لم تكن الحرب والخلافات السياسية هي السبب في زيادة معاناة النازحين في محافظة مأرب، شمال شرقي اليمن، هذه المرّة. فما خلّفته السيول الناجمة عن الأمطار التي هطلت أخيراً على المحافظة، أكثر كارثية في نظر نازحين كثيرين. يصف رسام الكاريكاتير هلال المرقب ما تعرّضت له الأسر النازحة من جرّاء السيول بـ"الكارثة"، فهي تسبّبت بتشريد عدد كبير من تلك الأسر. ويحكي المرقب وهو أحد النازحين الذين استقرّوا في مأرب وتضرّروا أخيراً، أنّ "الرياح الرملية تكون عادة مقدّمة لهطول الأمطار في مأرب، لكنّها هذه المرة كانت شديدة جداً لدرجة أنّنا فقدنا الرؤية تماماً. وبعدها بدأت الأمطار الغزيرة بالهطول بطريقة لم تشهدها المدينة قطّ".
ويشير المرقب إلى أنّه "في أثناء هطول الأمطار، كنت في مقرّ عملي وهاتفتني زوجتي، لكنّني لم أستطع سماعها بسبب سوء الشبكة. فتوجّهت صوب المنزل مباشرة، غير أنّ السيول كانت قد عطّلت حركة السير تماماً وقسمت المدينة إلى ثلاثة أقسام ولم أستطع الوصول إلى المنزل". وعندما تمكّن من ذلك أخيراً، أخبره الجيران بأنّهم اصطحبوا زوجته وأطفاله قبل أن تصل المياه إلى منزله ويجرف ويتلف كلّ ما في داخله. ويقول المرقب: "ضاع كلّ شيء... الأثاث وأجهزة الإلكترونية. لكنّ أكثر ما أحزنني هو فقداني رسوماتي اليدوية"، لكنّه أكّد أن "سلامة أفراد أسرتي هوّنت عليّ مصيبتي". وقد اضطر المرقب إلى السكن في أحد فنادق المدينة بعد فقدان منزله، علماً أنّ محافظ مأرب أصدر قراراً بتكفّل السلطات المحلية بنفقات سكن كلّ العائلات المتضرّرة في الفنادق. وإذ يشير المرقب أنّ السلطات أعلنت أنّها ستصرف لكلّ أسرة مبلغاً مالياً لمساندة المتضرّرين، يؤكد أنّ تعاون الأهالي مع أمن مأرب لمساعدة المتضرّرين خفّف من الخسائر الناتجة عن السيول.
ويصف المرقب المشهد بعد توقّف الأمطار، قائلاً إنّ "المنازل المدمّرة كثيرة، لا سيّما تلك الواقعة في مناطق مجرى المياه"، لافتاً إلى فقدان أسرة نازحة بأكملها من جرّاء السيول. وعن أسباب تضرّر المنازل، يشرح المرقب أنّ "المخيّمات المنتشرة في محافظة مأرب مهدّدة دائماً حتى وإن لم تكن في نطاق مجرى مياه الأمطار. فالروضة حيث أسكن على سبيل المثال، مُخطّطة وفيها فنادق، لكن بحسب السكان الأصليين فإنها سمّيت الروضة لأنّ مياه الأمطار كانت تمرّ منها قبل زمن بعيد بسبب انخفاضها وبالتالي تتجمّع فيها السيول".
اقــرأ أيضاً
من جهته، يقول الصحافي والناشط الاجتماعي علي العقبي إنّ "الأمطار الغزيرة التي هطلت على محافظة مأرب، لم تشهد مثلها المدينة من قبل، وقد تضرّرت من جرّائها معظم مخيّمات النزوح، أبرزها مخيّمَي السويداء والميل الواقعَين في مجرى المياه". ويصف العقبي أوضاع النازحين بـ"الصعبة جداً" في ظلّ تجاهل الحكومة والمنظمات الدولية لأوضاعهم المتردية، مشيراً إلى أنّه "عندما زارهم وفد الحكومة برئاسة وزير الإدارة المحلية عبد الرقيب فتح، قبل كارثة الأمطار، لم يُقدّم لهم أيّ شيء". ويؤكد أنّ "المخيمات في المحافظة معظمها جرفتها السيول، وقد تركها النازحون وتوجّهوا إلى المدينة للمكوث عند أقارب ومعارف أو في صالات الأفراح والمناسبات". ويوضح العقبي أنّ "منطقة الروضة في مأرب تُعَدّ أكثر المناطق تضرّراً من السيول التي أتت من محافظة الجوف (شمال)، علماً أنّ من يسكنها بمعظمهم من النازحين سواء أكانوا في الخيام أو المنازل". ولا يغفل العقبي الإشارة إلى أنّ ثمّة سكان "بنوا منازلهم في مجرى السيول من دون إدراك خطورة هذا الأمر، على الرغم من تحذير السلطات لهم".
وعن الأضرار الناتجة عن السيول، يقول الناشط في المجال الإغاثي عبد الحميد عرامان إنّ "الأضرار التي تعرّض لها سكان الروضة ناجمة غالباً عن الرياح والبرَد المصاحب للأمطار الغزيرة، وهو ما تسبّب في تدمير خيام النازحين وتلف فرشهم وموادهم الغذائية. لكن من حسن الحظ أنّ المنازل في الحيّ متقاربة، الأمر الذي سهّل لجوء الأسر المتضررة إلى بيوت تلك التي سلمت والمبيت هناك". يضيف عرامان: "أمّا مخيّم السويداء، فقد جرف السيل أسرة نازحة تتألّف من أمّ وأطفالها الأربعة عندما لجأت إلى أحد الكهوف المحاذية لمجرى المياه"، مشيراً إلى أنّ "السيول جرفت كلّ خيام النازحين باستثناء تلك المثبّتة بقواعد إسمنتية، كذلك الأمر بالنسبة إلى مخيّم الميل".
في السياق، يقول رئيس مركز الإعلام الإنساني سليم خالد إنّ "النازحين في محافظة مأرب، خصوصاً الذين يقطنون الخيام وبيوت القش والصفيح، يعيشون وضعاً مأساوياً منذ أسابيع عدّة نتيجة اشتعال جبهات القتال في مديرية مجزر الواقعة عند أطراف محافظة مأرب ومديرية نهم التابعة لمحافظة صنعاء وعدد من مناطق محافظة الجوف". يضيف خالد أنّ "عدد تجمعات ومخيمات النازحين في أطراف محافظة بلغ 126 مخيماً، تتوزّع بمعظمها في مديريات المدينة ورغوان ومدغل وصرواح. ويقطن في هذه المخيمات نحو ثلاثين ألف أسرة. وأكبرها هو مخيّم الجفينة في مديرية المدينة الذي يضمّ ستّة آلاف أسرة نزحت من مختلف محافظات ومديريات البلاد"، مشيراً إلى أنّ "هذه الأسر تعتمد على المساعدات الإغاثية التي تقدمّها المنظمات المحلية والدولية". ويتابع أنّه "على الرغم من الحضور الكبير للمنظمات، ما زال النازحون يعانون نقصاً كبيراً في ما يتعلّق بالمأوى والغذاء والصحة والحماية والتعليم". ويشدّد خالد على أنّه "تقع اليوم على عاتق الجهات الرسمية والمنظمات الأهلية والدولية والقطاع الخاص مسؤولية كبيرة تجاه عشرات آلاف من النازحين الذين اختبروا حوادث وكوارث مريرة أرغمتهم على النزوح مرّتَين وثلاث مرّات، واليوم يجدون أنفسهم بلا مأوى ولا غذاء ولا حماية"، متابعاً أنّه "لا بدّ من تنسيق الجهود وتكامل الأدوار وتوجيه البرامج لخدمة هذه الفئة المنكوبة".
اقــرأ أيضاً
تجدر الإشارة إلى أنّ الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين قد أوضحت عبر موقع وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" أنّ نحو 6286 أسرة في محافظة مأرب تضرّرت من جرّاء السيول الغزيرة التي شهدتها المحافظة قبل أسبوع، مؤكّدة أنّ سبعة أشخاص لقوا حتفهم، منهم خمسة أطفال، فيما أصيب 550 شخصاً بأشكال مختلفة. وكانت محافظة مأرب قد استقبلت مئات آلاف اليمنيين الهاربين من الحرب من محافظات مختلفة. وبعدما كان عدد سكانها لا يتجاوز 348 ألف نسمة يقطنون في 477 قرية من ضمن 14 مديرية، تجاوز عدد السكان المليونَين في خلال السنوات القليلة الماضية.
ويصف المرقب المشهد بعد توقّف الأمطار، قائلاً إنّ "المنازل المدمّرة كثيرة، لا سيّما تلك الواقعة في مناطق مجرى المياه"، لافتاً إلى فقدان أسرة نازحة بأكملها من جرّاء السيول. وعن أسباب تضرّر المنازل، يشرح المرقب أنّ "المخيّمات المنتشرة في محافظة مأرب مهدّدة دائماً حتى وإن لم تكن في نطاق مجرى مياه الأمطار. فالروضة حيث أسكن على سبيل المثال، مُخطّطة وفيها فنادق، لكن بحسب السكان الأصليين فإنها سمّيت الروضة لأنّ مياه الأمطار كانت تمرّ منها قبل زمن بعيد بسبب انخفاضها وبالتالي تتجمّع فيها السيول".
من جهته، يقول الصحافي والناشط الاجتماعي علي العقبي إنّ "الأمطار الغزيرة التي هطلت على محافظة مأرب، لم تشهد مثلها المدينة من قبل، وقد تضرّرت من جرّائها معظم مخيّمات النزوح، أبرزها مخيّمَي السويداء والميل الواقعَين في مجرى المياه". ويصف العقبي أوضاع النازحين بـ"الصعبة جداً" في ظلّ تجاهل الحكومة والمنظمات الدولية لأوضاعهم المتردية، مشيراً إلى أنّه "عندما زارهم وفد الحكومة برئاسة وزير الإدارة المحلية عبد الرقيب فتح، قبل كارثة الأمطار، لم يُقدّم لهم أيّ شيء". ويؤكد أنّ "المخيمات في المحافظة معظمها جرفتها السيول، وقد تركها النازحون وتوجّهوا إلى المدينة للمكوث عند أقارب ومعارف أو في صالات الأفراح والمناسبات". ويوضح العقبي أنّ "منطقة الروضة في مأرب تُعَدّ أكثر المناطق تضرّراً من السيول التي أتت من محافظة الجوف (شمال)، علماً أنّ من يسكنها بمعظمهم من النازحين سواء أكانوا في الخيام أو المنازل". ولا يغفل العقبي الإشارة إلى أنّ ثمّة سكان "بنوا منازلهم في مجرى السيول من دون إدراك خطورة هذا الأمر، على الرغم من تحذير السلطات لهم".
وعن الأضرار الناتجة عن السيول، يقول الناشط في المجال الإغاثي عبد الحميد عرامان إنّ "الأضرار التي تعرّض لها سكان الروضة ناجمة غالباً عن الرياح والبرَد المصاحب للأمطار الغزيرة، وهو ما تسبّب في تدمير خيام النازحين وتلف فرشهم وموادهم الغذائية. لكن من حسن الحظ أنّ المنازل في الحيّ متقاربة، الأمر الذي سهّل لجوء الأسر المتضررة إلى بيوت تلك التي سلمت والمبيت هناك". يضيف عرامان: "أمّا مخيّم السويداء، فقد جرف السيل أسرة نازحة تتألّف من أمّ وأطفالها الأربعة عندما لجأت إلى أحد الكهوف المحاذية لمجرى المياه"، مشيراً إلى أنّ "السيول جرفت كلّ خيام النازحين باستثناء تلك المثبّتة بقواعد إسمنتية، كذلك الأمر بالنسبة إلى مخيّم الميل".
في السياق، يقول رئيس مركز الإعلام الإنساني سليم خالد إنّ "النازحين في محافظة مأرب، خصوصاً الذين يقطنون الخيام وبيوت القش والصفيح، يعيشون وضعاً مأساوياً منذ أسابيع عدّة نتيجة اشتعال جبهات القتال في مديرية مجزر الواقعة عند أطراف محافظة مأرب ومديرية نهم التابعة لمحافظة صنعاء وعدد من مناطق محافظة الجوف". يضيف خالد أنّ "عدد تجمعات ومخيمات النازحين في أطراف محافظة بلغ 126 مخيماً، تتوزّع بمعظمها في مديريات المدينة ورغوان ومدغل وصرواح. ويقطن في هذه المخيمات نحو ثلاثين ألف أسرة. وأكبرها هو مخيّم الجفينة في مديرية المدينة الذي يضمّ ستّة آلاف أسرة نزحت من مختلف محافظات ومديريات البلاد"، مشيراً إلى أنّ "هذه الأسر تعتمد على المساعدات الإغاثية التي تقدمّها المنظمات المحلية والدولية". ويتابع أنّه "على الرغم من الحضور الكبير للمنظمات، ما زال النازحون يعانون نقصاً كبيراً في ما يتعلّق بالمأوى والغذاء والصحة والحماية والتعليم". ويشدّد خالد على أنّه "تقع اليوم على عاتق الجهات الرسمية والمنظمات الأهلية والدولية والقطاع الخاص مسؤولية كبيرة تجاه عشرات آلاف من النازحين الذين اختبروا حوادث وكوارث مريرة أرغمتهم على النزوح مرّتَين وثلاث مرّات، واليوم يجدون أنفسهم بلا مأوى ولا غذاء ولا حماية"، متابعاً أنّه "لا بدّ من تنسيق الجهود وتكامل الأدوار وتوجيه البرامج لخدمة هذه الفئة المنكوبة".
تجدر الإشارة إلى أنّ الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين قد أوضحت عبر موقع وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" أنّ نحو 6286 أسرة في محافظة مأرب تضرّرت من جرّاء السيول الغزيرة التي شهدتها المحافظة قبل أسبوع، مؤكّدة أنّ سبعة أشخاص لقوا حتفهم، منهم خمسة أطفال، فيما أصيب 550 شخصاً بأشكال مختلفة. وكانت محافظة مأرب قد استقبلت مئات آلاف اليمنيين الهاربين من الحرب من محافظات مختلفة. وبعدما كان عدد سكانها لا يتجاوز 348 ألف نسمة يقطنون في 477 قرية من ضمن 14 مديرية، تجاوز عدد السكان المليونَين في خلال السنوات القليلة الماضية.