توفي خمسة عشر شخصاً في مخيم الركبان خلال 15 يوماً مضت، من جرّاء الظروف الإنسانية المتردية في المخيم، من نقص الرعاية الصحية وسوء التغذية وتفشي الأمراض، بحسب تقرير فريق منسّقي الاستجابة في سورية.
ويروي أحمد أبو مضر (37 عاما) لـ"العربي الجديد" كيف توفيت قريبته فائزة الشليل (59 عاما) بعد معاناة مع المرض. إذ كانت تشكو باستمرار من آلام في البطن وارتفاع في الحرارة، وراجعت النقطة الطبية التابعة للأمم المتحدة داخل الحدود الأردنية مرتين، وطالبتها بإدخالها لأحد المشافي في الأردن، بعد تشخيص إصابتها بالتهاب حاد في الكبد مع ارتفاع في حرارة جسمها، بالإضافة إلى فقدان الشهية. ولكن لم يأخذوا حالتها محمل الجد، وأعطوها القليل من الأدوية المسكنة للألم، بالإضافة إلى المضادات الحيوية.
ويضيف أبو مضر: "توفيت فائزة في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول ودفنت في المخيم، وكل المناشدات لإنقاذها باءت بالفشل ولم تلبِ أية جهة النداء، وأخطر ما يحصل في المخيم في هذه الأوقات هو حال النساء الحوامل، لأن الواقع الذي يعشنه يؤدي إلى وفاتهن مع أجنتهن، في حال احتجن تدخلا طبيا سريعا أو عمليات جراحية".
وناشد الناشط سعيد سيف عبر "العربي الجديد" المنظمات الإنسانية إنقاذ الطفل محمد خالد الوحيد الذي يعاني من التهاب حاد في الأمعاء، ويعيش مع أسرته الفقيرة، ووالده لا يستطيع تأمين الحليب له بسبب سعره المرتفع وندرة وجوده. وقال: "هناك عشرات الأطفال مثل محمد يعانون من نقص الحليب وهم بحالة سيئة كحاله، ونرجو من الأمم المتحدة أن تتدخل فورا لإنقاذهم، لأنهم على عتبة الموت بكل معنى الكلمة".
وبدأ نازحو مخيم الركبان في المنطقة منزوعة السلاح على الحدود السورية الأردنية اعتصاما صباح اليوم الأربعاء، دعت إليه الإدارة المدنية للمخيم في وقت سابق، بعد مناشداتهم المنظمات الدولية والإنسانية لحل الأزمة التي يعيشونها، من جراء منع النظام وصول المواد الغذائية إلى المخيم لليوم السابع على التوالي.
وسبقت الاعتصام مناشدات أطلقتها جهات مدنية عدة في المخيم للمنظمات الدولية بضرورة التدخل لإنقاذ المنكوبين داخل المخيم، فضلاً عن مطالبات بضرورة فتح الحدود الأردنية أمام الحالات الإنسانية الخطرة، بعد وفاة ثلاثة أطفال وامرأة من جراء سوء الأوضاع الإنسانية في المخيم. وجاء الاعتصام تحت عنوان "الركبان يلفظ أنفاسه الأخيرة فمن ينقذه؟".
وأوضح رئيس المجلس المحلي في مخيم الركبان، أبو أحمد درباس الخالدي، لـ"العربي الجديد": "إن المعتصمين هم أهالي المخيم والنشطاء المدنيين فيه، ومطالبهم هي فك الحصار المفروض على المخيم من قبل نظام الأسد والأردن، إضافة لإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إليه".
ووصفت لجين ياسين (38 عاما) لـ"العربي الجديد" الحياة في المخيم بأنها "كالحياة داخل منفى كبير يضم كل النازحين، فالمخيم معزول عن العالم عزلة شبه تامة، ولم يبق للأهالي سوى وسائل التواصل المتاحة لهم للتواصل مع ذويهم خارج المخيم، ونقل معاناتهم إلى العالم الخارجي".
وقالت ياسين: "موتنا أهون من رؤية أطفالنا بهذه الحالة المأساوية، يشكون الجوع ولا نجد إلا القليل من الطعام الذي يسدّ رمقهم في هذه الأيام، كما أن حليب الأطفال قطع عن المخيم، وفي الأيام المقبلة إذا بقيت الأمور على السوء ذاته قد نفقد كل شيء، فماذا نفعل حينها لنطعم الأطفال؟ هل سنقتطع من أجسادنا لنطعمهم أم نذهب إلى حواجز النظام والمليشيات الإيرانية فنعدم معاً رمياً برصاصهم، أو نقتاد نحن وأزواجنا إلى المعتقلات حيث يتم إذلالنا وقتلنا ببطء".
بدوره أوضح إبراهيم كسار لـ"العربي الجديد" أن "ما يجري الآن في المخيم من حصار وتجويع وترك النازحين لمصير مجهول مع تجاهل صرخاتهم ومعاناتهم، هو عملية لا أخلاقية يتحملها المجتمع الدولي بالدرجة الأولى، كونه يرفع شعارات حماية الإنسانية".
وأضاف: "أما نظام الأسد فهو نظام مجرم يريد إرضاخ الناس لسلطته بالقوة والتجويع، ويريد عودتهم قسراً لحكمه. هذا الأمر الذي يسعى له النظام في المخيم منذ وقت طويل ويعول الآن على أخذ النازحين فيه لأقصى حدود صبرهم وتحملهم ونقلهم لحافة الموت".
أما ياسر أبو مراد فقد أكد لـ"العربي الجديد" أن "نازحي المخيم قد يبدأون بأكل لحوم الحمير إذا دفعوا لذلك بسبب الحصار والمعاناة هنا"، قائلاً: "نتمنّى إيجاد حل ووضع حد لهذه المأساة التي يجبرنا نظام الأسد على أن نعيشها".