الدينار التونسي صامد بالرغم من تعثر التشكيل الحكومي

16 فبراير 2020
العملة التونسية تحافظ على ثباتها (فرانس برس)
+ الخط -
تمكن الدينار التونسي من الثبات، محققاً تحسناً في قيمته مقابل اليورو والدولار بنسبة 10%، على الرغم من تعثر مسار التشكيل الحكومي وزيادة ضغوط صندوق النقد الدولي، الذي علّق مفاوضاته مع تونس، وأرجأ دفع أقساط قروض بقيمة 1,2 مليار دولار تحتاجها البلاد لسداد عجز الموازنة. وشكك مختصون في الشأن المالي بقدرة العملة المحلية على الحفاظ على قيمتها الحالية، بسبب ضبابية المشهد السياسي وتعثر الأحزاب في تشكيل الحكومة منذ أكثر من أربعة أشهر.

وبعد رحلة انزلاق طويلة دامت أكثر من عامين في 2017 و2018 خسر فيها الدينار أكثر من 40% من قيمته، قال البنك المركزي التونسي في وثيقة حول المؤشرات الاقتصادية رفعها إلى البرلمان إن الدينار تمكن بداية من الربع الثاني من 2019 من تصحيح مساره التنازلي.

وأكد البنك المركزي أن العملة المحلية استفادت من زيادة الطلب عليها، ومن تراجع ملحوظ للمضاربة عليها في السوق. وأفاد بأنه لأول مرة منذ سنة 2011، تمكن البنك المركزي التونسي، بفضل الوفرة في السيولة البنكية بالعملة الأجنبية، من تعزيز الاحتياطيات بشراء مبلغ صافٍ من العملة الأجنبية بلغ 550 مليون دولار عام 2019.

ويُعَدّ ارتفاع مستوى الاحتياطيات من العملة الأجنبية، وتوقف المسار التنازلي للدينار، بحسب تقرير البنك المركزي، نتيجةً مباشرة للآليات التقييدية التي تميزت بها السياسة النقدية والمالية العمومية منذ سنة 2018، والتي مكنت من احتواء الاختلالات التي أثرت بقيمة العملة.

لكنّ مختصين في الشأن المالي رأوا أن ثبات الدينار في ظل عدم وضوح الرؤية السياسية في البلاد، أمر ظرفي، متوقعين انزلاقاً جديداً للعملة في المرحلة المقبلة. وقال الخبير المالي نادر الحداد، إن ثبات الدينار مردّه إلى تدخل المركزي التونسي لتثبيت السعر، مشيراً إلى أن المحافظ مروان العباسي، لمّح إلى ذلك في جلسة استماع له أمام البرلمان أخيراً.

وأفاد حداد في تصريح لـ"العربي الجديد" بأن استقرار الدينار مرتبط بقيمة احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة، لافتاً إلى أن نزول الاحتياطي إلى ما دون المستويات المطمئنة سيجرّ الدينار إلى الانخفاض من جديد. ورجّح الخبير المالي أن يحافظ الدينار على استقراره ما دامت الاحتياطات جيدة.

وارتفعت احتياطيات تونس من العملة الأجنبية إلى أعلى مستوياتها خلال الشهر الحالي، حيث بلغت 19.8 مليار دينار (نحو 7 مليارات دولار)، بما يغطي واردات 114 يوماً، وسط نمو في قطاع السياحة وتحويلات التونسيين في الخارج. ولم تبلغ الاحتياطيات هذا المستوى منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2016.

وتوقع الخبير الاقتصادي مراد سعد الله انتكاسة جديدة للدينار، معتبراً أن كل المؤشرات المحيطة بالاقتصاد المحلي تؤكد ذلك، معتبراً تحسن سعر صرف الدينار في الأشهر الماضية "مصطنعاً". وأضاف سعد الله في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الوضع السياسي المتوتر سيشكل الأرضية لعودة الدينار إلى ما كان عليه قبل أشهر، ملمّحاً إلى تدخّل البنك المركزي لكبح تراجع العملة لغايات سياسية بدأت قبل الانتخابات التشريعية وفق تقديره.
المساهمون