قرية "كوبر" المحاصرة.. مشاهد من وحدة الأهالي ضد عقوبات الاحتلال

27 يوليو 2017
يتضامن أهالي كوبر مع عائلة العبد (فيسبوك)
+ الخط -
رغم اعتقال نجله منير وزوجته السيدة ابتسام العبد، عقب اعتقال ابنه عمر جريحاً في 21 من يوليو/تموز الجاري، إثر تنفيذه عملية طعن أدت لمقتل ثلاثة مستوطنين في مستوطنة "حلميش" المقامة على أراضي الفلسطينيين في رام الله، إلا أن المواطن الفلسطيني عبد الجليل العبد من بلدة كوبر شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، يخفف عنه كل تلك المعاناة، تضامن أهالي قريته كوبر معه.

منذ اعتقال ابنه وأهالي كوبر لا يتركون عائلة الشاب العبد الذي شدد في وصيته على أن والديه وعائلته أمانة في رقاب المسلمين، فيما يشير والده في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن أهالي القرى والريف الفلسطيني يتضامنون مع بعضهم البعض، "أهالي قريتي كوبر لا يتركونني منذ اعتقال ابني عمر".

بعد أن أخطرت قوات الاحتلال شفويا عائلة العبد نيتها هدم منزلها وأخذت قياساته، انضم أهالي كوبر سوية لإخراج أثاث المنزل تحسبا لأي هدم قد يحدث، وأجبر الأهالي عبد الجليل العبد على النوم في منازل أخرى، لكنه أصر على العودة إلى منزله والمبيت فيه، وإن هدموا منزله فسوف يخرج حينها منه.

ويروي عبد الجليل العبد معاناته بعد إصابة ابنه عمر واعتقاله قائلا: "فجر السبت الماضي، بعد ساعات من اعتقال عمر، دهمت قوات الاحتلال منزلي وتعاملوا معنا بوحشية وشتمونا بألفاظ نابية وكبلوا وضربوا أولادي واحتجزونا جميعا في غرف منفصلة، وحققوا معنا جميعا بشكل ميداني عن حياة عمر وسألوني شخصيا سؤالا غبيا حول وجود سلاح في المنزل! ثم حطموا أثاث منزلي، وأخذوا قياساته تمهيدا لهدمه، ثم اعتقلوا ابني منير، وبعدها بيومين دهموا منزلي مرة أخرى وهدموا خيمة نقيمها لاستقبال الأهالي، ثم اعتقلوا زوجتي، ومن ثم تم تمديد اعتقالها بعد نقلها إلى سجن هشاورن".

ويؤكد العبد أن ما يمارسه الاحتلال بحق الفلسطينيين ومقدساتهم وأرضهم، هو السبب بما يحدث، "لقد كان عمر يريد أن يبني مستقبله كأي شاب مقبل على الحياة وهو خلوق وهادئ متزن، ولا علاقة له بأي تنظيم، لكن ما يحدث في الأقصى دفع ابني عمر لتنفيذ العملية، هم يحاربون داعش لكن ما يقوم به الاحتلال أسوأ مما يفعلونه".



مدير عام مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الفلسطينية الأسيرة التابع لجامعة القدس، فهد أبو الحج، أكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن معنويات أهالي كوبر عالية، ويقفون إلى جانب عائلة الشاب عمر، فإن هدموا منزلهم فإن الأهالي سيعيدون بناءه ولن يتركوا العائلة وحيدة أمام غطرسة الاحتلال.

منذ اعتقال عمر يدعم الأهالي عائلته (فيسبوك)



ولفت إلى أن وصية عمر كانت واضحة تماما فهو بقناعته يريد أن ينتصر للمسجد الأقصى وللمقدسيين، فكانت وصيته أن يلف بكوفية الرئيس الراحل ياسر عرفات، وأن يتم تعصيبه بعصبة كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس، وذلك كان له أثر أكبر في الوقوف إلى جانب العائلة، علاوة على أن وصية عمر بأن والديه وعائلته برقاب المسلمين في حال استشهد كان لها الأثر بوقوف الجميع إلى جانب العائلة.

يعاقب الأهالي جماعيا (فيسبوك)

حصار ودهم وسرقة المنازل

قوات الاحتلال الإسرائيلي وبعد ساعات على تنفيذ عمر عمليته في "حلميش"، تواصل إغلاق جميع مداخل كوبر بالسواتر الترابية، وتعاقب الأهالي عقابا جماعيا على فعل عمر، فتدهم المنازل وتخرب محتوياتها، واعتقلت بعض الشبان، وسرقت مبالغ مالية زهيدة جدا، وتستهدف خاصة منازل الأسرى والأسرى المحررين، وصادرت مركبة أحدهم، فيما يشير المواطن الفلسطيني خلدون البرغوثي، وهو أسير محرر وأحد سكان القرية، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن دناءة جنود الاحتلال وصلت إلى سرقة مبلغ (سبعون شيقلا، ما يعادل نحو 19 دولارًا) من أحد شبان القرية خلال اقتحامها للمنازل.

ويوضح أن الحصار ترك الأهالي في حالة من التوجس والقلق، وربما قد يدفع الكثيرين لعدم الذهاب إلى أعمالهم أو قضاء حاجياتهم، حتى لو فتح الشبان المداخل بعد خروج قوات الاحتلال، لكن الخشية من أن تعاود قوات الاحتلال وتقتحم القرية بعد خروج الأهالي إلى أعمالهم، ودهم المنازل أو إغلاق القرية مجددا وبعدها يصبحون عالقين ومشتتين عن منازلهم لحين فتح الطرق وانسحاب جيش الاحتلال من القرية مرة أخرى، ما يستدعي ضرورة تدخل المؤسسات الحقوقية للجم هذه العقوبات بحق الأهالي.

ويقول: أنا لا أذهب للعمل بمطعمي في رام الله، بسبب هذا الحصار، رغم وجود التزامات علي، في حين إنني خرجت لنقل أحد الأقرباء إلى المستشفى واضطررنا للذهاب لدى بعض الأقارب في رام الله حتى فتحت الطريق".

تستهدف منازل الأسرى (فيسبوك)


الأسير المحرر البرغوثي أكد أن الاحتلال يحاول أن يشعر الأهالي بالذنب لما فعله عمر رغم أن ما فعله عمر ردة فعل على أفعالهم، وأن هذه الممارسات تزيد الحقد، حينما يدهمون المنازل ويطلقوا قنابل الغاز ويخربوا محتويات المنازل، ويسرقون الأموال بدون ذنب سوى حب الانتقام، وكأنهم يعيشون في غابة وبطريقة بلطجية.


أما المحاضرة والأكاديمية في جامعة بيرزيت شمال رام الله، وداد البرغوثي، فتشير في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنها قلقة بشأن زيارة ابنها الأسير قسام البرغوثي في سجون الاحتلال، وربما قد لا تتمكن من زيارته بسبب الإغلاق، بينما ابنها كرمل لم يتمكن هو الآخر من الذهاب لعمله وكذلك زوجها عبد الكريم البرغوثي والذي لم يستطع الذهاب لعمله في رام الله.

وتشدد على أن إسرائيل في كل حدث تتعامل بأسلوب العقاب الجماعي بحق الأهالي، وهو ما يدل على أن العملية التي قام بها الشاب عمر العبد موجعة بالنسبة لهم، لذا هم يفرغون حقدهم في الأهالي، الذين لا زالوا يقفون وقفة إيجابية إلى جانب بعضهم البعض وهو ما يرفع المعنويات.

الشاب أكثم البرغوثي وهو شقيق الأسير إصرار البرغوثي، يتحدث لـ"العربي الجديد"، عن دهم منزل عائلته خلال اقتحام كوبر، ودهم العديد من منازل الأسرى والأسرى المحررين، حيث حاولت قوات الاحتلال مصادرة مركبته بحجة أن المركبة لشقيقه الأسير إصرار رغم وجود أوراق تثبت ملكيتها لأكثم، وحاولوا استفزاز العائلة من خلال محاولة التفتيش العاري من خلال مجندات في جيش الاحتلال للنساء في المنزل، علاوة على محاولة سرقة مبالغ مالية بسيطة جدا لا تتجاوز 100 دينار أردني، لولا مواجهتهم بأنها ليس لشقيقي الأسير، فيما خربوا بعض محتويات المنزل.

بدوره، اضظر لطفي عامرية إلى تعطيل عمله في مجال المقاولات بعد حصار كوبر، رغم وجود التزامات يومية عليه كمصاريف للعائلة، يؤكد لـ"العربي الجديد"، أنه رغم الحصار، لكن القلق اليومي من دخول جيش الاحتلال للقرية ينتابنا كما يسبب ذلك رعبا للأطفال والنساء.

عزات بدوان، رئيس المجلس لقروي لقرية كوبر، البالغ عدد سكانها نحو ستة آلاف نسمة وتقع في مساحة تقدر بنحو 13 ألف دونم، يؤكد لـ"العربي الجديد"، أنه برغم كل ما يفعله جيش الاحتلال بحق أهالي القرية، التي استشهد عدد من أبنائها على مدى سنوات الاحتلال وكذلك تم اعتقال الكثيرين "إلا أن معنويات الأهالي عالية، ويوجد تعاطف كبير جدا واحتضان لعائلة الشاب عمر العبد".