في العراق.. النساء يترأسن أسرهن

22 فبراير 2015
المجتمع العراقي بات أكثر قبولاً لعمل المرأة (Getty)
+ الخط -

بين مختلف الفئات العمرية والطبقات الاجتماعية والاختلافات المناطقية، تجد المرأة والفتاة العراقية نفسها في ميدان العمل، بعد أن تغيرت نظرة المجتمع ودرجة تقبله لخروجها إلى العمل أو الدراسة، فيما بقيت المرأة الريفية وحتى وقتنا الحالي تعمل في الحقول والمزارع، لتمثل بذلك اللبنة الأساسية في المجتمع الريفي.

ما طرأ على المجتمع العراقي من هجرة وتهجير وقتل، وغيرها من العوامل التي جعلته مجبرا على الرضوخ للأمر الواقع وتقبل الحالة الجديدة من عمل المرأة في مختلف الأعمال، التي لم تكن لتطأها سابقا، فأصبحت المرأة العاملة أهم ركيزة في الأسرة العراقية وهي التي تدير شؤون الأسرة من الألف إلى الياء، فهناك حالات لا بديل فيها عن ضرورة العمل بالنسبة إلى المرأة، خاصة بعد أن أصبحت المعيل الوحيد لأسرتها، بسبب غياب الزوج أو مرضه أو وفاته أو سفره أو حتى عجزه عن تدبير نفقات ومتطلبات العيش.

وفي ظل انعدام الأمن واستهداف الرجال بشكل مباشر بالاغتيالات والاعتقالات، وجدت أم أيمن نفسها تقف في محل زوجها لبيع الملابس، بعد أن اختطفته المليشيات ولا تعرف عنه شيئاً منذ شهور، بينما قامت بإخراج ابنها الشاب أيمن إلى خارج العراق، خوفاً عليه من بطش المليشيات.

وليس ببعيد عن أم أيمن، وجدت مجموعة من النسوة الأرامل أنفسهن مجبرات على العمل بعد مقتل أزواجهن وتركهن يُعلن أسرهن، الأمر الذي دفعهن إلى فتح معمل صغير لإنتاج المعجنات وتسويقها في المحال القريبة، وقد تحدثت إحداهن إلى "العربي الجديد" عن صعوبة التسويق وشراء اللوازم، وسط مجتمع وصفته بالذئاب البشرية، وقد بينت أم سرى (38 عاما) الصعوبة التي تواجهها عند خروجها لتسويق منتجات معملهن الصغير، فنظرة المجتمع إليها، وبخاصة أصحاب النفوس الضعيفة الذين لا يحترمون كونها أرملة تعمل على توفير لقمة العيش الحلال لأطفالها.

المرأة رئيسة الأسرة
القانونية نهال المحمود قالت لـ"العربي الجديد" إن نسبة 70 في المائة من النساء العراقيات معيلات ولسن عاملات، وبالأخص من تعمل في القطاع غير النظامي، فالعاملة تأخذ أجرة على عملها، بينما لا تجد أغلب النسوة اللواتي يعملن في محال أو مشاريع صغيرة ما

يقبضنه من مكافأة أو راتب على عملهن، بل إنهن يصرفن ما يكسبن على أسرهن وأطفالهن، وهذا يؤدي إلى حرمانهن من المكاسب التي تكفلها لهن التشريعات النافذة، والتي لا يمكن تطبيقها في هذا القطاع.

لذا يجب تفعيل القانون الذي يحمي القطاع الخاص وغير النظامي، وضمان إعطائهن التقاعد، خاصة أن القانون موجود، ولكنه يحتاج إلى تفعيل أو العمل به، وأضافت أن المرأة العاملة أو المعيلة بحاجة ماسة إلى ذلك التقاعد، وبخاصة في المجتمعات الريفية التي تعمل بها المرأة دون أي ضمان لحقوقها، وبحسب المحمود، فإن نسبة الموظفات في دوائر الدولة العراقية تبلغ نحو 30 في المائة، بينما ارتفعت نسبة المرأة العاملة أو التي تترأس أسرتها إلى 70 في المائة.

إن مداخل العمل خارج البيت أخذت تزداد، وذلك لحاجة المجتمع إلى عمل المرأة من جانب الجهات التي كانت تستفيد من هذا العمل للحصول على الربح أو الاستفادة الآنية كإعالة أسرة، كما أن تفاقم أزمة العاطلين عن العمل زاد من عبء الأسر التي لديها خريجات، وبالتالي بات أمر الحصول على أعمال حرة أمرا ملحا أمام غلاء المعيشة والأسر التي تعاني من الفقر والعوز والتهجير.

 وتشير إحصاءات إلى أن هناك ستة ملايين عاطل من أصل 30 مليون نسمة، بحسب الأمم المتحدة، يشكل الشباب ما نسبته 75% منهم، الأمر الذي يتطلب توفير وظائف لمعادلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكل مقتضيات التطور اللاحق والتحولات الجذرية في نواحي الحياة وبذل أقصى الجهود من أجل تحقيق ذلك.

النساء مفضَّلات
وقالت مديرة منظمة "الأمل المشرق" شيماء الشيباني لـ"العربي الجديد" إننا نفضل توظيف النساء على توظيف الرجال، وذلك بسبب الوضع الأمني وخوف الشباب من الالتحاق بأي عمل قد يتسبب في نهاية حياتهم، كما أن بعض الشباب، وبعد إجادته وتمكنه من تخصصه، قد يضطر إلى ترك العمل في أي لحظة، مما يؤثر سلبا على سير عمل المنظمة.

وأضافت الشيباني أن الوضع المتردي جعل بعض العوائل تخشى من توظيف بناتها، مما تسبب في حرمان الكثير من الخريجات من العمل الذي هنّ في أمسّ الحاجة إليه، خاصة بعد أن فقدن الأمل في الحصول على وظيفة.

المساهمون