مع دخول الهدنة يومها الرابع في شمال سورية، وبالرغم من الخروقات المحدودة، بدأ أعداد من النازحين وخصوصاً من أمضى منهم أشهراً في العراء وتحت شجر الزيتون، بالعودة إلى بلداتهم ومدنهم، ليواجههم أول العوائق وهو انتشار مخلفات الحرب من قنابل وقذائف، متعددة الأنواع والأشكال وغير المنفجرة، والتي تهدد حياة المدنيين ولا سيما الأطفال.
وقال أبو إبراهيم الديري، من نازحي ريف إدلب الجنوبي في حديث مع "العربي الجديد": "كنت أنتظر أن تتوقف المعارك بفارغ الصبر، أريد العودة بعائلتي إلى المنزل، ومهما كان وضع البيت فهو أفضل من الجلوس في العراء، وخاصة أننا دخلنا شهرنا الرابع في ظل أوضاع إنسانية في غاية السوء".
وأضاف: "حذرونا من وجود قنابل غير منفجرة نتيجة القصف الكثيف الذي كانت تتعرض له المنطقة، الكبار يمكن أن يكونوا منتبهين للأمر، لكن الأطفال قد يكونون معرضين للخطر، من جراء اللعب بأيّ جسم غريب بالقرب من المنزل أو في الأراضي الزراعية".
من جانبه، قال هاني قطيني نازح من خان شيخون بريف إدلب، في حديث مع "العربي الجديد": "لم نعد بعد إلى البلدة، إذ إن الوضع غير مطمئن، ولا يغيب الطيران عن أجوائها وأجواء البلدات المحيطة، كما أن رمايات بالقذائف لا تزال تنهمر عليها بين حين وآخر". وأضاف: "عودة النازحين إلى خان شيخون خجولة جداً مقارنة بباقي المناطق".
ومن جهته، قال ابن معرة النعمان بريف إدلب محمد المعراوي لـ"العربي الجديد": "على المستوى الأمني في مدينة معرة النعمان وريفها، بالإضافة إلى عموم ريف إدلب الجنوبي باستثناء بعض المدن هناك التزام تام بالهدنة من قبل النظام، لكن إلى اليوم هناك عودة خجولة للناس الذين نزحوا خلال العمليات، فما يزال لدى الناس مخاوف من تجدد القصف والمعارك".
ورأى أن "مخلفات الحرب موجودة بكثافة في كل مكان تعرض للقصف، وانشغال الدفاع المدني عن هذا الموضوع يعود لاهتمامه بإنقاذ الناس بالدرجة الأولى"، لافتاً إلى وجود "أنشطة توعوية محدودة من قبل الفعاليات المدنية للتحذير من خطر مخلفات الحرب، في حين يجب أن يكون هناك مجهود أكبر من قبل المجلس المحلي والدفاع المدني، لأن معرفة الناس بمخاطر مخلفات الحروب تبقى محدودة، وتقتصر فقط على عدم الاقتراب منها، فما بالك بالأطفال".
رئيس المجلس المحلي في كفرزيتا مدين خليل، قال في حديث مع "العربي الجديد": "تعرضنا لقصف شديد بمختلف أنواع الأسلحة المحرمة وغير المحرمة، ونحن نناشد أهالي كفرزيتا العائدين، أن لا يدخلوا بيوتهم قبل أن نرسل لهم لجنة الهندسة المختصة بتفكيك الألغام والتابعة للدفاع المدني، والتي تختص بالبحث وفك القنابل وخاصة التي تنفجر باللمس، وهي منتشرة بكثرة في البلدة وأراضيها الزراعية".
ولفت إلى أن "دور المجلس المحلي في العملية، هو توعية الأهالي وتحذيرهم من دخول المنازل أو لمس الأجسام الغربية، وخاصة أن البلدة شهدت وقوع حادثتين من جراء تلك القنابل، عام 2017 ما يجعل الناس متخوفة".
من جانبه، قال رئيس المكتب الإعلامي في المجلس المحلي في خان شيخون أبو شمس، لـ"العربي الجديد": "في المدينة انتشار مخلفات الحرب يتوزع من متوسط إلى خفيف، بسبب أن غالبية القنابل كانت تنفجر مسببة دماراً كبيراً".
ولفت إلى أن "المجلس الإعلامي نفذ خلال الأيام القلية الماضية حملة توعية بمخاطر مخلفات الحرب، التي استهدفت أهل المدينة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في حين يتم إخبار الدفاع المدني بوجود أي جسم غريب ليتعامل معه".
بدوره، قال قائد قطاع الدفاع المدني في معرة النعمان عبادة الزكرة لـ"العربي الجديد": "هناك وقف إطلاق نار جزئي، في حين تمت ملاحظة عودة كثيفة للنازحين في المعرة وريفها".
وأضاف: "في الحملة العسكرية الأخيرة تم استخدام مختلف أنواع الأسلحة، وهناك مخلفات كثيرة، ونحن نحاول توعية الأهالي بشأن طرق التعامل معها، عبر مختلف وسائل التواصل، وشباب الدفاع المدني يقومون بزيارة المناطق وتوعية العائدين بعدم لمس أي جسم غريب وإبلاغ أقرب مركز لهم بوجودها، إذ يوجد لدى الدفاع المدني فرق مختصة بإزالة الذخائر غير المنفجرة".