الجزائر ترفض تقرير صندوق النقد الدولي حول مخاطر طباعة النقود

21 ابريل 2018
الصندوق حذّر من تداعيات التوسع في طباعة النقود (Getty)
+ الخط -
يبدو أن الجزائر لم تستسغ التقرير الذي أعده خبراء صندوق النقد الدولي بمعية البنك الدولي، والذي توقع حدوث أزمة مالية حادة في البلاد، في حال تواصل طبع الأموال، إذ توالت التصريحات الرسمية الرافضة لمحتوى التقرير.

آخر الردود جاء على لسان وزير التجارة، محمد جلاب، الذي رفض الخوض في التقرير، مكتفيا بالقول، اليوم السبت، إن "الحكومة سترافق تطبيق التمويل غير التقليدي لسد العجز في الميزانية برقابة صارمة لتفادي التضخم"، مضيفا أن "اللجوء إلى هذا التمويل هو خيار اقتصادي بات ضروريا لتفادي خيار الاستدانة الخارجية".

وتابع جلاب ردا على اقتراح صندوق النقد الدولي الذي دعا الجزائر إلى الاستدانة الخارجية لمواجهة نقص عائدات النفط "نحن في وضعية تسمح لنا بتفادي اللجوء إلى الاستدانة الخارجية". 

كان الصندوق قد حذر الجزائر من الإفراط في الاعتماد على التمويل غير التقليدي، خاصة طباعة الأموال. وقال، في تقريره الأخير، إن "الجزائر تتجه مباشرة نحو أزمة مالية"، متوقعا تجاوز نسبة التضخم المستويات المعتادة.

ويتوقع صندوق النقد الدولي، في تقريره حول الاقتصاد الجزائري الصادر الإثنين الماضي، أن "يبلغ النمو الداخلي الخام الجزائري 3.5% في 2018"، متوقعا أرقاما أقل للنمو في السنوات القادمة.

وبخصوص السنوات المقبلة، رسم خبراء الصندوق صورة قاتمة؛ إذ قالوا إنه "من الصعب على الجزائر الوصول إلى 2% من نمو الناتج الداخلي الخام سنتي 2019 و2020، وهي نسبة تعبّر في ذاتها عن نمو ضعيف بالنسبة لبلد يشكل فيه الشباب نسبة كبيرة من السكان".


ويتوقع الصندوق "صعوبات لمقاومة محاولات التراجع عن الإصلاحات، رغم كون البلد يتجه مباشرة نحو الأزمة المالية، بفعل اللجوء إلى تغطية العجز في الميزانية عن طريق التمويل غير التقليدي".

وكان أول رد رسمي للجزائر على التقرير حمله وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، مراد زمالي، الذي قال يوم الخميس المنصرم، إن "خيار التمويل غير التقليدي الذي أثيرت ضجة حوله نجح في الجزائر، عكس ما يحاول صندوق النقد الدولي الترويج له"، معتبرا أن هذا الأخير "يخشى أن تتبنى دول أخرى مثل هذا الخيار، وبالتالي تتخلى عن اللجوء إلى الاستدانة من مؤسساته". وحسب الوزير، فإن الأرقام التي تدلي بها الهيئات الدولية ومنها الصندوق تنقصها الشفافية.

كانت الحكومة الجزائرية قد عدلت، نهاية السنة الماضية، قانون القرض والنقد، حتى تسمح للبنك المركزي بطباعة النقود، لتمويل المشاريع الحكومية وسداد الدين الداخلي للحكومة، خاصة ديون شركات البناء العالقة، في ظل تراجع عائدات النفط ودخول البنوك في أزمة سيولة حادة.

ولاقت الخطوة معارضة شديدة من أحزاب سياسية وخبراء اقتصاد تخوفوا من الآثار السلبية لطبع النقود، مثل ارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية.



وتقاطعت توقعات صندوق النقد الدولي مع اتجاهات الحكومة الجزائرية التي لجأت إلى التمويل غير التقليدي للخزينة العمومية بالاقتراض من الصندوق المركزي، حيث جاءت تقديرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي معاكسة تماما للتصريحات المتفائلة التي أطلقها رئيس الحكومة الجزائري، أحمد أويحيى، في تصريحاته الإعلامية الأخيرة، ففي الوقت الذي تحدّث أويحيى عن "تحسن الوضع المالي للبلاد" بعد الشروع في تنفيذ سياسة طبع النقود، جاء تقرير صندوق النقد حاملا الكثير من التحذيرات.

وكان رئيس الحكومة الجزائرية، أحمد أويحيى، قد كشف، يوم السبت الماضي، أن "الجزائر طبعت قرابة 2200 مليار دينار (نحو 19.5 مليار دولار)، سمحت للبنك المركزي بإقراض الخزينة العمومية التي ستوجه الأموال إلى تمويل المشاريع العمومية ودفع الديون المستحقة على عاتق الدولة".


وأكد رئيس الحكومة الجزائري، الذي يوصف بمهندس عملية "التمويل غير التقليدي"، أن "نسبة التضخم انخفضت من 5.6% نهاية 2017 إلى 5.2% في يناير/كانون الثاني الماضي، ثم إلى 4.9% شهر فبراير/شباط الماضي، وهي أرقام تؤكد تحكم الحكومة في التضخم عكس تحليلات الخبراء" حسب أويحيى.

غير أن صندوق النقد الدولي أكد، في تقريره الأخير، أن نسبة التضخم المتوقعة مع نهاية السنة الجارية مرتفعة قد تصل 7.2%، ويتوقع أن تصل إلى 8.1% في 2019 و9% سنة 2020، كما يتوقع أن "تعجز مداخيل المحروقات عن إعادة التوازن للميزانية، حتى مع ارتفاع أسعار البرميل"، متأسفا لكون السلطات الجزائرية "ترفض اللجوء إلى الدين الخارجي لتغطية العجز في الميزانية".

المساهمون