في ليبيا، لا سيّما في العاصمة طرابلس، أزمة نفايات تُضاف إلى أزمات أخرى كثيرة يعاني منها المواطنون، من قبيل الأغذية الفاسدة وانقطاع التيار الكهربائي في مختلف أنحاء البلاد
أصبحت أكوام النفايات مشهداً مألوفاً لدى سكان العاصمة الليبية طرابلس. ويقول أحد سكان حي زاوية الدهماني أكرم: "لم نعد نتضايق بسبب وجودها، ولا فائدة من تقديم الشكاوى. فلو بحثنا بين القمامة، لوجدنا أوراق الشكاوى مرمية بينها". في المقابل، يعزو مسؤولو الأجهزة المعنية بالنظافة والبيئة المشكلة إلى عدم حصول العمال على حقوقهم من قبل حكومات البلاد المتعاقبة.
في معظم أحياء العاصمة، اتّفق الأهالي على تخصيص أماكن معيّنة لتجميع القمامة فيها، بانتظار إزالتها من قبل عاملي النظافة، الذين قد يمرون بسياراتهم مرة في الأسبوع وأحياناً أكثر. ويشرح المسؤول في شركة الأشغال العامة، محسن الحوالي، أن إمكانات أجهزة الخدمات العامة في البلاد ما زالت ضعيفة جداً، وأقصى ما يمكنها القيام به هو جمعها ورميها في مكبات كبيرة على أطراف المدينة، ومن دون معالجة.
ويؤكد الحوالي أنّ عاصمة بحجم طرابلس يقطنها نحو مليوني نسمة لا يتوفر فيها إلا مكب رئيسي واحد في منطقة سيدي السائح إلى الجنوب الشرقي منها، موضحاً أن "مساحته تقدر بـ 100 هكتار، وقد خصصته حكومات عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي السابقة، ليكون مكباً لمدة ثلاثين عاماً، علماً أنه كان بعيداً عن المناطق السكنية. ومع مرور الوقت، ونتيجة التوسع العمراني، بدأ الناس يشكون بسبب الروائح المنبعثة، ما أدى إلى إغلاق المكب في عام 2012". يضيف: "في وقت لاحق، اتفق مع السكان على إعادة فتحه لفترة وجيزة إلى حين إيجاد مكب آخر، الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن. لذلك، نتوقع إغلاقه مجدداً وفي أية لحظة". وكانت وزارة الإسكان والمرافق قد أعلنت عند إغلاق المكب عن إمكانية تعرض المدينة لكارثة بيئية بسبب انتشار الروائح الكريهة والقوارض.
اقــرأ أيضاً
ويرى أنّ المشكلة تكمن في سوء التخطيط من قبل حكومات البلاد وعدم استجابتها لمطالب جهاز حماية البيئة، الذي قدم مقترحات للحكومة أكثر من مرة حول ضرورة اعتماد الطمر. ويؤكّد أن سكان منطقة سيدي السائح شاهدوا النيران تشتعل في المكب تلقائياً، ما يؤدي إلى انبعاث غازات سامة تشكل خطراً على صحة المواطن، إضافة إلى خطر انتشار القوارض والحشرات.
وعن إمكانيّة مواجهة أزمة النفايات بوسائل أخرى غير الطمر، يقول الحوالي إن في ليبيا معملاً لتدوير القمامة تابعاً لشركة فرنسية أنشئ في بداية ثمانينيات القرن الماضي، لكنّه توقّف بسبب خلافات القذافي السياسية مع فرنسا، ليشغّل مجدداً من قبل شركة محلية في عام 2000. وبات يُنتح أكثر من 500 طن من السماد العضوي يومياً. لكن جيران المصنع قدموا شكوى بسبب الروائح المنبعثة منه، فأوقف العمل فيه. ويلفت إلى معمل تدوير آخر دمر خلال الثورة في عام 2011.
وتُحمّل شركة الخدمات العامة حكومات ليبيا المتعاقبة والمنشغلة بالصراع على السلطة مسؤولية تراكم القمامة. ويقول المسؤول القانوني في الشركة، عادل أبو بكر: "دراساتنا تؤكّد أن العاصمة تحتاج إلى ما لا يقلّ عن خمسة آلاف عامل، فيما لا يوجد أكثر من ألفي عامل. كذلك، يجب توفير 500 سيارة نقل، ولا يوجد سوى مائة سيارة". ويرى أن "الأوضاع الأمنية أدت إلى تفاقم المشكلة، إذ لا يمكننا تسيير دوريات نقل في الليل بسبب عمليات السطو التي تتعرض لها الشركة من قبل العصابات، إضافة إلى قلة الوعي البيئي لدى المواطنين الذين لا يلتزمون بنقاط تجميع القمامة المحددة، ليرموها عشوائياً".
ويؤكد أن العمال لا يتقاضون رواتبهم منذ ستة أشهر، على الرغم من الاحتجاجات، ما أدى إلى تراكم القمامة في المدينة لأسابيع.
وعن البدائل، يوضح أن "الحكومات اتجهت إلى إعطاء الإذن للجهات الإدارية وجهاز حماية البيئة للتعاقد مع الشركات الخاصة التي تستعين بعمال أجانب، ما قد يساهم في سد بعض النقص لدينا". يضيف أن "معضلة عدم حصولها على مستحقاتها المالية يعرضها للتوقف في أحيان كثيرة، فنلجأ إلى التعاقد مع غيرها، ما قد يؤدي إلى تراكم الديون المستحقة". ويشير إلى أن غالبية الشركات الخاصة لم تعد ترغب في التعاقد بشكل رسمي بسبب المستحقات المالية. ويتحدث عن مشاكل أخرى تواجه هذه الشركات، منها تعرض عمالها للسطو والاعتداء وسرقة السيارات، مؤكداً أن التعاقد مع هذه الشركات مؤقت ولا يمكن أن يساهم في حلحلة المشكلة.
ويتفق الحوالي وأبو بكر على أن مشكلة القمامة بدأت تتحول إلى خطر كبير على صحة المواطنين، خصوصاً أن معظم الحلول جزئية، وتنص على نقلها إلى خارج المدينة، من دون العمل على معالجتها بشكل صحي. واليوم، أصبحت المكبات داخل مناطق سكنية، ما سيؤثر سلباً على حياة المواطنين على المدى القصير والبعيد.
اقــرأ أيضاً
أصبحت أكوام النفايات مشهداً مألوفاً لدى سكان العاصمة الليبية طرابلس. ويقول أحد سكان حي زاوية الدهماني أكرم: "لم نعد نتضايق بسبب وجودها، ولا فائدة من تقديم الشكاوى. فلو بحثنا بين القمامة، لوجدنا أوراق الشكاوى مرمية بينها". في المقابل، يعزو مسؤولو الأجهزة المعنية بالنظافة والبيئة المشكلة إلى عدم حصول العمال على حقوقهم من قبل حكومات البلاد المتعاقبة.
في معظم أحياء العاصمة، اتّفق الأهالي على تخصيص أماكن معيّنة لتجميع القمامة فيها، بانتظار إزالتها من قبل عاملي النظافة، الذين قد يمرون بسياراتهم مرة في الأسبوع وأحياناً أكثر. ويشرح المسؤول في شركة الأشغال العامة، محسن الحوالي، أن إمكانات أجهزة الخدمات العامة في البلاد ما زالت ضعيفة جداً، وأقصى ما يمكنها القيام به هو جمعها ورميها في مكبات كبيرة على أطراف المدينة، ومن دون معالجة.
ويؤكد الحوالي أنّ عاصمة بحجم طرابلس يقطنها نحو مليوني نسمة لا يتوفر فيها إلا مكب رئيسي واحد في منطقة سيدي السائح إلى الجنوب الشرقي منها، موضحاً أن "مساحته تقدر بـ 100 هكتار، وقد خصصته حكومات عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي السابقة، ليكون مكباً لمدة ثلاثين عاماً، علماً أنه كان بعيداً عن المناطق السكنية. ومع مرور الوقت، ونتيجة التوسع العمراني، بدأ الناس يشكون بسبب الروائح المنبعثة، ما أدى إلى إغلاق المكب في عام 2012". يضيف: "في وقت لاحق، اتفق مع السكان على إعادة فتحه لفترة وجيزة إلى حين إيجاد مكب آخر، الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن. لذلك، نتوقع إغلاقه مجدداً وفي أية لحظة". وكانت وزارة الإسكان والمرافق قد أعلنت عند إغلاق المكب عن إمكانية تعرض المدينة لكارثة بيئية بسبب انتشار الروائح الكريهة والقوارض.
وعن إمكانيّة مواجهة أزمة النفايات بوسائل أخرى غير الطمر، يقول الحوالي إن في ليبيا معملاً لتدوير القمامة تابعاً لشركة فرنسية أنشئ في بداية ثمانينيات القرن الماضي، لكنّه توقّف بسبب خلافات القذافي السياسية مع فرنسا، ليشغّل مجدداً من قبل شركة محلية في عام 2000. وبات يُنتح أكثر من 500 طن من السماد العضوي يومياً. لكن جيران المصنع قدموا شكوى بسبب الروائح المنبعثة منه، فأوقف العمل فيه. ويلفت إلى معمل تدوير آخر دمر خلال الثورة في عام 2011.
وتُحمّل شركة الخدمات العامة حكومات ليبيا المتعاقبة والمنشغلة بالصراع على السلطة مسؤولية تراكم القمامة. ويقول المسؤول القانوني في الشركة، عادل أبو بكر: "دراساتنا تؤكّد أن العاصمة تحتاج إلى ما لا يقلّ عن خمسة آلاف عامل، فيما لا يوجد أكثر من ألفي عامل. كذلك، يجب توفير 500 سيارة نقل، ولا يوجد سوى مائة سيارة". ويرى أن "الأوضاع الأمنية أدت إلى تفاقم المشكلة، إذ لا يمكننا تسيير دوريات نقل في الليل بسبب عمليات السطو التي تتعرض لها الشركة من قبل العصابات، إضافة إلى قلة الوعي البيئي لدى المواطنين الذين لا يلتزمون بنقاط تجميع القمامة المحددة، ليرموها عشوائياً".
ويؤكد أن العمال لا يتقاضون رواتبهم منذ ستة أشهر، على الرغم من الاحتجاجات، ما أدى إلى تراكم القمامة في المدينة لأسابيع.
وعن البدائل، يوضح أن "الحكومات اتجهت إلى إعطاء الإذن للجهات الإدارية وجهاز حماية البيئة للتعاقد مع الشركات الخاصة التي تستعين بعمال أجانب، ما قد يساهم في سد بعض النقص لدينا". يضيف أن "معضلة عدم حصولها على مستحقاتها المالية يعرضها للتوقف في أحيان كثيرة، فنلجأ إلى التعاقد مع غيرها، ما قد يؤدي إلى تراكم الديون المستحقة". ويشير إلى أن غالبية الشركات الخاصة لم تعد ترغب في التعاقد بشكل رسمي بسبب المستحقات المالية. ويتحدث عن مشاكل أخرى تواجه هذه الشركات، منها تعرض عمالها للسطو والاعتداء وسرقة السيارات، مؤكداً أن التعاقد مع هذه الشركات مؤقت ولا يمكن أن يساهم في حلحلة المشكلة.
ويتفق الحوالي وأبو بكر على أن مشكلة القمامة بدأت تتحول إلى خطر كبير على صحة المواطنين، خصوصاً أن معظم الحلول جزئية، وتنص على نقلها إلى خارج المدينة، من دون العمل على معالجتها بشكل صحي. واليوم، أصبحت المكبات داخل مناطق سكنية، ما سيؤثر سلباً على حياة المواطنين على المدى القصير والبعيد.