مصر: استغلال الامتحانات لإجبار الطلاب على التنازل عن الجزيرتين

02 يونيو 2016
نماذج من أسئلة الامتحانات (العربي الجديد)
+ الخط -
انضمت المؤسسة التعليمية في مصر إلى الحملة الرسمية بشأن جزيرتي تيران وصنافير، بعد تركيز إعلامي سياسي، وصدور أوامر سيادية بإتلاف أية وثائق رسمية تثبت مصرية الجزيرتين، فضلاً عن سلسلة من القمع بحق رافضي التنازل عن الجزيرتين.

ولجأ النظام إلى المؤسسة التعليمية المصرية فاستغل الامتحانات لتغيير قناعات طلاب الجامعات حول الجزيرتين، ليضعهم بين خيارين، إما الترصد والانتقام الجامعي، في حال إشارة الطالب إلى مصرية الجزيرتين، وإما تغيير معتقداته والاعتراف بأنها سعودية، ما تسبب بإدانات تربوية.

في امتحان مادة "الترجمة الإعلامية" لطلاب الفرقة الثانية بكلية الإعلام، جامعة الأزهر، طرح سؤال عن "تيران" و"صنافير"، وتحت عنوان "قصة الجزيرتين السعوديتين"، جاء في نص سؤال الترجمة من اللغة العربية إلى الإنكليزية "تؤكد كل الوثائق والمعاهدات والخطابات المتبادلة، بل ومحاضر جلسات الملوك والرؤساء منذ أيام الملك فاروق والملك عبدالعزيز مؤسس المملكة العربية السعودية، بل وكتب التاريخ، أن "جزيرتي تيران وصنافير ملك السعودية، بعد حرب 15 مايو 1948، وإنشاء دولة إسرائيل بقرار من الأمم المتحدة في شريط ضيق وسط فلسطين، ولكن بن جوريون (رئيس وزراء إسرائيل آنذاك)، كان يسعى للخروج من ذلك الشريط الضيق، وفي رأسه حلم من المحيط إلى الخليج، لذلك أرسل بعض عصاباته إلى الجزيرتين المهجورتين".

وأضاف النص: "هنا كانت لقاءات الملك فاروق بالملك عبدالعزيز في مكة وأنشاص، وقد وافق الملك فاروق في ذلك الاجتماع التاريخي على حماية الجزيرتين، مجرد مساعدة للشقيقة لصد أو طرد أي مستعمر يطمع فيهما، وكان ذلك في عام 1950".

واعتبر من وضع نص الامتحان أن "أكبر دليل على أن الجزيرتين ليستا ملك مصر، أن العصابات الصهيونية احتلتها فترة ليست بالقصيرة، ولم تتحرك مصر لتحريرهما إلا بعد أن طالبت السعودية بمساعدتها في استرداد السيادة، وطوال هذه المدة منذ عام 1950 إلى الآن هناك خطابات متبادلة بين الدولتين حول هذا الموضوع، خاصة بين وزيري الخارجية سعود الفيصل وعصمت عبدالمجيد تحت رعاية الأمم المتحدة".

وتكرر نفس المعنى خلال امتحان نهاية العام الدراسي لمادة "الرأي العام" للفرقة الثانية بكلية الإعلام جامعة القاهرة، فتضمن سؤالاً يطالب بتوضيح الأسباب التي جعلت قضية جزيرتي "تيران وصنافير" من القضايا التي جذبت انتباه الشعب المصري في الفترة الأخيرة واعتبارها قضية رأي عام، مع توضيح الخطاب الإعلامي لها في وسائل الإعلام المصرية.

كما وردت الإشارة إليهما في امتحان مادة "جغرافيا الوطن العربي"، لكلية التربية في جامعة الإسكندرية، على أنهما سعوديتان، وجاء نص السؤال كالتالي: "تناول بالشرح والتحليل موضحاً الإجابة بالخرائط اللازمة إن أمكن. أولاً: يعد جسر الملك سلمان الذي يربط بين كل من مصر والسعودية والذي يمر بالجزر السعودية صنافير وتيران، نقلة اقتصادية واستراتيجية هامة لمصر والسعودية".

انتقادات تربوية
وانتقد مغردون على "تويتر" وصفَ الجزيرتين بالسعوديتين على الرغم من أن مجلس النواب، لم يعتمد اتفاقية ترسيم الحدود الموقعة بين مصر والسعودية حتى الآن، وطالبوا بإجراء تحقيق شامل حول الواقعة لمنع تكرارها، مطالبين وزير التعليم العالي باتخاذ موقف حاسم.

وعلق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، سيف عبد الفتاح، على "تويتر": "تيران وصنافير "جزر سعودية" في امتحان جغرافيا بالإسكندرية. يعلمون أبناءنا التفريط في الأرض. مسخرة".
كما وجّه النائب البرلماني عن محافظة الاسكندرية، هيثم الحريري، انتقادات لوزير التعليم العالي بسبب الامتحان، الذي تم تقديمه للفرقة الثالثة بشعبة التاريخ كلية التربية جامعة الإسكندرية.

وكتب الحريري على "فيسبوك": "السيد وزير التعليم العالي. جزيرتا تيران وصنافير مصريتان طبقاً للدستور، وطبقاً لنص المادة 15 من الدستور. وذلك لحين الاستفتاء عليها من الشعب صاحب السيادة. هذا للعلم وشكراً".

واعتبر أستاذ العلوم السياسية، أحمد دراج، أن واقعة امتحان الطلاب وفرض رأي على الطلاب، تكشف عن عدة أشياء أولها قضية الانتماء واختلال المعايير عند بعض الأشخاص الذين من المفترض فيهم أنهم مسؤولون بالجامعات عن زرع الوطنية داخل الطلاب، كما تكشف عن ميل البعض لاستغلال وقت الامتحانات لترسيخ فكرة يتبنّاها بعض أساتذة الجامعات.

وأضاف دراج، في تصريحات أن فرض رأي شخصي من الأستاذ بامتحان يحدد مستقبل الطلاب نحو النجاح أو الرسوب، "لن يكون له أي أثر على تفكير وقناعات الطلاب، لأن إجابات الطلاب سوف تكون وفق قناعات الدكتور، إلا أن ذلك لن يغير قناعاتهم الشخصية، لأن الجامعة لم تعلمه أن يكون صاحب رأي أو لديه ثقة بمدرسه، وإنما علمته أن يكون صدى للمدرس"، لافتاً إلى أن الإجابات سوف تكون بهدف الحصول على الشهادة لا أكثر، إلا أن الأمر أكبر من ذلك لأن تداعيات ما يفعله الأساتذة سوف تكون ذات أثر مستقبلاً.

إلى ذلك، دان المتحدث باسم "مؤتمر 31 مارس بالجامعات"، وائل كامل، الأمرَ، معتبراً أن "أخلاقيات مهنة التدريس تقتضي ألا يتم تناول القضايا محل الجدل في الامتحانات إلا بعد التيقن من صحتها"، مشيراً إلى أن واقعة إلزام الطلاب برأي شخصي من المفترض أن يتم بسببها التحقيق مع من وضع الامتحان، وذلك إذا ما كانت الأمور تسير بوضعها الطبيعي.

وتم التوقيع على الاتفاقية التي تنص على أن جزيرتي تيران وصنافير تابعة للسعودية في 7 أبريل/نيسان 2016، وشهدت القاهرة، وعدة محافظات في 15 أبريل/نيسان، تظاهرات أطلق عليها اسم "جمعة الأرض هي العرض" لرفض "التنازل" عن الجزيرتين، بالإضافة لدعوات للتظاهر في "يوم الأرض" في 25 إبريل/نيسان الماضي، إلا أن الأمن تصدى للتظاهرات وألقى القبض على العشرات الذين أحيلوا إلى المحاكمات وعوقبوا بالحبس وبغرامات مشددة.

وتقع جزيرة "تيران"، فى مدخل مضيق تيران، الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، ويبعد 6 كم عن ساحل سيناء الشرقي، وتبلغ مساحة الجزيرة 80 كم مربع، أما "صنافير" فتقع بجوار تيران من ناحية الشرق، وتبلغ مساحتها حوالى 33 كم مربع، وهي جزر مصرية مثبتة في الوثائق التاريخية والخرائط المتواجدة في الأمم المتحدة وفي مصر والسعودية.

المساهمون