تباينت أسعار النفط أمس، وسط تفاقم المخاوف من تصاعد النزاع التجاري الصيني-الأميركي، الأمر الذي يمكن أن يكبح الاقتصاد العالمي ويقلل الطلب على الخام. وفي المقابل، دفعت العقوبات الأميركية على الصادرات النفطية لكل من إيران وفنزويلا، الأسواق نحو مزيد من التوتر ونقص المعروض.
وواجهت المحادثات الجارية بين أكبر اقتصادين في العالم أزمة هذا الأسبوع، عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن زيادة الرسوم على بضائع صينية واعتزامه فرض رسوم جديدة على سلع أخرى.
وفي إطار هذه التطورات، تزايد القلق من فشل المفاوضات بين الطرفين، والتي ستؤدي إلى تباطؤ النمو العالمي وبالتالي انخفاض الطلب على النفط وتراجع أسعاره.
وحذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أمس، من أن الخلاف التجاري بين الصين والولايات المتحدة يشكل "تهديدا" للاقتصاد العالمي.
وأبدت لاغارد للصحافيين بعد مداخلة لها في منتدى باريس حول مديونية الدول النامية أسفها لـ"الشائعات والتغريدات غير المواتية".
وقالت: "بالنسبة لنا في صندوق النقد، من الضروري حل التوترات التجارية بطريقة مرضية للجميع، لأن التوترات بين الولايات المتحدة والصين هي تهديد واضح للاقتصاد العالمي".
تصعيد أميركي
وكثّفت واشنطن ضغوطها على الصين، خلال الأيام الأخيرة، من أجل انتزاع مكاسب لها خلال المفاوضات. ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب أنّ واشنطن تعتبر أنّ بكين تراجعت عن بعض الالتزامات التي قطعتها خلال المفاوضات الجارية بين الطرفين لإنهاء حربهما التجارية، وبالتالي فإنّ الولايات المتحدة ستزيد الرسوم الجمركية على ما قيمته 200 مليار دولار من الواردات الصينية سنوياً.
وقال كبير المفاوضين الأميركيين روبرت لايتهايزر، بحسب ما نقلت عنه وسائل الإعلام، إنّه رأى "تآكلًا للالتزامات الصينية" في المحادثات التي عقدت الأسبوع الماضي في بكين. بدوره قال وزير الخزانة ستيفن منوشين، وفق ما نقلت عنه شبكة "سي أن بي سي" وصحيفة وول ستريت جورنال إنّ عقبات جديدة برزت بين الطرفين في المفاوضات خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وقال ترامب إنه سيرفع الرسوم على سلع بقيمة 200 مليار دولار من 10 بالمائة إلى 25 بالمائة يوم الجمعة الماضي، متراجعا عن قراره السابق في فبراير/ شباط بإبقاء الرسوم عند 10 بالمائة بعد إحراز تقدم في محادثات التجارة بين البلدين. كما قال إنه سيستهدف سلعا صينية أخرى بقيمة 325 مليار دولار برسوم جمركية 25 بالمائة "بعد وقت قصير" لتغطي بذلك الرسوم على جميع واردات الولايات المتحدة من الصين.
تواصل المفاوضات
ورغم الخلافات المتصاعدة بين الطرفين، إلا أن الصين أكدت أمس الثلاثاء، أن كبير المفاوضين التجاريين ليو هي سيتوجه إلى الولايات المتحدة لجولة جديدة من المحادثات التجارية هذا الأسبوع. وقالت وزارة التجارة في بيان إن ليو سيكون في واشنطن غداً الخميس وبعد غد الجمعة، لإجراء "الجولة الـ11 من المشاورات حول المسائل الاقتصادية والتجارية"، رغم إعلان الرئيس الأميركي زيادة الرسوم الجمركية على سلع صينية اعتبارا من الجمعة المقبل.
وفي هذا السياق، تقلبت أسعار النفط ارتفاعا وانخفاضا انتظارا لما ستسفر عنه المفاوضات بين الجانبين.
وكانت العقود الآجلة لخام برنت انخفضت في التعاملات المبكرة أمس، إلى 71.12 دولارا للبرميل، بمقدار 12 سنتا بما يعادل 0.2 بالمائة عن إغلاقها السابق. وارتفعت عقود الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط خمسة سنتات إلى 62.30 دولارا للبرميل. وقال متعاملون لرويترز، إن الأسعار تأثرت سلبا ببواعث القلق من أن ينال تأزم محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين من النمو الاقتصادي العالمي، فضلا عن استهلاك الوقود.
عقوبات إيران
وعلى صعيد المعروض، ظلت أسواق النفط متوترة مع تشديد الولايات المتحدة العقوبات على صادرات النفط الإيرانية، قائلة، أول من أمس، إنها ستعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط.
وتترقب الأسواق تداعيات القرار الأميركي إلغاء إعفاءات شراء النفط الإيراني من جانب 8 دول، اعتبارا من 2 مايو/ أيار الجاري.
وفي وقت تتشدّد أميركا من أجل تصفير الصادرات الإيرانية من النفط، أعلنت إيران أنها ستواصل صادراتها عبر العديد من الطرق رغم تهديدات واشنطن.
وفي هذا السياق، كشف نائب وزير النفط الإيراني، أمير حسين زماني نيا قوله، إن طهران حشدت جميع مواردها لبيع النفط في "السوق الرمادية"، متجاوزة عقوبات أميركية تراها طهران غير شرعية. وتقول إيران إنها ستواصل تصدير النفط في تحد للعقوبات الأميركية، وهي جزء من حملة تشنها واشنطن لوقف برنامج طهران للصواريخ الباليستية، وكبح نفوذها الإقليمي.
ونقلت وكالات الأنباء الإيرانية عن زماني نيا، قوله: "بالتأكيد لن نبيع 2.5 مليون برميل يوميا كما تنص الاتفاقية النووية"، ولكنه لم يذكر أرقاما للمبيعات الحالية.
وقال مسؤول إيراني مطلع على السياسة النفطية لرويترز في وقت سابق، إن الصادرات قد تهبط إلى 700 ألف برميل يومياً بل وربما إلى 500 ألف برميل من مايو/ أيار فصاعداً، بينما رجح مصدر في أوبك أن تستمر الصادرات الإيرانية عند حوالي 400 إلى 600 ألف برميل يومياً.