عطش في التحيتا اليمنية

01 نوفمبر 2018
معاناة للصغار والكبار (عيسى أحمد/ فرانس برس)
+ الخط -

يواجه آلاف اليمنيين من سكان التحيتا في محافظة الحديدة الساحلية، غربي اليمن، خطر العطش، جراء توقف مشروع المياه الذي يمد المدينة، منذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

يقول أبو محمد التهامي، أحد سكان المدينة، إنّ استمرار توقف ضخ المياه للمدينة ينذر بكارثة إنسانية وصحية، كبيرة يصعب تلافيها. يؤكد أنّ أهالي المدينة يعتمدون بالكامل على المشروع في الحصول على المياه، ولا يستطيعون شراءها، بسبب الوضع المعيشي الصعب للكثير منهم، واستمرار الحصار الخانق على المدينة وإغلاق المنافذ والطرقات الرئيسية والفرعية المؤدية إليها، من قبل الحوثيين، يفاقم من الكارثة، كما يقول.

كذلك، يصف، علي أهيف، الوضع الذي يعيشه الأهالي بـ"الكارثي ويستدعي التدخل العاجل من الحكومة الشرعية والمنظمات الإنسانية والإغاثية". يقول لـ"العربي الجديد": "انقطاع مياه المشروع عن المنازل بالتزامن مع زيادة كبيرة في أسعار المواد الغذائية، والحصار المفروض على المنطقة من قبل الحوثيين، كلّها أسباب فاقمت من معاناتنا. نحن نعيش حياة صعبة للغاية". يضيف أنّ أغلب سكان المديرية فقراء وغير قادرين على شراء المياه والغذاء والدواء بسبب ارتفاع الأسعار: "خسر معظم السكان مزارعهم وفقدوا أعمالهم جراء المعارك التي اندلعت في المدينة بين القوات الحكومية والحوثيين". يلفت إلى أنّ من يرغب في شراء مواد غذائية أو مياه عليه أن يذهب إلى مدينة الخوخة جنوب مدينة الحديدة، إذ يحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة مقابل أجور المواصلات والنقل التي تصل أحياناً إلى أكثر من 70 ألف ريال يمني (100 دولار أميركي) مقابل إيصال المواد إلى المدينة، ناهيك عن قيمة المواد الغذائية. يناشد أهيف، الحكومة الشرعية فك الحصار عن المدينة وتقديم الدعم اللازم للسكان من أجل العودة إلى منازلهم ومزارعهم.




بدورها، تنتظر أمة السلام محمد، إحدى المنظمات الدولية التي توفر المياه لهم في إحدى مديريات التحيتا مرة في الشهر. تقول لـ"العربي الجديد": "عادة ما تكفيني تلك المياه نحو أسبوعين، وبقية أيام الشهر يذهب أولادي لجلب المياه من قرية مجاورة كلّ يومين". تلفت إلى أنّ هذه المياه غير نظيفة وتتسبب لهم بإسهال بشكل مستمر.

في السياق، يقول الناشط في المجال الإنساني وأحد سكان المدينة، سمير أخضر، إنّ انقطاع مشروع المياه بصورة متكررة يشكل كارثة إنسانية على السكان الذين لا يملكون مصادر أخرى، بسبب سيطرة الحوثيين على المزارع وإغلاق جميع المنافذ والطرقات المؤدية إلى المدينة، وزرعهم عبوات ناسفة وألغاماً في الطرقات. يوضح أخضر أنّ القناصة يطلقون النار على أي شخص يحاول الاقتراب من المزارع التي تضم آبار المياه المحيطة بالمدينة. يؤكد أنّ السكان سابقاً كانوا يجلبون المياه من المزارع على ظهور الحمير ومن يملك سيارة يحمل خزان مياه عليها ويملأه من المضخات الخاصة بالمزارع القريبة من المدينة قبل سيطرة الحوثيين عليها.

يوضح أخضر، أنّ أكثر من 5 آلاف شخص في مدينة التحيتا وحدها يستفيدون من مشروع المياه العمومي "ولا مصادر أخرى للمياه في المنطقة باستثناء بعض الآبار التي يصعب على المدنيين الوصول إليها بسبب الحرب، ما يعني أنّ كارثة إنسانية بيئية صحية ستطاول آلاف السكان". حول المساعدات المقدمة من المنظمات الإغاثية والإنسانية لتوفير الوقود للمشروع، يلفت إلى أنّ المولدات الكهربائية الخاصة بضخ المياه، تحتاج إلى أربعة براميل ديزل كل 24 ساعة، يعني قرابة 800 لتر يومياً. ويؤكد أنّ حياة المدنيين مهددة بالموت أما بقصف الحوثيين على المدينة أو بانقطاع المياه لا سيما مع تدهور الوضع المعيشي للأسر، بسبب الحرب. ويشير أخضر إلى تدهور الوضع الصحي في المدينة باعتبارها إحدى نتائج عدم توافر المياه النظيفة وغياب الرعاية الصحية وقلة الإمكانات في المرافق الصحية، ما دفع بعض المواطنين إلى الذهاب للعلاج في مدينة الخوخة بالرغم من بعد المسافة. ويعاني غالبية سكان مديرية التحيتا، من الجوع وسوء التغذية وانتشار الأمراض والأوبئة.



في المجمل، لا تصل المياه إلى أغلب أحياء محافظة الحديدة، فتضطر أغلب الأسر إلى جلبه في أوعية بلاستيكية من مسافات طويلة مشياً أو على ظهر الحمير في ظل درجة حرارة عالية جداً. ويشكل الحصول على المياه الآمنة في اليمن تحدياً كبيراً للملايين من السكان إذ وصل عدد الأشخاص الذين لا يملكون فرص الوصول للمياه الآمنة وخدمات الصرف الصحي إلى أكثر من 16 مليون شخص بما في ذلك 11.6 مليون شخص في حاجة ماسة إلى هذه الخدمات وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، التي أكدت أنّ الأوضاع الصحية بمدينة الحديدة هي الأسوأ على مستوى اليمن.