تتعرّض سندات الديون الدولارية اللبنانية لضغوط متصاعدة على ضوء التوتّر بين بيروت وتل أبيب بعد الاعتداء الإسرائيلي الأخير على السيادة اللبنانية، حيث قفزت تكلفة التأمين على الديون السيادية إلى مستوى قياسي جديد اليوم الأربعاء.
وأظهرت بيانات "آي.آتش.إس ماركت" أن عقود مبادلة مخاطر الائتمان اللبنانية لخمس سنوات ارتفعت 21 نقطة أساس عن إغلاق أمس الثلاثاء إلى 1229 نقطة أساس، فيما تعرّضت سندات البلد الدولية لضغوط أيضاً، حيث نزل الإصداران المستحقان في 2030 و2035 نحو 0.5 سنت لكل منهما، إلى أدنى مستوياتهما على الإطلاق، بحسب بيانات "رفينيتيف" التي نقلتها "رويترز".
يأتي هذا بعدما هبطت السندات أمس الثلاثاء، إلى مستويات منخفضة جديدة وارتفعت تكلفة التأمين على ديون لبنان السيادية من مخاطر التخلف عن السداد إلى مستوى قياسي، حيث ارتفعت مبادلات مخاطر ائتمان لبنان لخمس سنوات إلى 1205 نقاط أساس، بزيادة 9 نقاط أساس عن إغلاق يوم الإثنين، مع هبوط معظم سندات البلاد.
وجاء ارتفاع تكلفة تأمين الانكشاف على الدين السيادي يوم الثلاثاء مع هبوط السندات الحكومية المقومة بالدولار المستحقة في الفترة بين 2020 و2030 إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، حيث انخفض سعرها ما بين 0.5 و1.3 سنت للدولار، وسط مخاوف من إحجام مكاتب الصرافة عن بيع الدولارات حيث تواجه ضغوطاً للالتزام بسعر الصرف الرسمي المربوط بالدولار.
ويوم الجمعة الماضي، خفضت وكالة "فيتش" Fitch تصنيفها الائتماني للبنان من "بي ناقص" (-B) إلى "سي.سي.سي" (CCC)، بما يعكس تصاعد الضغوط على نموذج التمويل للبنان ومخاطر متزايدة على قدرة الحكومة على خدمة ديونها.
وقالت الوكالة إن الحكومة اللبنانية تعتمد إلى حد كبير على تمويل من المصرف المركزي لسداد الدين من الأسواق المحلية والسندات الدولية، واعتبرت أن لبنان يحتاج إلى تدفقات كبيرة لرؤوس أموال لتمويل عجز كبير في الموازنة والحساب الجاري.
وقد تعهدت الحكومة بإحراز تقدم سريع على صعيد الإصلاحات لمواجهة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي دفعت "فيتش" إلى خفض تصنيف لبنان الائتماني.
وقال رئيس الجمهورية ميشال عون إن الأزمة الحالية تتشكل منذ سنوات طويلة لكن "الجميع" يساهم حالياً في معالجة أسبابها، في وقت أكدت وكالة "ستاندرد أند بورز" تصنيف لبنان الائتماني عند "بي/ بي ناقص" (B-/B) مع إبقاء توقعاتها "سلبية"، حيث تعتبر الوكالة احتياطات العملة الأجنبية كافية لخدمة الدين الحكومي "في المدى القريب".
بدوره، قال وزير المالية علي حسن خليل، لوكالة "رويترز" إن تقريرَي "فيتش" و"ستاندرد أند بورز" يؤكدان الحاجة الماسّة إلى الإصلاح الذي تأخرت فيه الحكومة كثيراً، مضيفاً أن "هذا التصنيف هو تذكير للبنان بأن عمل الحكومة ليس ترفاً بل ضرورة قصوى في المرحلة القادمة".
وأصدرت وزارة المالية بياناً اعتبرت فيه أن التصنيف هو تذكير للبنان بأن عمل الحكومة ليس ترفاً بل ضرورة قصوى في المرحلة القادمة، بما يتضمن من أهمية مناقشة موازنة 2020 وإحالتها إلى مجلس النواب، والإسراع في تنفيذ خطة الكهرباء، ومكافحة التهرّب الضريبي وإطلاق العجلة الاقتصادية بتنفيذ مقررات البيان الوزاري.
كما رأت أن هذين التصنيفين هما تذكير بأهمية تخفيض العجز وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي بدأها لبنان، على أن يزيد وتيرتها في موازنة 2020 وما بعد، وبمثابة تذكير بأن لبنان لديه القدرة على تجاوز الصعاب، ما يعني وجوب عدم التراخي للحظة واحدة.