بدأ فيروس كورونا الجديد، في ضرب قطاعات حيوية بالعديد من الاقتصادات الأوروبية، على رأسها السياحة والصناعة والتجارة وأسواق المال، وسط مخاوف متصاعدة من نقص في مخزون السلع الذي بدأ بالفعل في إصابة سلاسل تجارية كبرى بالاضطراب، ما دعا مؤسسات عالمية إلى وصف 2020 بـ"عام الخطر".
وحذرت سلسلة متاجر بريمارك البريطانية الشهيرة، من احتمال نفاد مخزونها من عدد من المنتجات بسبب التأخر في الإنتاج في مصانعها بالصين.
وأدت الجهود الرامية إلى احتواء الفيروس إلى إلغاء الشحن البحري من الصين إلى بريطانيا، إضافة إلى إغلاق المصانع في عدد من المناطق، بينما تم تحذير الموانئ البريطانية من أن هذا الشلل في سلسلة التموين قد يؤدي إلى تراجع الصادرات البريطانية إلى أوروبا بنحو 20 في المائة.
وكان محللون قد أشاروا إلى أن شركات المواصلات والسياحة والطيران والسلع الفاخرة، قد تكون من بين الأكثر تضرراً من انتشار كورونا، بسبب تراجع حركة السفر والتصنيع في الصين.
وحذرت شركة جاغوار لاند روفر، لصناعة السيارات الفارهة البريطانية، من احتمال نفاد مستودعاتها في غضون أسبوعين، إذ أغلقت 11 مصنعاً محلياً، بسبب عدم قدرة مزوديها الصينيين على شحن القطع الضرورية.
وانعكس ذلك على نحو 4 آلاف موظف يعملون لدى الشركة في بريطانيا، حيث خفضت الشركة ساعات عملهم الأسبوعية من 39 إلى 34 ساعة.
ووفق رئيس الشركة رالف سبيث فإن "الوضع على ما يرام هذا الأسبوع والأسبوع القادم، لكن في الأسبوع التالي ستكون هناك قطع ناقصة"، مضيفا في تصريحات صحافية :" نقوم الآن بنقل القطع الناقصة عن طريق حقائب السفر من الصين إلى بريطانيا".
وهو ما أكده غونتر بوتشك، مدير شركة تاتا موتورز المالكة لشركة جاغوار لاندروفر "الوضع آمن في شهر فبراير/ شباط، لكن هل نمتلك جميع القطع اللازمة لشهر مارس/آذار؟ للأسف لا".
وقال ريتشارد بالانتين، مدير اتحاد الموانئ البريطانية إن "الأخبار القادمة من الموانئ الصينية تشير إلى احتمال اضطراب في الربع الأول... يمكن أن يكون لذلك تأثير على المبيعات وغيرها من قطاعنا اللوجستي"، وهو ما يعني أن الصناعات البريطانية التي تعتمد على مصانع في الصين سيتراجع إنتاجها في الأسابيع القادمة. ولن ينعكس ذلك على التصدير إلى أوروبا فحسب، وإنما على مخزون عدد من المتاجر الكبرى في الأسواق البريطانية.
وقد ينعكس ذلك في دفع عدد من الشركات إلى البحث عن مزودين بديلين، حيث تبرز دول مثل بنغلاديش وتركيا كبدائل للصين في صناعة الأقمشة والأزياء.
وبدت إيطاليا الأكثر تضرراً، إذ امتدت إجرءات العزل إليها، فقد منعت السلطات النمساوية، دخول قطار قادم منها، للاشتباه بإصابة اثنين من ركابه بفيروس كورونا، وفق ما نقلت رويترز أمس عن صحيفة (أو.إي 24) النمساوية.
والسبت الماضي، أعلنت الحكومة الإيطالية، عن إغلاق 11 بلدة غالبيتها شمال البلاد، حيث قررت منع الدخول إليها أو الخروج منها بدون تصريح، وإلغاء الأنشطة العامة ومباريات الدوري وكرنفال البندقية في تلك المنطقة.
وتراجعت الأسهم الأوروبية، الاثنين، إذ يخشى المستثمرون من أن يلحق التفشي ضرراً أكبر مما كان متوقعاً بالاقتصادات الأوروبية والعالمية. وهوت أسهم ميلانو بنسبة 3.7 في المائة لأدنى مستوياتها في نحو ثلاثة أسابيع إذ سجلت إيطاليا أكبر ارتفاع للحالات المصابة بفيروس كورونا في أوروبا.
وكانت أسهم شركات الطيران من ضمن قائمة أسوأ الأسهم أداء على المؤشر "ستوكس 600" الأوروبي، إذ تراجعت أسهم "إيزي جت" و"ريان إير" و"إير فرانس" و"لوفتهانزا" بنسب تتراوح بين 7 في المائة و11 في المائة.
كما تراجعت أسهم شركات صناعة السلع الفاخرة، وشركات التعدين، وصناعة السيارات، والتكنولوجيا والبنوك ما يزيد عن 3 في المائة، وجميعها شديدة التأثر بالمعنويات إزاء النمو العالمي.
واختتم أسبوع الموضة في ميلانو، الأحد، بعرض مجموعة خريف وشتاء 2020-2021 لدار جورجو أرماني في صالة من دون جمهور.
وأوضح المصمم الإيطالي، وفق فرانس برس، أن هذا القرار يندرج في إطار تدابير الحكومة الإيطالية لتجنب التجمعات في مواجهة الانتشار السريع لفيروس كورونا في شمال البلاد.
كما عصف "كورونا" بقطاع السياحة الفرنسي، إذ قال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير، إن عدد السياح في الدولة الأوروبية تراجع بما يتراوح بين 30 و40 في المائة بسبب الفيروس المتفشي حول العالم، مشيراً إلى أن ذلك ستكون له تداعيات على الاقتصاد.
وأضاف لو مير في حديث لشبكة "سي إن بي سي"، الأحد، أن هناك 2.7 مليون سائح صيني يزورون فرنسا كل عام، لافتا إلى أن ذلك العدد سيختلف في العام الجاري بالتأكيد. وأعلنت فرنسا عن حالة وفاة ونحو 12 إصابة بفيروس كورونا حتى أمس.
وكانت كريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، قد قالت يوم الأحد، إن فيروس كورونا، ستكون له آثار سلبية على الاقتصاد العالمي، حتى إذا تم احتواؤه سريعاً، وإن من الحكمة الاستعداد للمزيد من هذه التداعيات، فيما حذرت مؤسسات مالية كبرى حول العالم من مخاطر حقيقية خلال العام الجاري.