تداول عدد من النشطاء السياسيين المصريين رسالة من المعتقل المصري أحمد الخطيب، قبل نقله من مستشفى السجن إلى مستشفى الحميات.
والخطيب هو المعتقل المصري المريض بـ"الليشمانيا" النادر منذ ما يزيد عن 10 أشهر، وهو الداء الذي يدمر الأحشاء الداخلية للإنسان ومنها إلى الطحال والكبد ومحتويات الدم، فيسبب انعدام المناعة ويؤدي إلى الموت في نهاية المطاف.
وجاء في نص الرسالة: "قرأت ذات مرة عبارة تقول: انتقامنا الوحيد أن نروي ما حدث. ولسخرية القدر كانت العبارة لمعتقل مثلي، معذب بسجنه، لذلك سأخوض حربي الأخيرة كي أعلن أمام الحياة أنني لم أترك شيئًا إلا وفعلته، حتى وأنا على وشك الموت، كنت أقاتل.
أعرفكم بنفسي، اسمي أحمد الخطيب، فقط اثنين وعشرين عامًا من الحياة رأيت فيها ما يفوق هول أعماركم، لن أصف نفسي بالحسن، لن أطيل الأمر أكثر في الحديث عن أحلامي أو مستقبل انتظرته، سأكفيكم وأكفي نفسي العديد من الخيبات والألم.
سجنت ظلمًا لسبب لا أعلمه، تم إلقائي في حجرة متسخة في سجن يقهرني، حجرة لا تتجاوز العشرة أمتار، أصبحت فجأة مكانًا للنوم ولإعداد المفترض أن يكون طعامًا، وجزءًا آخر لقضاء الحاجة، على مرمى أنظار الجميع. لا مكان هنا للتأفف، لا مكان للشكوى ولا قول تبًا ما هذه القذارة. لا تسأل لماذا؟ ولا تطلب مكانا يتسع قليلًا عن تلك الحجرة، ولن أقول لتخرج من السجن.
— الشارع مباشر (@Alshar3_Mobsher) ١ أبريل، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
جدران الزنزانة الأربعة، في البداية تصبح عدوك الأول وبعد ذلك الصديق، حسبت عليها أيام عمري والذكرى، حفرت فيها أسماء من أحبهم وحفرت وجوههم في قلبي حتى لا أنسى، سجلت عدد الأيام واحدًا واحدًا، كنت أعلم أنني يجب أن أخرج، كنت لا أشك في ذلك، فأنا لم أفعل أي شيء.
تمضي الأيام، وشغلت الأرقام كل الجدران ونفدت المساحة ولم تنتهِ أيام سجني بعد. حريتي! قد نسيتها... أتساءل كيف كانت؟
مرة أخرى ألعن الجدران الأربعة، تواصل التضييق عليّ باستمرار وسحق روحي. أقسم لكم أنني حاربت حتى لا أنهزم، في كل ليلة كنت أجمع حطام روحي وجسدي من أثر القهر والظلم، وأضمد جراحي لأعلن للصباح القادم أنني سأستمر. لأنني يجب أن أخرج.
لم أخرج، أخشى كل شيء يخبرني أنني لن أخرج أيضًا. الزنزانة، وجوه أصدقائي المظلمة فيها، مرضي. آه، مرضي شأن آخر.
تخيل نفسك للحظة واحدة في مكان قذر لا يصلح للحياة، تصبّر نفسك كل يوم بأنك قد تخرج، وإذا بك تضعف، تشعر بالوهن والفتور، لا يستجيب أحد لطلبك بأن يزورك طبيب، وحينما يحدث يخبرونك أنك قد أصبت بالمرض اللعين، سرطان يأكل جسدك جزءًا جزءًا، وكأنه لم يكف أن يسلب السجن روحي.
حسبت أن الأمور ستنتهي عند هذا الحد. سيفتك بي ذلك الداء اللعين وأموت، لكن أصطدم بأنني أصبت بمرض أشد سوءًا وقسوة. كأن الأمر ليس سوى منافسة حول أي الأشياء تقتلك بألم أكثر، بجهد أقل.
من يأس ليأس، من ظلم لظلمة، ولا أدري كيف أخرج من هنا. لم يكن بوسعي تحطيم جدران سجني والفرار، والآن لم يعد بوسعي أن أحطم الألم والحزن من حول نفسي. ربما تكون تلك كلماتي الأخيرة، يخبرني كل شيء حولي أنني سأموت في كل لحظة، وحيدًا منسيًا، لذا قررت أن أحارب جولة أخرى وأكتب.
أخبروا أمي على وجه الخصوص أن السجن وإن أبلى جسدي، فإن وجهها المحفور في قلبي وذاكرتي لن يبلى ولا يفنى. أوصلوا السلام إلى من أحب، فقد سلبوا عيني رفاهية رؤيتهم. وادعوا لأجلي، وأدعو لكم".
وأحمد عبد الوهاب محمد الخطيب، طالب بالفرقة الثالثة كلية "التكنولوجيا الحيوية ـ جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا"، كان يُقيم بمحافظة المنوفية بدلتا مصر، ويعاني من الإهمال الطبي الشديد داخل مقر احتجازه، ما أدى لتضخم في الكبد والطحال وانخفاض في كرات الدم البيضاء، بحسب تقاريره الطبية، وطالب الأطباء بضرورة خضوعه لعملية زرع نخاع في مستشفى الأورام.