لم يعد الزواج وإنشاء أسرة أولويّة لدى العديد من الشباب في الكويت. وهؤلاء باتوا يولون أهمية أكبر للدراسة والتقدم في العمل، حتى أن كثيرين يقولون إنه لا وقت لديهم للزواج وتربية الأطفال. وللأمر علاقة بتطور المجتمعات
يشهد المجتمع الكويتي ارتفاعاً في معدل أعمار الشبان والشابات الذين يقدمون على الزواج لأسباب عدة. ويعزو عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت حمود القشعان الأمر إلى غلاء المهور وزيادة حجم الإنفاق على الأسرة، إضافة إلى تنامي "القرارات الفردية" والاستقلالية.
إلا أن الباحث الاجتماعي في جامعة الكويت خليل خالد، يقول لـ "العربي الجديد" إنه لا يجب خلق مشكلة غير موجودة، وجعلها عذراً لتأخر سن الزواج. "أعتقد أن مشكلة غلاء المهور والأعباء المعيشية غير موجودة هنا، وهي مجرد عذر يستخدمه الشباب". يضيف: "علينا العودة إلى الماضي القريب قليلاً. خلال العقود الأربعة الماضية، وبسبب انخفاض المستوى التعليمي والطموح لدى الأفراد، ووجود وفرة مالية نسبية بسبب اكتشاف النفط، كانت معدلات أعمار الزواج منخفضة (ما بين 15 و20 هاماً). لكن مع ارتفاع نسبة التعليم والوعي والتطور في المجتمع والانفتاح، باتت هناك أمور أهم من الزواج لدى الشبان والشابات".
اقــرأ أيضاً
يتابع خالد: "باتت العائلة في المرتبة الثانية أو الثالثة بعد العمل والمال والدراسة وغيرها. والانجاب لم يعد أولوية كما في السابق، وبات الأفراد أكثر ميلاً إلى الخيارات الفردية والزواج من دون إنجاب الأطفال بسبب تغيّر ثقافة المجتمع".
من جهته، يقول عبد العزيز محمد (31 عاماً)، الذي يدير مع شقيقه سلسلة مطاعم صغيرة، إن ارتفاع نسبة التعليم وزيادة التنافس في سوق العمل، والسعي إلى الاستقلالية والتميز في العمل، كلها عوامل تدفع الشباب إلى العزوف عن الزواج. يضيف لـ "العربي الجديد": "لا وقت لدي للزواج. في الصباح، أهتم أنا وشقيقي بشؤون الموظفين. وفي فترة ما بعد الظهر، نتابع سير عمل المطاعم. وفي المساء نرتاح أو نقوم ببعض الزيارات العائلية البسيطة. الأمر نفسه ينسحب على باقي الشباب".
وعن السبب الذي يدفعه مع آخرين لإرجاء التفكير بالزواج، يقول إنه "لا علاقة للوضع المادي بالأمر، بل الرغبة في تحقيق مجد شخصي. هذه الرغبة باتت أهم من الزواج الذي يعد من المقدسات في المجتمع الكويتي. حين كان والدي بعمري، كان لديه أربعة أبناء، كذلك أعمامي وأخوالي".
بشكل عام، لا يعاني الكويتيون من مصاعب مالية إذا ما أرادوا الزواج. وتمنح الحكومة الكويتية قرضاً قيمته 6000 دينار (نحو 19 ألف دولار أميركي) للمقبل على الزواج أول مرة، إضافة إلى بدل إيجار شهري 150 دينارا (نحو 500 دولار أميركي). يوسف عماد، وهو طالب دراسات عليا مبتعث في كندا، يقول لـ "العربي الجديد": "ليس لدى الكويتيين أية مشكلة مالية في الزواج مثل الدول العربية الأخرى. لكن العزوف عنه سببه عائد إلى الطموح والانشغال. منذ تخرجت من الجامعة، أتابع دراستي في الخارج. ليس لدي القدرة على تربية الأطفال بسبب انشغالي بالأبحاث والدراسات".
ولا يقتصر الأمر على الذكور علماً أنهم يتمتّعون بحرية أكبر من الإناث في مجتمع قبلي وعشائري مثل المجتمع الكويتي. وتفضل الفتيات إرجاء أو العزوف عن الزواج رغبة منهن في استكمال دراستهن، أو التفرغ لأعمالهن والتقدّم في العمل أو الشركات التي لا تفضّل ترقية المتزوجات.
وتقول سارة العتيبي، وهي مدرّسة في مدرسة ثانوية وتتابع دراسة الدكتوراه في اللغة العربية، لـ "العربي الجديد": "لا تملك المرأة في مجتمعنا ترف تأخير الزواج بشكل كامل. لذلك، فإنّ بلوغها سنّ 25 عاماً من دون زواج يعد أمراً خطيراً". وتوضح أن الدراسة قد تجعل المجتمع أكثر تقبلاً. إلا أن الفتاة التي لا تتابع دراستها عليها الزواج فوراً". تضيف: "أبلغ من العمر 28 عاماً، ولم أتزوج حتى الآن لأنني لم أجد شريكاً مناسباً، كما أنني أريد التفرغ لدراستي ووظيفتي. لكن حين كانت والدتي في مثل عمري، كانت متزوجة ولديها ثلاثة أبناء".
وبحسب دراسة أعدتها جامعة الكويت، فإن أكثر من 30 في المائة من الذكور الكويتيين لم يسبق لهم الزواج، في وقت تنخفض هذه النسبة إلى 19 في المائة لدى الإناث. كما ارتفع معدّل أعمار الكويتيين الذكور عند الزواج إلى 26 عاماً، بعدما كان 22 قبل 10 أعوام. وارتفع متوسط أعمار الإناث إلى 32 عاماً بعدما كان 19 عاماً.
ويرى أستاذ الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الكويت محمد العازمي: "تأخير سن الزواج يعد أمراً غير محرم في الشريعة الإسلامية لكنه مكروه وغير مستساغ". ويفصل العازمي، الذي يعمل أيضاً في دائرة إصلاح ذات البين المعنية بالحفاظ على العلاقات الأسرية في الكويت لـ "العربي الجديد": "يحترم الإسلام الخيارات الفردية، لكنه يرى في الوقت نفسه أن غاية خلق الإنسان هي إعمار الأرض وبناؤها وهو ما لا يحدث إلا بإنشاء العائلة".
اقــرأ أيضاً
في المقابل، تقول الناشطة في حقوق المرأة في الكويت شيخة العلي، لـ "العربي الجديد"، إن ارتفاع نسبة العزوف عن الزواج ترتبط بالخلل في منظومة الزواج داخل المجتمع الكويتي، ما يجعل الشباب والشابات يتخوفون منها، ويفضلون تأجيل الموضوع خوفاً من الطلاق. وفي أحيان كثيرة، يتم الزواج بناء على خيارات المجتمع.
يشهد المجتمع الكويتي ارتفاعاً في معدل أعمار الشبان والشابات الذين يقدمون على الزواج لأسباب عدة. ويعزو عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت حمود القشعان الأمر إلى غلاء المهور وزيادة حجم الإنفاق على الأسرة، إضافة إلى تنامي "القرارات الفردية" والاستقلالية.
إلا أن الباحث الاجتماعي في جامعة الكويت خليل خالد، يقول لـ "العربي الجديد" إنه لا يجب خلق مشكلة غير موجودة، وجعلها عذراً لتأخر سن الزواج. "أعتقد أن مشكلة غلاء المهور والأعباء المعيشية غير موجودة هنا، وهي مجرد عذر يستخدمه الشباب". يضيف: "علينا العودة إلى الماضي القريب قليلاً. خلال العقود الأربعة الماضية، وبسبب انخفاض المستوى التعليمي والطموح لدى الأفراد، ووجود وفرة مالية نسبية بسبب اكتشاف النفط، كانت معدلات أعمار الزواج منخفضة (ما بين 15 و20 هاماً). لكن مع ارتفاع نسبة التعليم والوعي والتطور في المجتمع والانفتاح، باتت هناك أمور أهم من الزواج لدى الشبان والشابات".
يتابع خالد: "باتت العائلة في المرتبة الثانية أو الثالثة بعد العمل والمال والدراسة وغيرها. والانجاب لم يعد أولوية كما في السابق، وبات الأفراد أكثر ميلاً إلى الخيارات الفردية والزواج من دون إنجاب الأطفال بسبب تغيّر ثقافة المجتمع".
من جهته، يقول عبد العزيز محمد (31 عاماً)، الذي يدير مع شقيقه سلسلة مطاعم صغيرة، إن ارتفاع نسبة التعليم وزيادة التنافس في سوق العمل، والسعي إلى الاستقلالية والتميز في العمل، كلها عوامل تدفع الشباب إلى العزوف عن الزواج. يضيف لـ "العربي الجديد": "لا وقت لدي للزواج. في الصباح، أهتم أنا وشقيقي بشؤون الموظفين. وفي فترة ما بعد الظهر، نتابع سير عمل المطاعم. وفي المساء نرتاح أو نقوم ببعض الزيارات العائلية البسيطة. الأمر نفسه ينسحب على باقي الشباب".
وعن السبب الذي يدفعه مع آخرين لإرجاء التفكير بالزواج، يقول إنه "لا علاقة للوضع المادي بالأمر، بل الرغبة في تحقيق مجد شخصي. هذه الرغبة باتت أهم من الزواج الذي يعد من المقدسات في المجتمع الكويتي. حين كان والدي بعمري، كان لديه أربعة أبناء، كذلك أعمامي وأخوالي".
بشكل عام، لا يعاني الكويتيون من مصاعب مالية إذا ما أرادوا الزواج. وتمنح الحكومة الكويتية قرضاً قيمته 6000 دينار (نحو 19 ألف دولار أميركي) للمقبل على الزواج أول مرة، إضافة إلى بدل إيجار شهري 150 دينارا (نحو 500 دولار أميركي). يوسف عماد، وهو طالب دراسات عليا مبتعث في كندا، يقول لـ "العربي الجديد": "ليس لدى الكويتيين أية مشكلة مالية في الزواج مثل الدول العربية الأخرى. لكن العزوف عنه سببه عائد إلى الطموح والانشغال. منذ تخرجت من الجامعة، أتابع دراستي في الخارج. ليس لدي القدرة على تربية الأطفال بسبب انشغالي بالأبحاث والدراسات".
ولا يقتصر الأمر على الذكور علماً أنهم يتمتّعون بحرية أكبر من الإناث في مجتمع قبلي وعشائري مثل المجتمع الكويتي. وتفضل الفتيات إرجاء أو العزوف عن الزواج رغبة منهن في استكمال دراستهن، أو التفرغ لأعمالهن والتقدّم في العمل أو الشركات التي لا تفضّل ترقية المتزوجات.
وتقول سارة العتيبي، وهي مدرّسة في مدرسة ثانوية وتتابع دراسة الدكتوراه في اللغة العربية، لـ "العربي الجديد": "لا تملك المرأة في مجتمعنا ترف تأخير الزواج بشكل كامل. لذلك، فإنّ بلوغها سنّ 25 عاماً من دون زواج يعد أمراً خطيراً". وتوضح أن الدراسة قد تجعل المجتمع أكثر تقبلاً. إلا أن الفتاة التي لا تتابع دراستها عليها الزواج فوراً". تضيف: "أبلغ من العمر 28 عاماً، ولم أتزوج حتى الآن لأنني لم أجد شريكاً مناسباً، كما أنني أريد التفرغ لدراستي ووظيفتي. لكن حين كانت والدتي في مثل عمري، كانت متزوجة ولديها ثلاثة أبناء".
وبحسب دراسة أعدتها جامعة الكويت، فإن أكثر من 30 في المائة من الذكور الكويتيين لم يسبق لهم الزواج، في وقت تنخفض هذه النسبة إلى 19 في المائة لدى الإناث. كما ارتفع معدّل أعمار الكويتيين الذكور عند الزواج إلى 26 عاماً، بعدما كان 22 قبل 10 أعوام. وارتفع متوسط أعمار الإناث إلى 32 عاماً بعدما كان 19 عاماً.
ويرى أستاذ الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الكويت محمد العازمي: "تأخير سن الزواج يعد أمراً غير محرم في الشريعة الإسلامية لكنه مكروه وغير مستساغ". ويفصل العازمي، الذي يعمل أيضاً في دائرة إصلاح ذات البين المعنية بالحفاظ على العلاقات الأسرية في الكويت لـ "العربي الجديد": "يحترم الإسلام الخيارات الفردية، لكنه يرى في الوقت نفسه أن غاية خلق الإنسان هي إعمار الأرض وبناؤها وهو ما لا يحدث إلا بإنشاء العائلة".
في المقابل، تقول الناشطة في حقوق المرأة في الكويت شيخة العلي، لـ "العربي الجديد"، إن ارتفاع نسبة العزوف عن الزواج ترتبط بالخلل في منظومة الزواج داخل المجتمع الكويتي، ما يجعل الشباب والشابات يتخوفون منها، ويفضلون تأجيل الموضوع خوفاً من الطلاق. وفي أحيان كثيرة، يتم الزواج بناء على خيارات المجتمع.