عراقيّون يتّجهون إلى القراءة في زمن الحجر المنزلي

03 ابريل 2020
فحص كورونا يدخل إلى منازل العراقيين (مرتضى السوداني/ الأناضول)
+ الخط -
أصبحت قراءة الكتب، الهواية الأكثر رواجاً لدى العراقيين للتغلّب على الفراغ الذي يخلّفه الحجر المنزلي المفروض عليهم مع انتشار فيروس كورونا الجديد. إذ وجد كثيرون في الفترة التي يقضونها في المنزل، فرصة لعودتهم إلى عالم الكتاب، في حين أنّ آخرين اكتشفوا متعة جديدة في المطالعة، التي لم تكن على لائحة اهتماماتهم من قبل.

يقدّم ناشطون وشخصيات معروفة في العراق، نصائح للمواطنين، حول كتب وأفلام سينمائية أو موسيقى وأغانٍ ينصحون بالاستعانة بها، لتمضية فترة الحجر المنزلي بشكل أفضل. ينصح الروائي أحمد سعداوي (صدر له عدد من الروايات، من بينها "فرانكشتاين في بغداد" الحائزة على جائزة "بوكر" عام 2014)، بقراءة رواياته، المتاحة على الإنترنت، لقضاء الوقت في المنزل.

أمّا الكاتب رسلي المالكي، فنشر رابطين إلكترونيين لروايتيه "الانهيار" و"الدرك الأسفل من الجنة"، ونصح بقراءتهما خلال فترة الحجر المنزلي.



كذلك ينصح الناشط والإعلامي حسين علي، المعروف بـ"حسين تقريبا"، باستغلال الوقت في الحجر، سواء كان في المنزل أو في خيم ساحات التظاهر، بالقيام بعمل مفيد، كقراءة الكتب المؤجّلة أو "التعرّف على عالم الكتب لمن لا يقرأ أبداً". وينصح أيضاً بقراءة المقالات، التي اعتبرها بديلاً عن قراءة الكتب، وباستغلال الوقت في تعلّم اللغة الإنكليزية أو تطويرها، كما نصح بمتابعة الأفلام والمسلسلات، ومشاهدة ما هو مفيد على موقع "يوتيوب".

في المقابل، يعتبر عدد من هواة القراءة، أنّ جائحة كورونا دفعت بأبنائهم إلى التعرّف على المطالعة. وهو ما تعتبره أفنان رباح، التي تملك مكتبة تحوي ما يزيد على خمسمائة كتاب، ورثت أغلبها عن والدها "نصراً للثقافة". تقول لـ"العربي الجديد"، إنّ المطالعة لم تكن ضمن اهتمامات ولديها، على الرغم من كونهما متفوّقين في دراستهما وهما على أبواب التخرّج الجامعيّ. تضيف: "كان الحجر المنزلي، فرصة لكي يتعرّفا على مكتبتنا وعلى أهمية الكتب.

كانوا يعرفون أن مكتبتي تحتوي على كتب قيّمة، منها كتب ألّفها والدي الذي كان شاعراً مغموراً ومهتماً بالتاريخ العربي الحديث، لكنّهما يميلان إلى الرياضة ويستغلّان وقت فراغهما في ممارستها، مبتعدين عن الشأن الثقافي والمطالعة". تتابع: "نصحتهما بالقراءة حين رأيتهما ضَجِرين بسبب الحجر، فأصبحا يطالعان يومياً الآن".

يكثر الحديث على مواقع التواصل الاجتماعي، حول روايات نالت شهرة كبيرة، موضوعها الأوبئة. أبرزها، مثلاً "الجحيم" لدان براون، وهي تحوّلت إلى فيلم سينمائي، بنفس العنوان. وما أعاد الرغبة بقراءة هذا النوع من الروايات، هي فكرة أنّ فيروس كورونا، وباء تمّ تصنيعه في مختبرات سريّة. يقول فائز عطا (36 عاماً) إنّه قرأ رواية "الجحيم"، الكبيرة نسبياً، خلال ثلاثة أيام فقط. في حين أنّه لم يكن شغوفاً بالمطالعة من قبل. يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ السبب الذي دفعه للمطالعة هو: "ما قرأته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حول توقع كتّاب في رواياتهم، نشر البشر للأوبئة لأغراض سياسية. استعرت من جاري، الذي يملك مكتبة كبيرة، نسخة من رواية الجحيم. تعلّقت من خلالها بالمطالعة، ومنذ بدأ الحجر، قبل نحو ثلاثة أسابيع، أتممت قراءة روايتين، والآن أنا بصدد إنهاء الثالثة".

يدين كثيرون بالفضل لمثقّفين ينصحون باستغلال الوقت بفعل ما هو مفيد، سواء كانت المطالعة أو محاولة الكتابة أو الاستماع إلى الموسيقى أو تعلّم ما هو جديد. في هذا الشأن تقول نهاد فاضل، وهي طالبة جامعية، إنّها على الرغم من استماعها للأغاني، اكتشفت أنّها بعيدة جداً عن ما يسمّى بـ"الموسيقى الحقيقية". توضح لـ"العربي الجديد" أنّها تتابع الأغاني الشبابيّة، سريعة الإيقاع، لكنّ أحد الفنانين الشباب، الذي تتابعه على تويتر، نشر على حسابه مقطعاً موسيقياً مؤثراً، ونصح معه بالاستماع إلى مؤلفات موسيقيين كبار من أجانب وعرب. تتابع فاضل: "أصبحت أستمتع بالموسيقى الكلاسيكية التي عرّفتني أيضاً على مجموعة من أهم الأفلام الكلاسيكية، حتى صار ينقضي الوقت، في المنزل من دون أن أشعر بالملل".



ويتيح الإنترنت تحميل روابط الكتب ومشاهدة الأفلام والمسلسلات والمسرحيّات والمحاضرات المختلفة، وهو ما يجعل الحصول على الفائدة متاحاً بالمجان. يقول علي جميل، وهو تلميذ ثانوي، لـ"العربي الجديد" إنّه لم يعتد على المكوث في البيت، إذ يقضي معظم وقت فراغه في ممارسة كرة القدم، والخروج مع أصدقائه إلى الأماكن العامة. لكنّ الحجر أعاد ترتيب اهتماماته، إذ أخذ يطالع كتباً تتعلّق بتراث الشعوب، وبرامج تعلّم مهارات، مستغلاً نصائح قدّمها أحد مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي ممن يتابعهم.