"رفاق الليل"... مبادرة تونسية لمساعدة المشرّدين

09 ديسمبر 2019
بدأت المبادرة من طرف موظف مصرفي (فيسبوك)
+ الخط -
يقضي موظفون بمصرف في تونس، ليلهم في مرافقة المشردين في شوارع العاصمة، وتقديم المساعدة لهم عبر توزيع وجبات طعام، وملابس وأغطية توزع كل شتاء في مبادرة أطلقوا عليها اسم "رفاق الليل".

وبدأت هذه المبادرة من طرف موظفي أحد المصارف التونسية منذ ثلاثة أعوام، إذ يخرج هؤلاء المتطوعون ليلا لتوزيع وجبات العشاء على مشردين في عدد من أحياء العاصمة، يعدونها بأنفسهم أو بالتعاقد مع مطاعم انخرطت بدورها في حملاتهم الإنسانية لإطعام المشردين.

وتوفّر مبادرة "رفاق الليل" بحسب الشاذلي فارح، أحد موظفي البنك ما بين 60 و100 وجبة في الليلة الواحدة، مشيرا إلى أن الفكرة انطلقت منذ ثلاث سنوات عندما قرر هو وزملاء له الانخراط في عمل إنساني لفائدة من يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.

ويقول فارح لـ"العربي الجديد"، إن "مبادرة الإطعام انطلقت في سنتها الأولى بتوزيع وجبة واحدة أسبوعياً، قبل أن تتوسع في العام الثاني ليصبح عدد الوجبات المقدمة ثلاثة أيام في الأسبوع وتزيد هذا العام إلى 5 مرات".

وحول كيفية الحصول على التمويلات اللازمة لتوفير الطعام لهذه الفئة من التونسيين، يبيّن الشاذلي أن زملاءه المنخرطين في مبادرة الإطعام يتبرعون بمبالغ مالية شهرية تسمح بتغطية نفقات وجبات الطعام الساحنة، إضافة إلى ملابس وأغطية تقدم لأشخاص يعيشون في الشوارع بعد أن فقدوا السند العائلي أو قست عليهم الحياة.

ويسمح فائض النفقات التي يتبرع بها موظفو البنك شهرياً في اقتناء بعض الملابس والأغطية الصوفية التي توزع كل شتاء على الأشخاص المستهدفين بحملة التبرعات بحسب الشاذلي، الذي يؤكد حرص زملائه على استدامة المبادرة بعد أن ربطوا صداقات وتوطدت علاقتهم بالمشردين الذين يزورونهم ليلا.

تقديم الطعام للمشردين (فيسبوك)

ويكشف المتحدث عن معاناة كبيرة يعيشها المشردون بسبب نقص في دور الرعاية لهذه الفئة المهمة من المواطنين، مؤكدا أن من بينهم شيوخا ونساء وأطفالا "ينتظرون أن نتوقف عندهم ليحصلوا على وجبة طعام قد ينتظرونها طويلا بعد أن عجزوا عن توفيرها لضيق ذات اليد".

ويقول فارح، إنّ "للعاصمة في الليل وجها آخر يعاني فيه من لا مأوى لهم"، معتبرا أن المبادرات الإنسانية التي يقوم بها مواطنون قد تساهم في تحفيز الجهات الرسمية على القيام بواجبها تجاه هذه الشريحة من المواطنين.

المساهمة في مساعدة من لا مأوى لهم (فيسبوك)

ويساهم العديد من العوامل في ارتفاع عدد الذين لا مأوى لهم في شوارع تونس، من بينها تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع أسعار الإيجار، حيث يجدون في محطات النقل والحدائق العامة والمساجد بديلا عن السكن الذي افتقدوه.

وبالرغم من غياب إحصائيات رسمية حول موضوع المُشردين في تونس، فإن وزارة الشؤون الاجتماعية تسعى إلى مساعدتهم من خلال مراكز الإحاطة والتوجيه الاجتماعي. وقد أطلقت الوزارة في ديسمبر/كانون الأول 2015 آلية إغاثة اجتماعية للمشردين والعائلات دون دخل، وتقوم الآلية على تعبئة فريق للإغاثة الاجتماعية تجوب الشوارع خارج الأوقات الإدارية من الساعة السادسة مساءً إلى الخامسة صباحاً في إقليم تونس الكبرى، من أجل تقديم المساعدة لمن ليس لهم مأوى.

ويتكون الفريق من المختصين بعلم الاجتماع وعلم النفس ومساعد ممرض ومنقذ. يعمل هذا الفريق على تقديم المساعدة في حدود إمكانياته، من خلال التزويد بالملابس والأغذية والإسعافات الأولية وغيرها من الاحتياجات الأساسية.

دلالات