وحلت بعثة من صندوق النقد الدولي، يوم الثلاثاء الماضي، بالمغرب، وينتظر أن تمتد المباحثات إلى قضية تحرير سعر الصرف، إلا أن مسؤولين مغاربة أكدوا في تصريحات استباقية لهذه الزيارة أن تطبيق مرحلة ثانية من التحرير يرتبط بتوفر شروط اقتصادية واستعداد الفاعلين الاقتصاديين.
وينتظر أن يجتمع البنك المركزي مع رجال الأعمال والمصارف في التاسع عشر من إبريل/نيسان المقبل، من أجل تقييم الفترة السابقة، التي شهدت بدء التحرير التدريجي للدرهم مطلع 2018، وفق ما كشف عنه محافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، في مؤنمر صحافي، يوم الثلاثاء الماضي.
وقال الجواهري إن تحريك سعر الصرف "ليس أمراً مفروضاً من صندوق النقد"، مشيرا إلى أنه يجب التأكد من أن الفاعلين الاقتصاديين الصغار والمتوسطين، اتخذوا جميع التدابير للاستعداد لمرحلة جديدة من تحرير سعر الصرف.
وشدد على أن إصلاح نظام الصرف، الهدف منه تأمين تنافسية الاقتصاد المغربي والصمود في مواجهة الأزمات الداخلية، مثل ارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية، لافتا إلى أن فاتورة واردات الطاقة تصل إلى 8.2 مليارات دولار في العام.
وكان المغرب قد بدأ في يناير/كانون الثاني من العام الماضي 2018 قرارا بتحرير سعر الصرف ولكن بشكل تدريجي، حيث تقرر أن يتم تحريك السعر بنسبة 2.5 في المائة صعوداً وهبوطاً، وذلك بدلا من 0.3 في المائة في نظام سعر الصرف الثابت الذي كان مطبقاً في السابق.
وترى الحكومة المغربية أن المرحلة الأولى من تحرير سعر الصرف، كانت إيجابية. وكشف البنك المركزي، قبل يومين، عن أن رصيد النقد الأجنبي المتوقع في العام الحالي، سيتراوح بين 23 و24 مليار درهم (2.4 و2.5 مليار دولار)، وهو ما يغطي نحو خمسة أشهر من الواردات.
ورغم التصريحات الحكومية المؤيدة للتريث في اتخاذ خطوة إضافية لتحرير سعر الصرف، إلا أن الاحتياجات التمويلية الخارجية قد تزيد من الضغوط نحو هذا التحرير، وفق خبراء اقتصاد.
وقال عبد اللطيف معزوز، الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد"، إن توسيع نطاق تحرك سعر صرف الدرهم، سيشكل اختباراً حقيقيا لمدى قدرة العملة المحلية على الصمود أمام العملات الأجنبية مثل الدولار واليورو، خاصة بعد ان شهدت ارتفاعا فعليا بعد تطبيق التحرير التدريجي مطلع العام الماضي.
ووفق محافظ البنك المركزي، يوم الثلاثاء الماضي، فإن المغرب سيقترض ملياري يورو من السوق الدولية خلال العامين الحالي والمقبل بواقع مليار يورور في العام، لدعم احتياطي النقد الأجنبي.
وأشار إلى أن المنح الخليجية المتوقعة، ستصل إلى 200 مليون دولار في العام الحالي و180 مليون دولار في العام المقبل، وهي الدفعة الأخيرة من المساعدات التي تعهدت بها الدول الخليجية في العام 2012، والتي تصل إلى خمسة مليارات دولار على مدى خمس سنوات، لكن تأخر وصول المساعدات خاصة في العامين الماضيين من قبل السعودية والإمارات أدى إلى امتداد أجل تقديمها إلى المغرب.
وبجانب طرح المغرب سندات دولية بملياري يورو خلال 2019 و2020، فإن صندوق النقد الدولي أتاح للمملكة في ديسمبر/كانون الماضي، خط ائتمان (قرض تحت الطلب) بقيمة 2.96 مليار دولار، حيث سيسري العمل به على مدى عامين، من أجل مواجهة الصدمات الخارجية.
وقال وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، في تصريحات صحافية مؤخرا إنه لا مخاوف من الديون، مشيرا إلى أنها ما تزال ضمن الحدود المسموح بها، مقارنة بالبلدان المتقدمة، التي تجاوزت مديونيتها 100 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.
لكن رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، التي تضم خبراء حزب الاستقلال المعارض، انتقدت عدم تحكم الحكومة في المديونية التي تصل إلى 65 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، بينما تعهدت بخفضها إلى 60 في المائة.
وحذر الخبير الاقتصادي، مصطفى ملكو، من الإمعان في الاستدانة، معبرا عن تخوفه من توظيف حصيلة الاقتراض لمواجهة النفقات وسد عجز الموازنة، بدلا من التركيز على الاستثمارالمنتج.
وقال ملكو لـ"العربي الجديد" :" يمكن أن تنعكس المديونية سلبا على البلد، في غياب معدل نمو اقتصادي كفيل بالمساعدة على التخفيف من عبء خدمة الدين".