روسيا نحو تشديد قوانين حمل السلاح

16 نوفمبر 2018
عاد الطلاب إلى المعهد (فاليري ماتيتسين/ Getty)
+ الخط -
منذ حادثة مقتل أكثر من 20 شخصاً من جراء إطلاق النار في معهد تقني في مدينة كيرتش الواقعة في شبه جزيرة القرم، والتي ضمّتها موسكو عام 2014، تتعالى في روسيا الأصوات المطالبة بتشديد قوانين تداول وحيازة السلاح للحيلولة دون تكرار الكوارث في المؤسسات التعليمية.

وفي الوقت الذي دعت فيه هيئة الحرس الروسي المعنية بالأمن الداخلي، إلى إلزام حائزي قطع من الأسلحة بإخطار الجهات المختصة بأي تنقلات تزيد عن ثلاثة أيام، بدأ مجلس الدوما (النواب) بمناقشة مشروع قانون يقضي برفع السن القانونية لحيازة الأسلحة من 18 إلى 21 عاماً.

وبحسب النائب الذي أحال مشروع القانون للمناقشة، فإن القانون بنسخته الحالية لا يضع في الحسبان خطر وقوع السلاح بين أيدي أشخاص يعانون من اضطرابات نفسية وآخرين لم يبلغوا "سن النضج الشخصي". مع ذلك، قلّل متخصّصون من فاعلية التعديلات القانونية المقترحة، معتبرين أن منع تكرار حادثة كيرتش يتطلب العمل على الوقاية من الانتهاكات والمتابعة النفسية للمراهقين وخفض سن المسؤولية الجنائية.




في هذا الإطار، يشير المعالج النفسي يفغيني إدزيكوفسكي إلى مجموعة من العوامل المؤدية لانتشار العنف بين المراهقين والشباب، وفي مقدمتها إفلات القاصرين من المسؤولية الجنائية، وما يترتب عليه من تداعيات مؤجلة، مؤكداً أن تشديد القانون لن يثني المرضى النفسيين عن أعمالهم. ويقول إدزيكوفسكي لـ "العربي الجديد": "الصعوبة الرئيسية في مواجهة الجرائم التي يرتكبها المراهقون هي شعورهم بالأمان والإفلات من العقاب حتى سن 16 عاماً، ثم يتم سجنهم لفترة طويلة وتدمر حياتهم وحياة عائلاتهم".

يضيف: "القانون له مهمتان: استعادة العدالة الاجتماعية وخلق مناخ مريح، لكنه لا يؤدي أي منهما. لا بد من التشديد التدريجي للمسؤولية حتى لا يسقط المراهقون بين 12 و16 عاماً من أيدي القانون".

ويقلّل المعالج النفسي من فاعلية تشديد قوانين تداول السلاح على المرضى النفسيين، قائلاً: "إذا كان الشخص يعاني من اضطراب عقلي، لن يردعه القانون. لكن يمكنه منع تطور مستوى الجريمة". يتابع: "الشخص الذي يعاني من اضطراب عقلي له منطق خاص به يتلخص في تجاوز مظاهر العنف التي يراها بمستوى أو مستويين. إذا كان يشهد في عالمه ضرباً فقط، لكان أقصى ما يقدم عليه هو طعن شخص أو شخصين بالسكين. يعني ذلك أنه يمكن خفض معدلات الجريمة بشكل عام عن طريق تطبيق المسؤولية التدريجية المتصاعدة بدءاً من سن 12 عاماً، ما سيقلل من النماذج لمحاكاتها، وسيأتي بنتائج ملموسة خلال عامين أو ثلاثة".

ويخلص إلى أنه لن يتسنى الحد من معدلات الجريمة على نحو كيفي وعلى مستوى استراتيجي إلا عن طريق زيادة رفاهية السكان بشكل عام، مشيراً إلى تفشي الجريمة بين الطبقات الأقل رخاء في العالم أجمع.

ووقعت حادثة كيرتش في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين نفذ طالب في الـ 18 من عمره يدعى فلاديسلاف روسلياكوف، عملية إطلاق النار بواسطة بندقية صيد، وفجر قنبلة يدوية الصنع في معهد تقني، ما أسفر عن مقتل 21 شخصاً وإصابة أكثر من 50 آخرين بجروح.

وأظهرت التحقيقات الجارية أن روسلياكوف بدأ التخطيط لجريمته منذ يناير/ كانون الثاني 2017، من خلال التدرّب على تفجير قنابل يدوية الصنع. وبحسب إحدى الروايات، قد يكون صنع القنبلة من مادة "تي إن تي" استخرجها من ذخيرة تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية.

أما بندقية الصيد التي نفذ عملية إطلاق النار بواسطتها، فحصل "قناص كيرتش" عليها بصورة مشروعة بعد حضوره دورة تدريبية مدتها ست ساعات حول التعامل الآمن مع السلاح، ليحصل في يوليو/ تموز الماضي على ترخيص رسمي لشراء سلاح. ويوم ارتكابه المجزرة، كان روسلياكوف يرتدي قميصاً (تي شيرت) أبيض كتب عليه الكراهية. وأظهرت كاميرات المراقبة أنه بدأ بإطلاق النار على المحيطين به بشكل عشوائي، ثم ترك حقيبة فيها قنبلة في المطعم، قبل أن ينتحر.

وفي الوقت الذي يحظر القانون الروسي على المدنيّين حيازة المسدسات وأسلحة آلية، يحق لكل مواطن روسي التقدم بطلب ترخيص حيازة أنواع أخرى من السلاح (مثل بندقية صيد) بمجرد تقديم شهادتين من طبيبي الأمراض النفسية وعلاج الإدمان من دون أي مراجعات جديدة لحالته النفسية والصحية في وقت لاحق، وهو أمر لم يعد يرضي الجهات المعنية.




وبحسب "جمعية عموم روسيا لحائزي الأسلحة المدنية"، يمكن تشديد إجراءات مراقبة حاملي الأسلحة من خلال تشكيل قاعدة بيانات خاصة بهم والتواصل مع أطباء علاج الإدمان، لإبلاغ الحرس الروسي في حال تغيّر أحوال أي منهم وضرورة مصادرة أسلحتهم إذا اقتضى الأمر.
المساهمون