انقراض "أبو منجل الأصلع"

06 سبتمبر 2015
هل اختفى نهائياً من تدمر؟ (Getty)
+ الخط -

أبو منجل الأصلع، أو أبو منجل الناسك، هو طائر أسود، وجهه ورأسه غير مكسوين بالريش ولونهما أحمر، منقاره أحمر على شكل منجل، وطوله ما بين 70 و80 سنتمتراً. وعلى عكس أبناء فصيلته، هو طائر لا يخوض الطين، وكذلك يعيش في الأماكن العارية من النباتات أو شبه الصحراوية والصخرية غير بعيد عن مصدر الماء.

في المغرب ثلاث مستعمرات تضم 443 طائر أبو منجل. هناك هي قاطنة غير مهاجرة، وتلقى حماية فعالة. وفي تركيا مجموعة شبه أسيرة، تُترك في الخارج حتى يحين موعد الهجرة فتحجز في أقفاص كبيرة كي لا تتعود على الهجرات الموسمية. أما المجموعة الثالثة فتم اكتشافها في تدمر السورية عام 2002 وكانت مكونة من سبعة أفراد فقط تهاجر ربيعاً وخريفاً، من تدمر إلى باب المندب، فإثيوبيا، وبالعكس. وعليه فإنّ هذه المجموعة تحمل جينات وراثية مميزة وفريدة تمكنها من تحديد مسار الهجرة على مسافة 6500 كلم ذهاباً وإياباً. فهي تهاجر في الخريف جنوباً مروراً بالأردن والسعودية واليمن وأثيوبيا، ومن ثم تعود شمالاً في الربيع لتفرخ في تدمر مروراً بإريتريا فالسودان والسعودية والأردن.

عند اكتشاف المجموعة في تدمر، كانت مكونة من 6 أزواج. وفي الفترة بين عامي 2002 و2007، أنتجت الأزواج الثلاثة ثم الزوجان 24 فرخاً، غادرت منطقة التفريخ بنجاح. وفي الفترة بين عامي 2004 و2007 عاد إلى منطقة التفريخ 5 طيور يافعة غير ناضجة. عام 2008 أنتج الزوجان 4 أفراخ ماتت كلها. وفشل الموسم فشلاً كاملاً عام 2009. أما عام 2011 فلم يتبق سوى زوج واحد أنتج فرخين. ولم يفلح في ذلك عام 2012. وعام 2013 لم يعد إلى موقع التكاثر سوى طائر بالغ واحد وهو نفس الطائر المسمى، زنوبيا، تيمّناً بملكة تدمر، والذي اختفى في ربيع عام 2015 واختفت معه السلالة المهاجرة من طائر أبو منجل الأصلع.

يقال إنّ زنوبيا وضعت بيضة واحدة فقست في ما بعد، قبيل اختفائها من المنطقة. فهل ذهبت إلى منطقة أخرى في البادية السورية لتلتحق بمجموعة أخرى لم تكتشف بعد؟ أم أن أحدهم اصطادها فانقرضت مجموعة تدمر ولم يبق منها سوى اسمها بالحروف الهيروغليفية التي كتبها الفراعنة تحت رسمه؟

اضمحلال مجموعة أبو منجل في تدمر يعود حكماً لتصرفات الإنسان، التي أثرت عليه في أماكن تكاثره واصطادته على طريق هجرته وتلذذت بلحمه في أماكن إشتائه. وهذا حال 1100 نوع من الطيور المهددة بالانقراض في العالم حيث يعزى سبب تعرضها للخطر إلى فقدانها موائلها التي تدهورت أو تفتتت، وإلى الملوثات الكيميائية، التي تنتشر في كل مكان، وإلى الصيد الجائر المخالف للقوانين، وإلى تغير المناخ الذي يضرب الطيور ببعضها بعضاً على نحو لم نكن نفكر فيه البتة.

*اختصاصي في علم الطيور البرّيّة

اقرأ أيضاً: "شاهين إليونورا" في لبنان
المساهمون