وقالت لاغارد في افتتاح المنتدى المالي العربي الثالث الذي ينظمه الصندوق بالشراكة مع صندوق النقد العربي في دبي إن سياسة الإيرادات وسياسة الإنفاق متكاملتان، وينبغي تقييمهما كحزمة واحدة لتحقيق أهداف المالية العامة والأهداف الاقتصادية والاجتماعية.
وأشارت مديرة الصندوق الدولي وفقا لكلمتها المنشورة على الموقع الرسمي للصندوق إلى أن الإنفاق يغلب عليه الارتفاع الكبير في المنطقة، وهو ما يَصْدُق على دول مجلس التعاون الخليجي بوجه خاص، حيث يبلغ الإنفاق مستوى أعلى بكثير من المتوسط السائد في الاقتصادات الصاعدة، ويقترب من 55% من إجمالي الناتج المحلي في بعض البلدان.
وشددت لاغارد على أنه لا يوجد ما يبرر الاستمرار في دعم الطاقة، حيث يمثل 4.5% من إجمالي الناتج المحلي في البلدان المصدرة للنفط و3% من إجمالي الناتج المحلي في البلدان المستوردة للنفط، رغم انخفاض أسعار النفط.
وأشارت إلى أن المنطقة حققت بداية واعدة فيما يتعلق بدعم الطاقة، لكنْ أمامها شوط طويل يتعين أن تقطعه، وخاصة عن طريق تحديد أسعار الوقود بعيداً عن الاعتبارات السياسية واستحداث آليات للتسعير التلقائي.
أما المجال الثاني الذي دعت لاغارد إلى ترشيد الإنفاق فيه فهو فاتورة أجور القطاع العام، الذي يتحمل تكاليف هائلة تؤثر على استدامة المالية العامة، والقدرة على إقامة قطاع خاص ديناميكي، وتحقيق الحوكمة الرشيدة، وفقا للاغارد .
وختمت لاغارد كلمتها بالتأكيد على أن "نمط الإنفاق الحالي لا يزال يفتقر إلى الكفاءة في مختلف القطاعات، بما في ذلك الصحة والتعليم والاستثمار العام، مشيرة إلى أن تكاليف الأجور المرتفعة لم تتمكن من تحسين جودة الخدمات العامة. كما أن مردود الاستثمار العام لا يرقى لمستوى التوقعات مثلما يشير العديد من "تقييمات إدارة الاستثمار العام".
ونوهت إلى أن إصلاحات فاتورة الأجور ينبغي إجراؤها بحرص وبمنظور استراتيجي. وربطها بأهداف اجتماعية يمكن تحقيقها، وأن تكون منصفة إلى أقصى درجة ممكنة، وأن تتضمن تحليلات مبكرة للأثر الاجتماعي. وينبغي أيضاً إتمام هذه الإصلاحات في السياق الأوسع لجهود تنويع الاقتصاد، والحد من الفساد، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وجعل بيئة الأعمال أكثر تيسيراً لخلق الوظائف الكريمة والمجزية.
من جهته قال المدير العام لصندوق النقد العربي عبد الرحمن بن عبدالله الحميدي إن السلطات في الدول العربية حرصت على اتخاذ الخطوات والاجراءات اللازمة للتعامل مع هذه التطورات والتحديات، مشيراً للحراك الكبير في إصلاحات المالية العامة الذي تشهده الدول العربية، بدءًا بمنظومة الدعم وترشيد الإنفاق وتطوير استراتيجيات الدين العام، وصولاً للإصلاح الضريبي وتعزيز مشاركة القطاع الخاص وتحسين إدارة الاستثمارات العامة.
وأشار الحميدي في افتتاح المؤتمر إلى أن ذلك ساعد في خفض عجز الموازنات العامة لمجموع الدول العربية كمتوسط من نسبة 10.3% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2016 إلى حوالي 6.3 % عن عام 2017. واستمراراً لهذه الجهود، يتوقع أن تستمر في الانخفاض خلال عام 2018 لتصل إلى نحو 5.1%.
ونوه الحميدي في كلمته التي نشرها موقع صندوق النقد العربي إلى أن الإصلاحات الهيكلية خلال السنوات الماضية أدت لانخفاض القيمة الإجمالية لفاتورة دعم الطاقة لمجموع الدول العربية، وفقاً لدراسة أعدها صندوق النقد العربي، من 117 مليار دولار في عام 2015 إلى حوالي 98 مليار دولار عن عام 2017.
وقال إنه على الرغم من الحاجة الكبيرة لمشروعات البينة التحتية والاستثمارات المطلوبة في هذا الشأن في الدول العربية، فإن عدد مشروعات الشراكات بين القطاعين العام والخاص في الدول العربية لا يزال محدوداً. إذ لا يتجاوز عدد المشروعات القائمة على هذه الشراكات في الدول العربية وفقاً لبيانات البنك الدولي، مشروعين فقط لكل عشرة ملايين نسمة في المنطقة العربية، مقابل حوالي 34 مشروعاً لكل عشرة ملايين نسمة في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي و22 مشروعاً لكل عشرة ملايين نسمة في منطقة أميركا اللاتينية.
وانطلقت في إمارة دبي أعمال مؤتمر المالية العربي الثالث الذي ينظمه صندوق النقد الدولي بالمشاركة مع صندوق النقد العربي، ويأتي هذا العام بعنوان: "إصلاحات المالية العامة في الدول العربية: الآفاق والتحديات في الدول العربية"، حيث يناقش قضايا السياسات المالية وتعزيز تعبئة الإيرادات وتنوعها في الدول العربية.
(العربي الجديد)