تحضيرات مكثفة لمشروع إعمار اليمن

16 اغسطس 2016
استمرار الحرب يعطل إعادة الإعمار (فرانس برس)
+ الخط -


بدأت الحكومة اليمنية التحضير لمرحلة إعادة الإعمار، من خلال نقاش مكثف ومباحثات مع دول مجلس التعاون الخليجي ومنظمات دولية، لكن نقص التمويل وفشل الأطراف المتحاربة في التوصل إلى اتفاق سياسي، يجعل الإعمار مجرد "ماكيت" لمشروع غير قابل للتنفيذ.
وقال مصدر حكومي لـ "العربي الجديد" إنه من المقرر أن تعقد الحكومة اليمنية ورشة مع المانحين، نهاية أغسطس/آب الجاري، في مدينة دبي، لبحث التحضيرات النهائية لمؤتمر إعمار اليمن وإقرار الوثيقة الخاصة بإعادة الإعمار.
وأوضح المصدر، أن الورشة المقبلة ستشهد مشاركة ممثلين رئيسيين للقطاع الخاص المحلي والخليجي والمجتمع المدني بكل أطيافه، إلى جانب الشركاء الاستراتيجيين من المجتمع الإقليمي والدولي، حتى تتبلور وثيقة شاملة مقبولة من جميع الأطراف تمثل الإطار المرجعي لإعادة إعمار اليمن.

وخاضت الحكومة اليمنية والقطاع الخاص اليمني، خلال يوليو/تموز الماضي وأغسطس/آب الجاري، مباحثات مكثفة في الرياض ودبي وعمان والقاهرة، مع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي والبنك الدولي في إطار التحضيرات لمرحلة إعادة الإعمار.
وبحثت جلسة خاصة عقدت في العاصمة الأردنية عمّان، نهاية يوليو/تموز الماضي، مشاركة القطاع الخاص اليمني في مشروع إعمار اليمن وإنعاشه اقتصاديا، بمشاركة فريق الإصلاحات الاقتصادية باليمن وممثلين عن البنك الدولي والأمم المتحدة.




وفريق الإصلاحات الاقتصادية، تكتل يضم أبرز رجال الأعمال في اليمن، ويتولى تمثيل القطاع الخاص المحلي أمام المنظمات الدولية.
وأكد الاجتماع على أهمية إعادة بناء المنشآت الاقتصادية الخاصة التي دمرت أثناء الحرب وتعويضها في سياق إعادة الإعمار وإعادة النشاط الاقتصادي للبلد، والتركيز على المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمشاريع كثيفة العمالة، وإشراك البنوك المحلية في عملية التمويلات، وأهمية أن يشكل مجلس إدارة لإعادة الإعمار يكون القطاع الخاص شريكا فيه.

وقال مصطفى نصر، أمين عام فريق الإصلاحات الاقتصادية لـ "العربي الجديد": "تهدف هذه النقاشات إلى الخروج بمحددات واضحة لطبيعة الدور الذي سيقوم به القطاع الخاص في مرحلة إعادة الإعمار.
وقال نصر: "في اعتقادي أنه لا يمكن الحديث عن إعادة الإعمار دون شراكة حقيقية مع القطاع الخاص اليمني، وخلال ورشة لفريق الإصلاحات الاقتصادية وضعت محددات لمشاركة القطاع الخاص في عملية إعادة الإعمار، ومن ذلك العمل على إعادة النشاط الاقتصادي وتوظيف الشباب اليمني والمساهمة في التخفيف من الأزمة الإنسانية وتوفير السلع".

وأضاف: "على الرغم من صعوبة الأوضاع، فإنه يبدو أن ملف إعادة الإعمار مؤجل، خاصة مع استمرار حالة الصراع".
وبات الخيار العسكري هو الحاسم في ضوء إعلان السلطة الشرعية، أغسطس الجاري، عزمها على تحرير صنعاء، بعد فشل مشاورات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في التوصل إلى اتفاق.

واقترح نصر تأسيس كيان مستقل يقوم بمهمة إعادة الإعمار، يعتمد على موارد مالية قادمة بالأساس من الخارج.

وشدد نصر على أنه يفترض أن تبدأ عملية الإعمار في المحافظات المحررة، وأن على الحكومة والسلطات المحلية توفير البيئة الملائمة لانطلاق مرحلة الإعمار بالتنسيق مع دول الجوار.
وتضررت البنية التحتية بشكل كبير في اليمن نتيجة الحرب؛ حيث تم تدمير 70% من القطاع الصحي، وتوقفت شركات السياحة، والتأمين، والمقاولات.
كما تم تدمير ما يزيد عن 170 موقعًا أثريًّا، و142 منشأة سياحية، علاوة على 196 مصنعًا. وقد بلغ حجم خسائر القطاع الخاص فقط ما يقارب 39 مليار دولار.

وقالت الحكومة اليمنية إنها على وشك الانتهاء من إعداد الوثيقة التي ستكون المرجعية لإعادة الإعمار والتنمية في اليمن، من خلال نقاشات مكثفة مع ممثلين عن دول مجلس التعاون الخليجي والدول المانحة الأخرى ومنظمات دولية منها البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأقرت الحكومة اليمنية، مطلع سبتمبر/أيلول 2015، إنشاء وتشكيل اللجنة العليا لإعادة الإعمار والتنمية، موكلة إليها مهمة تأمين التعافي القومي واستعادة الأمن والسلام وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في اليمن.

وتوقع وزير التخطيط اليمني، محمد الميتمي، أن تسهم دول مجلس التعاون الخليجي بـ 70% من حجم المبالغ النقدية المخصصة لإعادة إعمار اليمن المقدرة بنحو 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، تعهدت دول مجلس التعاون الخليجي إعمار اليمن وتأهيل اقتصاده لتسهيل اندماجه في الاقتصاد الخليجي.

ويرى الخبير الاقتصادي اليمني منير سيف أن انخفاض أسعار النفط العالمية ستؤثر على مدى قدرة دول الخليج العربي على تمويل مشروع إعمار اليمن.
وقال سيف لـ "العربي الجديد": "دول مجلس التعاون الخليجي تعاني مشاكل مالية ناتجة عن انخفاض أسعار النفط وحرب اليمن، ورأينا السعودية ترفع أسعار الوقود والخدمات وتأشيرات الحج، وذات الشيء بالنسبة لبقية دول المجلس الخليجي. من المؤكد أن انهيار أسعار النفط سيؤثر على قدرة هذه الدول في الوفاء بتعهداتها".

وقال الأمين العام المساعد للشؤون السياسية بأمانة مجلس التعاون الخليجي عبد العزيز العويشق، إن إعادة الإعمار في اليمن لن تكون مساعدات مالية فقط، بل هي مربوطة بإعادة الأمن والاستقرار وقدرة الحكومة على التمويل الذاتي.
وأكد العويشق، في تصريحات مطلع مارس/آذار الماضي، على أهمية استعادة الدولة اليمنية للحراك الاقتصادي الذاتي، وتقديم الضمانات للمستثمر من النواحي الأمنية والاقتصادية.

وناقشت ورشة عمل عقدت بمقر البنك الدولي في القاهرة، نهاية يوليو/تموز، السياسات الاقتصادية والاجتماعية لاستعادة التعافي الاقتصادي في اليمن والإعداد والتحضير لبرنامج إعادة الإعمار.
وأكدت ورشة العمل على أولوية إعادة الخدمات وعلى رأسها استعادة خدمات الكهرباء والطاقة وإصلاح منظومة الطاقة ومحطات الإنتاج وشبكات النقل التي تضررت من الحرب.

وأدت الحرب الدائرة في اليمن منذ مارس/آذار 2015 إلى دمار واسع في البنية التحتية وتدمير آلاف المباني الحكومية ومنازل المواطنين، بالإضافة إلى وقف الخدمات وتعطيل حركة التجارة والنشاط الاقتصادي.
وكانت دول ومنظمات دولية قد تعهدت بالمشاركة في إعادة إعمار اليمن حال توقف الحرب، حيث أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وتركيا رغبتها المشاركة في الإعمار، فيما كان رجال أعمال سعوديون ومستثمرون قد تعهدوا بضخ خمسة مليارات دولار كاستثمارات تنموية.



المساهمون