أفغان يتجنبون حفلات الزفاف

31 اغسطس 2019
الصالة بعد التفجير الانتحاري (هارون ساباوون/ الأناضول)
+ الخط -
قتل الشاب الأفغاني نجيب الله محمد إلياس في هجوم انتحاري نفذه تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، استهدف حفل زفاف في فندق "شهر دوبي" في العاصمة الأفغانية كابول، إضافة إلى نحو 80 آخرين، بتاريخ 17 أغسطس/ آب الجاري. لكنّه اشتهر بسبب انتحار زوجته التي دفنت إلى جوار زوجها بعد أقل من 24 ساعة على دفنه. ما حدث سلّط الضوء على الكثير من القصص المأساوية.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن أحد أقارب نجيب الله محمد إلياس قوله إن زوجة نجيب (27 عاماً) أصيبت بصدمة كبيرة بعد مقتل زوجها، وقد بدت في غيبوبة لا تسمع ولا ترى ما يجري من حولها. وبعد دفن زوجها، دخلت إلى غرفتها وشنقت نفسها بخمارها. يضيف أنها اختفت لفترة وجيزة عن الأنظار، ولمّا دخل الناس إلى غرفتها، وجدوها ميتة.

أما العريس ويدعى ميرويس علمي، فكان يجمع المال من خلال عمله في الخياطة في كابول من أجل الزواج بالفتاة التي يحبها، وهي قريبة الشابة التي انتحرت. وقد واجه مشاكل مالية كثيرة. إلا أن الثنائي نجح في تجاوز العقبات وحدّدا يوم حفل الزفاف. يقول ميرويس علمي لـ "العربي الجديد": "كنت أعمل مع زوجتي ليل نهار من أجل الزواج والالتزام بالأعراف والتقاليد. وكنا نحلم بأن نتمكّن من الزواج. وبمساعدة أقاربنا، تمكنا من حجز الفندق ودعوة الأقارب والأصدقاء وشراء ملابس الزواج وتجهيز المنصة وغيرها. لكن لم نكن نعلم أن مجزرة تعجز الكلمات عن وصفها كانت في انتظارنا".



يضيف: "كنا نحتفل، وكان لدي الكثير من الآمال والأحلام التي دفنت في تلك اللحظة. لم أكن أتخيل أنني قد أرى مشاهد مماثلة في حياتي. يوم زفافي، لم أفكر إلا في اللحظات السعيدة من حياتي، إلى أن حصل ما حصل. صحيح أنني نجوت وزوجتي جسدياً، لكننا قتلنا روحياً ونفسياً. بعد المجزرة، أغمي على زوجتي وهي ترتدي ملابس الزفاف. أما أنا، فكنت من بين الذين يلملمون أشلاء الأطفال والرجال، في وقت كانت النساء يصرخن". يقول ميرويس: "كنت أركض في كلّ الاتجاهات. وكانت النساء يصرخن خلال بحثهن عن أولادهن وأزواجهن. ما زلت أسمع صراخهن حتى اليوم. كيف أعيش مجدداً وقد فقدت أشقائي ودفنت العشرات من أقاربي. زوجتي شبه ميتة. لن ننسى ما حصل مهما شغلتنا الحياة".

ويقول محمد طاهر، أحد الناجين من الحادث، بسبب خروجه من الصالة ليستقبل أحد أصدقائه عند باب الفندق: "نجوت من الموت بأعجوبة علماً أنني كنت قريباً من الصالة. لو لم أخرج من الصالة لبعض الوقت لكنتُ من بين القتلى. ولو كان العريس في مكانه على المنصة، لكان أيضاً من بين القتلى. لكنه خرج إلى الغرفة الخاصة مع بعض الأقارب من أجل عقد الزواج ونجا".

ثمة شعور بالخوف لدى سكان كابول من جراء ما حدث. ويخشى كثيرون الحضور إلى الفنادق من أجل المشاركة في حفلات الزفاف. من جهة أخرى، خسر أصحاب الفنادق الكثير بسبب تراجع إقبال الناس عليها لإقامة الحفلات.



من جهته، يقول محمد حبيب، أحد سكان منطقة بروزه تيمني لـ "العربي الجديد": "لا نستطيع أن نضع أنفسنا في خطر. عرفنا بما حصل في حفل الزفاف. كيف لنا المشاركة في مثل هذه الحفلات؟". يضيف: "كانت هناك حفلة زفاف لأحد أقاربنا في فندق أرك الشهير. لو كانت الأمور كما في السابق، لشارك في الحفلة أكثر من ستة أشخاص من أسرتنا. لكنني ذهبت وزوجتي فقط، ولم أسمح لابني الذي أقلنا إلى الفندق أن يجلس في الحفلة خوفاً عليه، على غرار كثيرين". ويذكر حبيب أن صاحب تلك الحفلة دعا أكثر من ألف شخص إلى حفلة زفاف ابنه، لكن لم يحضر منهم إلا 300 شخص، ما يدل على مدى الخوف الذي يشعر به الناس، وتجنبهم المشاركة في حفلات الزفاف.