دعا خبراء اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي، لإعادة النظر في أنظمتها الاقتصادية بما يتفق والتحديات المعاصرة، وطالبوا بالتركيز على التداعيات المستقبلية لجائحة كورونا وهبوط أسعار النفط وسبل مواجهتها من خلال بناء اقتصاديات متطورة واكثر تنافسية، وتنويع مصادر الدخل.
وناقشت ندوة نظمتها جامعة قطر، عبر تقنية الاتصال المرئي، التبعات الاقتصادية والمالية لجائحة كورونا على العالم في المديين القصير والبعيد، وسبل مواجهة تلك التبعات، لا سيما في دول المنطقة.
وركز المتحدثون على طبيعة التحديات الاقتصادية التي تواجه دول العالم أجمع، ودول الخليج تحديدا، في ظل أزمة كورونا، والإجراءات الاقتصادية الراهنة لمواجهة تلك التحديات، والخطوات المطلوبة لبناء اقتصاديات مستدامة وأكثر صلابة ومتانة في وجه الأزمات من خلال رؤى واستراتيجيات تنموية تستجيب للتطلعات المستقبلية.
وقال المستشار الاقتصادي بالديوان الأميري في قطر، إبراهيم الإبراهيم، إن رؤية قطر الوطنية 2030 حققت العديد من المكاسب على صعيد التنمية المستدامة، ومكنت الدولة من الصمود في مواجهة التحديات التي شهدها العالم في العقد السابق، ويشهدها الآن في ظل أزمة فيروس كورونا.
وأشار إلى التبعات الاقتصادية الثقيلة للفيروس على دول العالم المتقدمة والصاعدة والنامية والأقل نموا، وباختلاف أنظمتها الاقتصادية، وقال إن "التبعات شملت كافة القطاعات الاقتصادية الصناعية والتجارية والزراعية والتجارة الخارجية والاستثمارات المباشرة والتدفقات المالية"، منبها إلى أن هذه التبعات ستكون متفاوتة بين دولة وأخرى بحسب قوتها الاقتصادية ومدى تنوع إيراداتها، وطبيعة هذا التنوع.
وأشار الإبراهيم إلى النتائج المترتبة على انهيار أسعار النفط على الاقتصاديات النفطية مثل دول مجلس التعاون، موضحا أن هذه الدول تلقت إنذارات عديدة آخرها كان في عام 2015 عند انخفاض أسعار النفط.
وأكد أن الوضع اليوم أشد وأكثر صعوبة مع أزمة كورونا، وأن "التغيرات في أسواق النفط ليست مرتبطة بأزمات خارجية، بل مرتبطة أيضا بالتغيرات ذات الصلة باكتشافات النفط الصخري في الولايات المتحدة، وتقنيات الاستخراج الجديدة، وهو ما يدعو للتنبه والحذر".
وأكد المستشار الاقتصادي على أن الظروف الراهنة تحتم على دول مجلس التعاون مواصلة مسيرة الإصلاحات عبر تطوير بدائل اقتصادية وتنويع مصادر الدخل، وترشيد الإنفاق، وصولا إلى تغييرات جذرية في أنظمتها الاقتصادية، مشيرا إلى أن التراخي عن هذه الإصلاحات سيكون على حساب الرفاه الاجتماعي وسيفاقم التحديات في النظام الاقتصادي القائم.
وفيما يتعلق بأسعار الغاز، أشار الإبراهيم إلى أنها تأثرت بأزمة كورونا وكذلك بالتطورات المرتبطة باكتشاف الغاز الصخري ودخول أستراليا في مجال الإنتاج وأيضا بدء روسيا تسييل الغاز"، لكنه أوضح أن تأثير أزمة كورونا على أسعار الغاز، على المدى القصير، هو بدرجة أقل عما حدث في أسواق النفط".
من جانبه، رأى المستشار بالمعهد العربي للتخطيط ومقره الكويت، بلقاسم العباس، أن تبعات كورونا على اقتصاديات الدول العربية ستكون كبيرة، لا سيما الدول الفقيرة والأقل نموا، فيما ستواجه الدول النفطية تحديات مختلفة.
وأفاد بأن التوقعات الاقتصادية تشير إلى أن هذه الدول ستشهد ارتفاعا في البطالة بين 3 إلى 4 بالمائة، وانخفاضا كبيرا في الإيرادات بسبب الإغلاقات الاقتصادية، وتراجعا كبيرا في القطاع السياحي، كما توقع أن تواجه بعضها مشاكل في سلسلة التوريد، مما يؤثر على المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية.
وفي ما يتعلق بالإجراءات الاقتصادية لمواجهة تبعات الجائحة، أوضح أن معظم الدول في المنطقة اتخذت إجراءات تتشابه إلى حد كبير، مع تفاوت يتعلق بالقدرات المالية والقوة الاقتصادية، لكنه نبه إلى أن هذه الإجراءات وقتية، وأن المطلوب هو التركيز على التداعيات المستقبلية وسبل مواجهتها من خلال بناء اقتصاديات متطورة واكثر تنافسية.
وعن الالتزامات القانونية في ظل أزمة كورونا، أوضحت العميدة المساعدة لشؤون البحث والدراسات العليا بكلية القانون بجامعة قطر، منى المرزوقي، أن هذه الأزمة أثرت على مختلف أنواع التعاقدات وفي مختلف القطاعات، وتوقعت ارتفاعا في المنازعات التجارية بسبب تداعيات كورونا.
ومن المقرر أن تعقد جامعة قطر ندوتين أخريين خلال الأسبوعين المقبلين، تركز الأولى على اضطراب التجارة العالمية والمحلية وانعكاساتها على اقتصاد دولة قطر، بينما تركز الثانية على تداعيات جائحة كورونا على أسواق المال والقطاع الخاص.