العراق: خيام النازحين سلعة مربحة في سوق المليشيات

29 يونيو 2016
يتم استغلال وضع النازحين المأساوي (العربي الجديد)
+ الخط -

يحمل وسام بيده خيمة ابتاعها من أحد أسواق بغداد التجارية؛ قاصداً عائلة الأرملة أم نعيم التي نزحت مع أيتامها الخمسة من بلدة الفلوجة، ولم تتمكن من الحصول على خيمة أو كرفان داخل مخيم عامرية الفلوجة المركزي، عشرات العوائل النازحة مثل أم نعيم لم يحصلوا حتى على قطع من الورق المقوى يستظلون بها من الشمس الملتهبة، وحدها السماء كانت سقفهم، بعد أن تخلت الحكومة العراقية والمنظمات الدولية عن توفير أبسط احتياجاتهم.

محسنون في بغداد، يحاولون رأب الصدع رغم اتساعه، وذلك بتوفير الخيام لبعض العوائل الفقيرة النازحة من المعارك، لكن ما يقدمه هؤلاء المحسنون لا يتناسب مع الأعداد الكبيرة للنازحين الذين يزداد عددهم يوما بعد آخر، حسب فراس سعدون، نازح مقيم في مخيم البشائر الخاص بالناجين من مجزرة الصقلاوية.

وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن عوائل كثيرة من النازحين اضطرت فعلا لشراء الخيام بعد أن يئسوا من انتظار توفيرها من قبل الحكومة أو المنظمات التابعة إلى الأمم المتحدة، متسائلا في الوقت ذاته عن الأموال التي خصصت من ميزانية الدولة باسم النازحين، وعن مناشدات الإغاثة التي تطلقها المنظمات؛ بينما ما نعيشه من واقع مرير يختلف جذريا عن التصريحات والوعود التي يدلي بها المسؤولون عند زيارتهم المخيمات.

وبحسب الناشط المهتم بشؤون النازحين، خالد الحمداني، فإن "العديد من المحال التجارية في أسواق بغداد بدأت تنشط فيها حركة بيّع الخيام"، وأخذ بعض التجار بتوفير كميات كبيرة من الخيام وبأحجام مختلفة وأسعار مضاعفة ليصل سعر الخيمة الواحدة نحو 100 دولار بعدما كانت بنحو 50 دولارا فقط.

وأضاف لـ"العربي الجديد"، مع تزايد أعداد النازحين الفارين من المعارك وعدم توفير الحكومة العراقية الخيام لهم، على خلاف ما أعلنته قبل بدء الهجوم على بلدة الفلوجة، فقد انتعش سوق الخيام وارتفع سعرها ضعف ما كانت عليها، في إشارة واضحة إلى استغلال الحالة التي تعيشها العوائل النازحة.

أصبحت خيام النازحين سلعة مربحة (العربي الجديد) 


وأوضح المصدر نفسه، أنّ مقربين من مليشيات الحشد الشعبي، يقومون ببيع الخيام إلى النازحين أو من يبتاعها من المحسنين الذين يقومون بشرائها وتسليمها للعوائل النازحة، مستغلين بذلك حاجة النازحين إلى تلك الخيام وسيطرتهم على منافذ البيع، وعدم السماح لتجار غير تابعين لهم بيع الخيام في محالهم التجارية، دون أخذ نسبة من الأموال التي يجنيها التاجر من الكمية التي يبيعها.

واتهم الحمداني المليشيات برفع سعر الخيام والتنافس بين عناصر تلك المليشيات على نسبة الأرباح، خاصة أن بعض منافذ البيع على مقربة من معسكرات المخيمات.


ودعا الحمداني الحكومة العراقية والأمم المتحدة والمنظمات ذات العلاقة، للتدخل السريع أولا لتوفير احتياجات النازحين الإنسانية من الخيام، وإلى كل مستلزمات العوائل التي اجتمعت عليهم جميع أسباب المعاناة من حرب ونزوح وطقس حار ليفاجؤوا بغياب أبسط حقوقهم الإنسانية، خيمة يأوون إليها.


بدوره، أكد عضو بمجلس قضاء الفلوجة، محمد الدليمي لـ"العربي الجديد" انتعاش سوق الخيام بسبب عجز الحكومة والمنظمات الإنسانية واصفا ذلك بـ "وصمة العار" عليهم.

استغلال حاجة النازحين وظروفهم (العربي الجديد)


وأوضح أن " أشقاء وأصدقاء أفراد مليشيات الحشد الشعبي، هم من يبيع الخيام ويستغل الحالة المأساوية، ومن لا يدفع ينام بالعراء، مبينا أن الصورة تختصر وضع العراق ومبدأ اللادولة واللا قانون".


واستدرك موضحا "برنامج الصدمة هنا يتجلى على حقيقته"، في إشارة إلى برنامج رمضاني يصور ردود أفعال المواطنين على بعض الحالات السلبية.


ويفيد المجلس النرويجي للاجئين، بأن هذه الأزمة التي يعيشها النازحون، اقتضت إنشاء مخيمات جديدة بين ليلة وضحاها من دون أية مرافق، بينما ظل البعض خارج الخيم وبحاجة ماسة إلى المأوى والحماية.

وقدر المجلس عدد النازحين في مخيمات عامرية الفلوجة بنحو 62 ألفا، مما يجعل توفير المساعدات الإنسانية لهم أمراً غاية في الصعوبة.

في الوقت ذاته يؤكد مدير المجلس في العراق نصر مفلحي في تصريح صحافي، أن هناك عائلات تُركت لمواجهة العواصف الرملية والحرارة العالية، موضحاً أن هذه العائلات تشعر بأنه تم التخلي عنها وخيانتها. كما دعا مفلحي الحكومة العراقية والأمم المتحدة إلى العمل سوياً لإغاثة هذه العائلات فوراً.



المساهمون