وبصرف النظر عن شدّة أعراض الإصابة بالفيروس التاجي بين الأطفال، فهناك جدل مستمر، حول مدى إمكانية نقلهم الفيروس إلى البالغين.
البروفيسور راسل فينر، من الكلية الملكية لطب الأطفال وصحّة الطفل، أكّد لصحيفة "تليغراف" البريطانية أنّه "لا يوجد حتى الآن أي دليل على تورّط الأطفال في نشر الفيروس أو نقله". وقال "أظهرت الدراسات على سبيل المثال، أنّ طفلًا في التاسعة من العمر أصيب بفيروس كورونا في فرنسا ولم ينقل الفيروس إلى أيّ شخص، على الرغم من اتصاله بـ 172 شخصاً. ووفق المعطيات، فإنّ هذا الولد، كان يقيم في منتجع للتزلّج في جبال الألب برفقة أصدقائه، وبالرغم من مروره على عدّة مدارس للتزلّج وهو مصاب بالفيروس، إلاّ أنّه لم يصب أحداً من البالغين بالفيروس، وهو ما يفتح النقاش جدياً حول إمكانية نقل الأطفال الفيروس للكبار".
وقال باحثون لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، في تقرير بعنوان:"هل ينقل الأطفال المصابون بالفيروس التاجي المرض إلى البالغين؟"، إنّ "هذه الأدلة تشير إلى أنّ ديناميكيات انتقال الفيروس من الأطفال إلى البالغين، ليست مؤكّدة"، لافتين إلى أنّ الدراسات لا تزال في مرحلة اكتشاف انتشار هذا الفيروس وتمدّده.
ويستند الباحثون في آرائهم إلى أنّ دراسات "التجمّعات العائلية المتعدّدة" في الصين تشير أيضًا إلى أنّه من غير المحتمل أن يكون الأطفال ناقلين للفيروس.
أمّا الدكتور ألاسدير مونرو، وهو زميل أبحاث سريرية في الأمراض المعدية لدى الأطفال في المملكة المتحدة، بالشراكة مع الكلية الملكية لطب الأطفال وصحة الطفل (RCPCH)، فلم يتوصّل في بحث أجراه إلى وجود أيّ دليل يقينيّ على تورّط الأطفال في انتقال الفيروس، وذكر أنّ "دور الأطفال في انتقال العدوى غير واضح".
وفي حديثه إلى صحيفة "ذا إندبندنت"، قال مونرو إنّ "الدراسات أظهرت أنّ الأطفال لديهم معدل هجوم أقل من البالغين، واحتمال اكتسابهم الفيروس أقلّ منهم".
اختلاف في الآراء
بالرغم من أنّ هذه الفرضية بنيت على دراسات عدّة، إلاّ أنّ أبحاثاً أخرى وجدت أنّ الأطفال يمكنهم نقل الفيروس؛ ففي سويسرا، وبعدما أعلنت السلطات في 29 أبريل/ نيسان أنّه من الآمن أن يحتضن الأطفال، دون سن العاشرة، أجدادهم، لأنّهم "لا ينقلون" الفيروس، أجرى عالم الفيروسات الألماني، كريستيان دروستن، دراسة بيّنت بأنّ الأطفال "قد يكونون معدِين مثل البالغين".
ووجد كريستيان دروستن، مدير معهد علم الفيروسات في مستشفى شاريتي في برلين، وزملاؤه أنّ مستويات الفيروس في الجهاز التنفسي، المسار الرئيسي الذي ينتقل من خلاله المرض، لا تبدو مختلفة بشكل كبير عبر الفئات العمرية. ونصحوا بالحذر في إعادة فتح المدارس ورياض الأطفال.
وقالت منظمة الصحة العالمية: "هناك حاجة للقيام بالمزيد من الأبحاث حول هذا الموضوع، للتأكّد من أنّ الأطفال ليسوا ناقلين للمرض. إذ أشار آدم فين، أستاذ طب الأطفال في جامعة بريستول ورئيس مجموعة الخبراء الاستشاريين التقنيين الأوروبيين لمنظمة الصحة العالمية، إلى أنّ كلّ ما نعرفه حقًا في هذه المرحلة، هو أنّه، مع وجود عدد قليل من الاستثناءات، يتأثّر الأطفال بشكل طفيف بهذه العدوى".
أما ماريا فان كيرخوف، عالمة الأوبئة في منظمة الصحّة العالمية، أكّدت بدورها أنّ دراسات الانتقال المنزلي، تشير في الوقت الحالي إلى أنّ الأطفال أقل نقلاً لعدوى الفيروس، لكن لا يوجد أي أثبات أو دليل ملموس على ذلك".
أعراض خفيفة
من جهة أخرى، أظهرت بيانات الأطفال الذين أصيبوا بفيروس كورونا في الصين، أنّ 13% من الإصابات المؤكّدة لم تظهر عليها أعراض، وعندما تمّ الجمع بين الحالات المؤكّدة وتلك المشتبه بها، ظهر أنّ ما يقارب ثلث الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و10 سنوات، لم تظهر عليهم أعراض المرض.
وبحسب مايك رايان، رئيس برنامج الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية، فإنّه من المحتمل أنه نظراً لأنّ الأطفال عادةً ما يصابون بحالات معتدلة من Covid-19، فإنّهم أقلّ نشراً للفيروس عن طريق السعال والعطس.
وقال الدكتور سيمون كلارك، الأستاذ المشارك في علم الأحياء الدقيقة بجامعة ريدينغ، لصحيفة "ذا إندبندنت"، إنّه من المهم اتخاذ الحذر بشأن انتقال الفيروس إلى البالغين عن طريق الأطفال، مؤكّداً أنّه حتى الآن لم نتوصّل إلى أدلّة كافية تتعلق بانتقال الفيروس، لكن من الصعب جداً التسليم بهذا المبدأ".