انتحار 13 طفلاً مصرياً في 3 أشهر

26 مارس 2019
حال الأطفال سيئة في مصر (Getty)
+ الخط -
سلّط انتحار طفلة لا تتجاوز 10 سنوات، في القاهرة الجديدة، التي تعتبر من أرقى الأحياء في العاصمة المصرية، الضوء على حالات انتحار الأطفال بعدد من المحافظات المصرية، والتي تتزايد. فعلى الرغم من صغر سنهم، أقدم هؤلاء الأطفال، وغيرهم ممن حاولوا الانتحار، على هذا الفعل، لأسباب عديدة من بينها الفقر والضغوط الاقتصادية والتفكك الأسري، وغياب كثير من أولياء الأمور عن المنازل بحثاً عن لقمة العيش، وغيرها من العوامل.

لم تكن طفلة "فيلا التجمع الخامس" بالقاهرة الجديدة، وهي في الصف السادس الابتدائي، التي أقدمت على الانتحار، السبت الماضي شنقاً بمنديل، الأولى خلال العام الجاري 2019، إذ سبقتها 12 حالة بواقع أربع حالات كلّ شهر، بخلاف محاولات الانتحار.




تحتل القاهرة الكبرى (القاهرة، الجيزة، القليوبية) المرتبة الأولى في انتحار الأطفال، ففي محافظة القاهرة وتحديداً في محلة السلام، أقدم تلميذ على الانتحار شنقاً، بسبب خلافات أسرية. وفي عين شمس، بالمحافظة نفسها، انتحر طفل بإلقاء نفسه من الطابق الثامن. وفي محافظة الجيزة، تحديداً في محلة البدرشين، انتحر فتى بالسم، نتيجة ظروف اقتصادية صعبة تمر بها عائلته. وفي بولاق الدكرور، بالجيزة، انتحر طفل شنقاً بسبب طلاق والديه، ورفض كلّ منهما استقباله، خصوصاً زوجة الأب، وزوج الأم. وفي صفط اللبن، بالمحافظة نفسها، انتحر طفل بالسمّ. وفي محافظة القليوبية، تحديداً محلة الخصوص، انتحر طفل شنقاً لخلافات أسرية. وفي طوخ، بالقليوبية أيضاً، انتحر طفل بتناول قرص مبيد حشري لعدم قدرة أهله على تحمل كلفة الدراسة.

وفي محافظة المنيا، بصعيد مصر، انتحر طفل شنقاً. وفي محافظة سوهاج بالصعيد أيضاً، شنق تلميذ إعدادي نفسه لمروره بأزمة نفسية، بسبب كثرة سفر والده إلى الخارج.

أما في محافظات الوجه البحري، فقد انتحرت تلميذة في الدقهلية، بإلقاء نفسها في إحدى الترع، ورجّحت أسرتها أنّها كانت تمرّ بظروف نفسية صعبة لعدم قدرتها على المذاكرة بالرغم من تفوقها. وفي الإسكندرية انتحر طفل داخل حجرته ليلاً بشنق نفسه بسبب خلاقات بين والديه وصلت إلى حدّ الطلاق. وفي محافظة كفر الشيخ عثر على جثة طفل، فتبين أنّه انتحر بسبب المشادات الكلامية المستمرة بين والديه.

كشف عدد من التقارير، أنّ انتحار الأطفال، أو محاولتهم الانتحار، مؤشر خطير، خصوصاً أنّه يأتي في إطار مشهد عام، لتزايد أعداد المنتحرين في مصر في مختلف الشرائح العمرية. ويعتبر أحد الباحثين في "المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة" أنّ انتحار 13 طفلاً خلال الربع الأول من العام الجاري مؤشر خطير، مشيراً إلى أنّ هناك المئات من الأطفال الذين يجري إنقاذ حياتهم شهرياً من الانتحار، وهؤلاء يأتون في المرتبة الثانية بعد الشباب في الانتحار أو محاولته. يشير إلى أنّ الضغوط الاقتصادية والفقر وحالات التفكك الأسري، وغياب الحوار داخل الأسرة، وانشغال الوالدين بزيادة الدخل والعمل في نوبات عدة، وغياب الخطة الإنجابية الواضحة، هي من الأسباب المؤدية بالأطفال إلى الانتحار أو محاولته. كذلك، فإنّ هذه الأسباب تؤدي إلى نتائج سلبية أخرى، بمعزل عن الانتحار، لعلّ أبرزها ازدياد أطفال الشوارع.

يوضح الباحث، أنّ الأطفال يمثلون ثلث تعداد مصر، ومن بينهم 9 ملايين يعيشون في حالة فقر، و8 ملايين معرضون للفقر، بخلاف أطفال الشوارع والأطفال الذين تضمّهم دور الرعاية. على هذا الأساس، يطالب الحكومة بدور فعّال، خصوصاً على صعيد التنشئة السليمة في المدارس، ورعاية الأطفال من خلال معالجة قضية أطفال الشوارع، التي تتحول إلى ظاهرة خطيرة تهدد الاستقرار الاجتماعي في مختلف المحافظات المصرية.




من جانبها، تقول أستاذة علم الاجتماع في جامعة "عين شمس"، الدكتورة سامية خضر، إنّ إقدام بعض الأطفال على الانتحار، نتيجة المشاكل الأسرية اليومية التي باتت تطفو على السطح مؤخراً، معظمها بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية، واتجاه بعض الأطفال إلى الألعاب الخطيرة، مؤكدة أنّ هناك أطفالاً يعيلون أسرهم، في ظلّ غياب الأب أو وفاته، وما يتحمله هؤلاء الأطفال من أعباء يومية يفوق طاقة الكبار، كما أنّها أعباء تحرمهم من التمتع بالحياة، ما قد يدفعهم إلى التفكير بالتخلص من كلّ هذه الأعباء بالانتحار، كونه أسهل الطرق. تضيف أنّ عدم اهتمام الحكومة المصرية، بالمرض النفسي وتجاهل علاجه بإنشاء مستشفيات حكومية، للكبار والصغار، خصوصاً بعد زيادة نسبة هذا المرض في القرى والمدن، وإقدام كثير من حامليه على الانتحار، يعتبر مشكلة خطيرة، فيما تتجاهل الحكومة الحلّ.