تونس تزيد احتياطيات الغذاء مع اقتراب شهر رمضان
تخطط حكومة تونس لتأمين احتياطي إضافي من الغذاء لمواجهة الأشهر القادمة، تحسباً لأي طارئ، مع اقتراب شهر رمضان الذي يرتفع فيه الطلب على مواد استهلاكية، على غرار البيض والحليب والخبز بأكثر من 100 بالمائة.
وبدأ ديوان الحبوب (المورد الحصري للحبوب) في تخزين احتياطي استراتيجي من القمح الصلب واللين والشعير لتوفير حاجات المطاحن بعد زيادة استثنائية أقرتها وزارة التجارة في كميات التزويد الموجهة إلى السوق لمجابهة الطلب على الدقيق بسبب أزمة كورونا.
وزير الفلاحة أسامة الخريجي، أفاد في تصريحات إعلامية، أخيراً، بأن عملية تزويد تونس بالحبوب عبر الموانئ التجارية متواصلة بصفة عادية رغم ظروف الحجر الصحي العام، مشيراً إلى أن مخزون القمح يؤمن شهرين، والكميات المتفق عليها تؤمن بين 4 و5 أشهر إضافية.
وفي فبراير/ شباط الماضي، طرح ديوان الحبوب مناقصة عالمية لشراء نحو 125 ألف طن من قمح الطحين اللين، وطُلب القمح للشراء على خمس شحنات، حجم الواحدة 25 ألف طن للشحن، في الفترة الممتدة بين 15 مارس/ آذار و25 مايو/ أيار بناءً على المنشأ المختار. ورغم إنتاجها محصولاً قياسياً من الحبوب الموسم الماضي، لكن لم تبلغ تونس مرحلة الاكتفاء الذاتي من هذه المادة الحيوية.
ولا يُعَدّ توريد القمح بالنسبة إلى تونس خياراً، نظراً للعجز الهيكلي في مادة القمح اللين (الذي يصنع منه الخبز) بحسب المدير العام لديوان الحبوب، توفيق السعيدي، الذي أكد لــ"العربي الجديد" أن الاستهلاك السنوي الوطني من هذه المادة يناهز 12 مليون قنطار، مقابل إنتاج محلي لا يتجاوز مليون قنطار، مشيراً إلى أن الديوان كمؤسسة توريد تؤمن إنجاز الصفقات لجلب القمح من السوق العالمية على مدار السنة.
وأوضح السعيدي أن الاستهلاك الوطني من الحبوب يقدَّر سنوياً بنحو 12 مليون قنطار من القمح الصلب، و12 مليون قنطار من القمح اللين، و0.9 مليون قنطار من الشعير العلفي. وأشار إلى أن السوق المحلية تحتاج شهرياً إلى تلبية حاجات المخابز إلى 700 ألف قنطار من القمح اللين.
وأعلنت وزارة التجارة زيادة بنحو 20 بالمائة من حاجات المطاحن من القمح اللين لصنع الدقيق، غير أن المضاربة واللهفة جعلت من هذه المادة الأكثر طلباً في الأسواق، ما زاد ثمنها بأكثر من 50 بالمائة في مسالك التوزيع غير المنظمة (السوق السوداء).
كذلك كشف وزير التجارة محمد المسيليني، عن أن الوزارة ستورّد 60 طناً من لحوم الأبقار لتعديل السوق خلال شهر رمضان 2020 مقابل الاقتصار على الإنتاج الوطني من لحوم الضأن لتغطية الطلب الداخلي.
وأكد المسؤول الحكومي توافر مخزونات استراتيجية من المنتجات الاستهلاكية الفلاحية، مثل اللحوم البيضاء والزيت النباتي والسكر، تغطي 6 أشهر، ولا سيما أننا في فترة ذروة الإنتاج، كذلك إن إمدادات الحبوب تكفي البلاد إلى آخر شهر أغسطس/ آب 2020.
وفي السنوات الأخيرة عرفت تونس تراجعاً في عدد من منظومات الإنتاج، ومنها قطاع اللحوم الحمراء التي كانت توفر حاجات السوق المحلية بسبب ضعف تدخل الدولة لحماية المنتجين وارتفاع الكلفة المدفوعة بتراجع سعر الدينار وزيادة أسعار المواد الأولية الموردة.
واعتبر عضو منظمة المزارعين، محمد رجايبة، أن الجائحة الصحية العالمية كشفت أهمية الحفاظ على سلاسل الإنتاج وتأمين الاكتفاء الذاتي من الغذاء بمختلف أصنافه، مشيراً إلى أن تونس تملك القدرة على توفير كل حاجاتها، غير أن السياسات الزراعية في البلاد همّشت المزارعين، بحسب قوله.
وأضاف رجايبة في حديثه لـ"العربي الجديد" أنّ "ربّ ضارة نافعة، وعلى الحكومة اليوم أن تضع في سياساتها المستقبلية دعم القطاع الزراعي لتأمين غذاء التونسيين دون حاجة للجوء إلى الأسواق الخارجية تحت أي ظرف".
وأكد عضو منظمة المزارعين أن تونس لديها القدرة على تأمين كل الحاجيات الغذائية محلياً، مشدداً على ضرورة التوقف عن دعم المزارع الأجنبي بتوريد مواد فلاحية يمكن إنتاجها محلياً وتوجيه نفقات توريد الغذاء لفائدة المزارعين المحليين للحفاظ على سلاسل الإنتاج وتطويرها.
وكانت منظمة التجارة العالمية قد أصدرت أخيراً تحذيراً لدول العالم من مخاطر أزمة غذائية مرتقبة بسبب جائحة كورونا وانعزال عديد الدول وغلق حدودها، إلى جانب إجراءات بتقیید تصدير الحبوب ودعوة مستثمريها إلى تخزين ھذه المادة ضمن خطة رفع المخزون الاستراتيجي، ما يضع الدول الموردة لهذه المادة في مهبّ تقلبات السوق العالمية.