يانبيكوفا عن تجربتها لـ "العربي الجديد" قائلة: "في التاسع من مارس/ آذار الماضي، أعلنت إدارة المركز عن تعليق الدراسة بشكل مؤقت، بينما استمرت المحاضرات بواسطة منصة بلاك بورد الإلكترونية. لم تحدث حالة ذعر، لكن الوضع في ظل إغلاق المطارات بدا مزعجاً. قررت العودة إلى موسكو قبل فوات الأوان، خصوصاً أنّه لم يبق سوى شهر ونيف لانتهاء برنامجنا الدراسي، ولم تكن هناك ضرورة للبقاء في الدوحة لمواصلة الدراسة عن بعد. بالطبع، ازدادت أسعار بطاقات السفر، إلا أن هذا الأمر لم يكن مهماً في ظرف كهذا".
اقــرأ أيضاً
وحول الشعور الذي انتابها عند مغادرة الدوحة، تضيف: "شعرت بحزن كبير، إذ كنت أتصور عند سفري إلى الدوحة في أغسطس/ آب الماضي، سيناريوهات عدة، لكن الجائحة لم تكن من بينها، ولم تتسن لي حتى مقابلة الأساتذة لتوديعهم". وتشير إلى معاناتها من اكتئاب شديد أثناء خضوعها للحجر الصحي الاختياري في منزلها بعد العودة، "ولم أصدّق لفترة طويلة ما يجري في العالم وفي حياتي".
وإلى إجراءات مكافحة كورونا في قطر، تقول يانبيكوفا: "اعتمدت المطاعم على توصيل الطلبات، وأغلقت الحدائق والمراكز التجارية باستثناء متاجر الأغذية والصيدليات، ومُنع الطلاب من مغادرة سكنهم الجامعي تماماً، نقلنا إلى غرف تتسع لفرد واحد. غادرنا الدوحة الخالية من البشر وسط الالتزام التام بتدابير الوقاية، ووصلنا إلى موسكو النابضة بالحياة إلى درجة أنني ما كنت سألاحظ شيئاً غير اعتيادي لولا علمي بأرقام الإصابات من الأخبار".
وفي الوقت الحالي، وبعد استكمال الدراسة واجتياز الامتحانات عن بعد، تنتظر يانبيكوفا الحصول على شهادتها الإلكترونية ثم الأصلية بالبريد من جامعة قطر، آملة في انتهاء الجائحة وعودة الحياة إلى طبيعتها في أقرب وقت لمواصلة مسيرتها في إتقان لغة الضاد واستكشاف بلدان العالم العربي بمختلف جوانبها الثقافية والاجتماعية.
وبدأت أزمة كورونا حين كان نيكيتا غانجا، الطالب في السنة الرابعة في كلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، في المغرب، حيث كان يدرس في كلية العلوم السياسية في الجامعة الدولية للرباط. إلا أنه اضطر هو الآخر للعودة إلى روسيا قبل انتهاء الفصل الدراسي على متن رحلة إجلاء بالتنسيق مع البعثة الدبلوماسية الروسية.
وعن تجربته، يقول لـ "العربي الجديد": "منذ منتصف مارس/ آذار الماضي، بدأت الأحداث تتطور بوتيرة متسارعة، إذ اتخذت حكومات غالبية الدول خلال أقل من أسبوع قرارات بإغلاق الحدود وتطبيق إجراءات وقائية. وفي المغرب، تحولت الجامعات إلى نظام الدراسة عن بعد، مع السماح للطلاب الأجانب بالبقاء في السكن الجامعي".
وفي 16 مارس/ آذار الماضي، فوجئ غانجا وزملاؤه الوافدون بإغلاق المغرب مجاله الجوي ومغادرة آخر رحلة منتظمة من الدار البيضاء إلى موسكو، بينما ظل نحو 500 مواطن روسي عالقين في البلاد، بحسب أرقام السفارة الروسية.
ومنع الطلاب من مغادرة سكنهم، وكان يتم إحضار الطعام إلى غرفهم للحد من التحركات داخل المباني، وحدّد تاريخ 23 مارس/ آذار موعداً لإجلاء الرعايا الروس من مطار الدار البيضاء. وساعدت البعثة الدبلوماسية الروسية الطلاب من رعاياها في الوصول إليه من العاصمة الرباط، في ظل القيود المفروضة على حركة السفر بين المدن المغربية.
ويحكي غانجا عن فترة دراسته في المغرب. "ترك فيّ المغرب ذكريات جميلة، وساعدني تخصصي في الاستشراق في النظر إلى البلاد نظرة واسعة وتحقيق أقصى استفادة ممكنة والتنقل بين مدن عدة. كما أعجبت بمستوى الأساتذة في كلية العلوم السياسية وطريقة تعامل الجامعة مع الظروف الطارئة على المستوى الإداري".
بعد عودته إلى موسكو، تمكن غانجا من اجتياز بضعة امتحانات عن بعد، بما فيها امتحانا اللغة العربية واللهجة المغربية، ويترقب استلام شهادته مع بداية الصيف ومواصلة مسيرته في إتقان اللغة العربية بعد تخرجه.
في روسيا، يضطرّ دارسو اللغة العربية، شأنهم شأن الطلاب في مختلف التخصصات، إلى مواصلة دراستهم من منازلهم وسط فرض إجراءات عزل ذاتي مشددة لمنع انتشار الوباء، وما يساعدهم هو لجوء الجامعات والأساتذة إلى استخدام برامج وتطبيقات مثل "سكايب" و"زوم" وغيرهما.
اقــرأ أيضاً
يذكر أن روسيا تُعرَف تاريخياً بمدرسة استشراق عريقة تعود جذورها إلى الحقبة القيصرية، وقد تطوّرت في الفترة السوفييتية وسط تمدّد الاتحاد السوفييتي في مختلف بلدان الشرق الأوسط. ومع انفتاح روسيا على العالم العربي، بات في إمكان الدارسين في الجامعات الروسية السفر إلى الدول العربية لإحداث نقلة بمهاراتهم اللغوية والإلمام بالثقافة والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية لدول المنطقة. إلا أن أزمة كورونا ما كان لها أن تمر من دون أن تلقي بظلالها على دراستهم في بلدان العالم العربي هذا العام.
وحول الشعور الذي انتابها عند مغادرة الدوحة، تضيف: "شعرت بحزن كبير، إذ كنت أتصور عند سفري إلى الدوحة في أغسطس/ آب الماضي، سيناريوهات عدة، لكن الجائحة لم تكن من بينها، ولم تتسن لي حتى مقابلة الأساتذة لتوديعهم". وتشير إلى معاناتها من اكتئاب شديد أثناء خضوعها للحجر الصحي الاختياري في منزلها بعد العودة، "ولم أصدّق لفترة طويلة ما يجري في العالم وفي حياتي".
وإلى إجراءات مكافحة كورونا في قطر، تقول يانبيكوفا: "اعتمدت المطاعم على توصيل الطلبات، وأغلقت الحدائق والمراكز التجارية باستثناء متاجر الأغذية والصيدليات، ومُنع الطلاب من مغادرة سكنهم الجامعي تماماً، نقلنا إلى غرف تتسع لفرد واحد. غادرنا الدوحة الخالية من البشر وسط الالتزام التام بتدابير الوقاية، ووصلنا إلى موسكو النابضة بالحياة إلى درجة أنني ما كنت سألاحظ شيئاً غير اعتيادي لولا علمي بأرقام الإصابات من الأخبار".
وفي الوقت الحالي، وبعد استكمال الدراسة واجتياز الامتحانات عن بعد، تنتظر يانبيكوفا الحصول على شهادتها الإلكترونية ثم الأصلية بالبريد من جامعة قطر، آملة في انتهاء الجائحة وعودة الحياة إلى طبيعتها في أقرب وقت لمواصلة مسيرتها في إتقان لغة الضاد واستكشاف بلدان العالم العربي بمختلف جوانبها الثقافية والاجتماعية.
وبدأت أزمة كورونا حين كان نيكيتا غانجا، الطالب في السنة الرابعة في كلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، في المغرب، حيث كان يدرس في كلية العلوم السياسية في الجامعة الدولية للرباط. إلا أنه اضطر هو الآخر للعودة إلى روسيا قبل انتهاء الفصل الدراسي على متن رحلة إجلاء بالتنسيق مع البعثة الدبلوماسية الروسية.
وعن تجربته، يقول لـ "العربي الجديد": "منذ منتصف مارس/ آذار الماضي، بدأت الأحداث تتطور بوتيرة متسارعة، إذ اتخذت حكومات غالبية الدول خلال أقل من أسبوع قرارات بإغلاق الحدود وتطبيق إجراءات وقائية. وفي المغرب، تحولت الجامعات إلى نظام الدراسة عن بعد، مع السماح للطلاب الأجانب بالبقاء في السكن الجامعي".
وفي 16 مارس/ آذار الماضي، فوجئ غانجا وزملاؤه الوافدون بإغلاق المغرب مجاله الجوي ومغادرة آخر رحلة منتظمة من الدار البيضاء إلى موسكو، بينما ظل نحو 500 مواطن روسي عالقين في البلاد، بحسب أرقام السفارة الروسية.
ومنع الطلاب من مغادرة سكنهم، وكان يتم إحضار الطعام إلى غرفهم للحد من التحركات داخل المباني، وحدّد تاريخ 23 مارس/ آذار موعداً لإجلاء الرعايا الروس من مطار الدار البيضاء. وساعدت البعثة الدبلوماسية الروسية الطلاب من رعاياها في الوصول إليه من العاصمة الرباط، في ظل القيود المفروضة على حركة السفر بين المدن المغربية.
ويحكي غانجا عن فترة دراسته في المغرب. "ترك فيّ المغرب ذكريات جميلة، وساعدني تخصصي في الاستشراق في النظر إلى البلاد نظرة واسعة وتحقيق أقصى استفادة ممكنة والتنقل بين مدن عدة. كما أعجبت بمستوى الأساتذة في كلية العلوم السياسية وطريقة تعامل الجامعة مع الظروف الطارئة على المستوى الإداري".
بعد عودته إلى موسكو، تمكن غانجا من اجتياز بضعة امتحانات عن بعد، بما فيها امتحانا اللغة العربية واللهجة المغربية، ويترقب استلام شهادته مع بداية الصيف ومواصلة مسيرته في إتقان اللغة العربية بعد تخرجه.
في روسيا، يضطرّ دارسو اللغة العربية، شأنهم شأن الطلاب في مختلف التخصصات، إلى مواصلة دراستهم من منازلهم وسط فرض إجراءات عزل ذاتي مشددة لمنع انتشار الوباء، وما يساعدهم هو لجوء الجامعات والأساتذة إلى استخدام برامج وتطبيقات مثل "سكايب" و"زوم" وغيرهما.
يذكر أن روسيا تُعرَف تاريخياً بمدرسة استشراق عريقة تعود جذورها إلى الحقبة القيصرية، وقد تطوّرت في الفترة السوفييتية وسط تمدّد الاتحاد السوفييتي في مختلف بلدان الشرق الأوسط. ومع انفتاح روسيا على العالم العربي، بات في إمكان الدارسين في الجامعات الروسية السفر إلى الدول العربية لإحداث نقلة بمهاراتهم اللغوية والإلمام بالثقافة والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية لدول المنطقة. إلا أن أزمة كورونا ما كان لها أن تمر من دون أن تلقي بظلالها على دراستهم في بلدان العالم العربي هذا العام.