عائلات مُشردة تفترش ساحة "السرايا" في غزة

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
28 مايو 2018
608DE5E2-BD0F-4276-A204-4C20BB43D635
+ الخط -
تفترش أسرة رامي شاهين أرض ساحة "السرايا" وسط مدينة غزة وإلى جانبها عدد من العائلات بدون مأوى. ونصبت الأسرة خيمة من القماش والنايلون بعد أن طردها المؤجر، لعدم قدرتها على الالتزام بسداد الإيجار نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

وطاولت الحالة المأساوية أربع عائلات جاور بعضها بعضاً في ساحة السرايا الواقعة في أحد أرقى أحياء قطاع غزة، عاكسة صورة متناقضة مع مظهر الخيام والأوضاع "غير الآدمية" للأسر فيها، دون أن تجد معاناتهم أي رد رسمي أو مؤسساتي، وفق ساكنيها.

ملامح العبوس كانت واضحة على وجوه كل من يقطن خيام النايلون وسط أجواء حارة، تزداد حرارتها مع دخول ساعات النهار واشتداد الشمس. ويجاور الخيم التي تحوي فرشا للنوم وملابس وحاجيات شخصية وأطعمة، حمام هو عبارة عن "وعاء بلاستيكي".

ويقول الأربعيني رامي شاهين (أبو أنس) لـ"العربي الجديد" ولديه زوجتان وعشرة أبناء، أنه يعيش داخل الخيمة منذ خمسة شهور، مضيفاً "أقمنا في البداية بخيمة عند مفترق أبو خضرة وسط مدينة غزة إلى أن طالبتنا البلدية بإخلاء المكان، فتوجهنا منذ نحو شهر إلى ساحة السرايا وسط أوضاع قاسية ولا تطاق".

أما عن سبب تواجده داخل الخيمة برفقة عائلته، فقال: "تراكم علينا الإيجار نتيجة عدم القدرة على السداد، ما دفع المؤجر إلى طردنا عدة مرات على الرغم من تدخل بعض الجهات، كما أنني مريض قلب وضغط وليس بإمكاني العمل لأوفر النقود وأدفع إيجار البيت".

ارتفاع الحرارة يزيد من صعوبة إقامتهم في العراء(عبد الحكيم أبو رياش) 




وأوضح شاهين أن أيا من الجهات الحكومية لم تتواصل معه لإنهاء معاناته، بخلاف بعض المؤسسات التي تقدم الأغذية والمعونات الإغاثية، وعروضاً لدفع بدل إيجار شهر أو شهرين. واعتبر أنها عروض غير مجدية، وطالب بتأمين قطعة أرض صغيرة و"كونتينر"(حاوية من الصفيح أو المعدن) لإغاثته هو وعائلته من التشرد، خصوصاً أنهم يتعرضون لمخاطر داخل تلك الخيام.

وعن تدبير أمورهم الحياتية وتجهيز الطعام، بيّنت زوجته أم أنس أنها تحضر الطعام على غاز صغير، وفي بعض الأحيان تتلقى الأسرة وجبات طعام جاهزة من متبرعين. وأضافت: "نرى يومياً مختلف أنواع الحشرات إلى جانب دخول الكلاب إلى الخيمة ليلاً".

لم يتلقوا أي مساعدة رسمية تحل أزمتهم(عبد الحكيم أبو رياش) 


ولا تختلف حالة المواطنة أم رامي الشولي وزوجها وابنها عن حالة جيرانهم. وأشارت إلى أنها لجأت هي وأسرتها لنصب خيمة في ساحة السرايا قبل نحو شهر بسبب عدم قدرتهم على سداد الإيجار، وأنها تعيش حياة مأساوية لا تليق بالحيوانات ولا يتوفر فيها أدنى مقومات العيش.

وأكدت أن أحداً من الجهات الرسمية والمؤسساتية في قطاع غزة لم يقدم لهم أية حلول مكتفين بزيارتهم في خيمهم. وطالبت الشولي بإغاثتهم وإنقاذهم من الأوضاع المأساوية التي تزداد صعوبتها مع درجات الحرارة المرتفعة.

عدم توفر مصادر دخل للأسر أوصل الاوضاع إلى ما هي عليه (عبد الحكيم أبو رياش) 




أما أحمد الجرجاوي من سكان منطقة البريج وسط قطاع غزة، الذي نصب بدوره خيمة من القماش إلى جانب جيرانه، وهو عاطل عن العمل منذ نحو سنة، ومتزوج ولديه أربعة أطفال، أوضح أن المؤجر طرد زوجته وأولاده من المنزل خلال فترة حبسه على ذمة مالية.

وقالت زوجته أم قصي الجرجاوي لـ"العربي الجديد": "الأيام تمر ثقيلة جداً ننام على الأوساخ ونستيقظ عليها، دون أن يلتفت إلينا أحد من صُناع القرار. أتمنى على الجهات المعنية الانتباه إلى معاناتنا المتفاقمة وإنقاذنا من الموت البطيء".
دلالات

ذات صلة

الصورة
تأمين أرغفة قليلة من الخبز يستغرق ساعات (عبد الرحيم الخطيب/ الأناضول)

مجتمع

إضافة إلى المعاناة الناتجة عن الحرب واستمرار القصف، يقضي الغزيون ساعات يومية في محاولة لتأمين الخبز والمياه لعائلاتهم النازحة، وسط صعوبة في التواصل مع بعضهم البعض والهرب من قصف قد يستهدفهم في أية لحظة
الصورة
دمرت الفيضانات أحياء كاملة في درنة (فرانس برس)

مجتمع

لكل ناجٍ من فيضانات درنة المروعة قصة، لكن قصص الناجين تشترك في وصف هول ما عايشوه خلال تدفق السيول عقب انفجار السد، وتكشف حجم مصابهم بعد فقدان عائلاتهم ومساكنهم، ومستقبلهم
الصورة
عالج مطعم "مذاق الموصل" مشاكل لنساء كثيرات (العربي الجديد)

مجتمع

تدير العراقية مهية أدهام (أم عماد)، البالغة 55 عاماً، مطعم "مذاق الموصل" لتجهيز المأكولات المميزة الخاصة بالمدينة، بعد تحريرها من تنظيم "داعش" عام 2017. ويضم هذا المطعم حالياً أكثر من 30 عاملة، غالبيتهن أرامل ومطلقات.
الصورة
عائلة مسلمة مائدة إفطار في رمضان (جاسمين مردان/ Getty)

مجتمع

يحذّر متخصّصون كثيرون، مع بداية الصوم، من "الأخطاء" التي تُرتكَب في ما خصّ الأغذية المستهلكة في هذا الشهر والتي تؤثّر سلباً على صحّتهم.