العاصمة الإدارية... مشروع بلا جدوى يلتهم أموال المصريين

16 أكتوبر 2017
جانب من إنشاءات العاصمة الإدارية (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

حالة من الجدل صاحبت تدشين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المرحلة الأولى من منشآت العاصمة الإدارية، ما دفع أوساطا اقتصادية إلى التحذير من تفاقم الأزمات المالية، في ظل الإنفاق الضخم المتوقع في مشروع بلا دراسة جدوى، مثل تفريعة قناة السويس الجديدة.

وكانت تقديرات سابقة أكدت أن تكلفة العاصمة الإدارية تبلغ نحو 90 مليار دولار، منها 45 مليار دولار يرتقب أن تضخ في المرحلة الأولى للمشروع، الذي أعلن عنه لأول مرة في مؤتمر شرم الشيخ (شمال شرق) في شهر مارس/آذار 2015.
ثم أعلنت الحكومة إلغاء المشروع بسبب عدم توفر التمويل اللازم، ثم فوجئ المصريون بحفل افتتاح فندق الماسة منذ 10 أيام، بتكلفة قدّرت بنحو مليار جنيه (56 مليون دولار)، كما قام السيسي، الأربعاء الماضي، بتدشين أعمال البناء في الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية، متفقداً بعض المشروعات الجديدة.

وفي هذا السياق، حذّر خبراء اقتصاد من التهام العاصمة الجديدة مبالغ مالية ضخمة تفاقم الديون والأعباء المعيشية للمصريين، في ظل زيادة الديون والأزمات المالية التي تواجه البلاد.
وقال الخبير الاقتصادي المصري، عبد الحافظ الصاوي، لـ "العربي الجديد": "لا توجد دراسات جدوى، ولا أولويات لمشروع العاصمة الإدارية".
وأضاف: "أولوية الإنفاق في الاقتصاد المصري تحتاج لإعادة نظر؛ فالحكومة تلجأ إلى الاختيارات السهلة"، مفسرًا "الإنفاق الذي يؤدي إلى تغير هيكل الناتج المحلي الإجمالي في قطاعي الصناعة والزراعة، لا يلقى أي اهتمام، في الوقت الذي تعلن فيه الحكومة عن بيع مؤسسات عامة وبنوك وزيادة أسعار استجابة لاتفاق صندوق النقد الدولي".
وعن التكاليف الضخمة التي ظهر بها حفل افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة في فندق الماسة، تساءل الخبير الاقتصادي "لماذا كل هذا البذخ؟، ولماذا لم تلجأ الحكومة إلى القطاع الخاص للاستثمار في العاصمة الإدارية، خاصة في مشروع يهدف إلى الربح مثل فندق الماسة؟".
وتابع الصاوي: "لا يوجد مشروع للتنمية في مصر، ولذلك فإن الإنفاق العام بلا رؤية، ويعتمد على رأي شخص واحد فقط وهو قائد الانقلاب، (قاصدًا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي)".
يشار إلى أن ما يقرب من ثلثي الاستثمار الحكومي في موازنة العام المالي الجاري يذهب إلى قطاع الإسكان والمرافق العامة التي تستحوذ على 40% من إجمالي الاستثمارات المخططة في الطرق والكباري والمياه والصرف والكهرباء.
وتقدر هذه الاستثمارات بحوالي 135.4 مليار جنيه (الدولار = نحو 17.6 جنيها) بنسبة 66% من المصروفات المتوقعة و3.2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المبلغ الذي يعادل ثلاثة أضعاف المبلغ المقرر للاستثمار في التعليم والصحة، والبالغ10.1 % و7.5% على التوالي من إجمالي الاستثمارات.
أما صفحة "الموقف المصري"، وهي صفحة معارضة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يديرها مجموعة من المتخصصين في شتى المجالات يتولون بالنقد الموضوعي القضايا المهمة، فطرحت عدة أسئلة عن فندق الماسة، أولها "بكم؟".
وقالت الصفحة "إنه لا يوجد أي جهة رسمية أعلنت رقما محددا لتكلفة إنشاء فندق الماسة الهائل، إلا أن وسائل إعلام نشرت، في أكتوبر/تشرين الأول 2016، نقلاً عن مصادر حكومية، أن كلفة الفندق بين 700 و900 مليون جنيه، مع العلم أن المبلغ تقديري قبل اكتمال الفندق وقبل قرار تعويم الجنيه، وأنه من المُتوقع أن يكون الرقم قد تجاوز مليار جنيه على الأقل".
السؤال الثاني الذي جاء في الصفحة "من أين تلك الأموال؟"، والثالث "لماذا؟"، وأجابت مستنكرة "لماذا يتم إنشاء فندق بهذا الحجم الرهيب وتلك التكلفة الهائلة في الصحراء؟ وهل من المتوقع أن يزوره أحد في هذا المكان الخالي من الآثار أو الشواطئ؟
فضلًا عن وجود أزمة كبيرة في السياحة، وتراجع عدد السياح إلى 5.4 ملايين سائح خلال العام الماضي، مقابل ما يقرب من 15 مليونا في 2010".
وأضافت الصفحة مستنكرة "هل الأولى أن نهتم بالمنشآت السياحية القائمة بالفعل، كما في الغردقة وشرم الشيخ وأسوان، والتي تعاني بالفعل من عدم وجود سياح، أم نبني منشأة ضخمة جديدة يبدو أنها لن تعوض كلفتها؟
وأنفقت الحكومة مبالغ ضخمة لم تحددها على توصيل البنية التحتية للعاصمة الإدارية، وقررت وزارة الإسكان في وقت سابق بدء ترفيق المرحلة الأولى بالكامل، والتي تبلغ مساحتها 40 ألف فدان، وكان رئيس جهاز مشروع العاصمة الإدارية، محمد عبد المقصود، أكد، في 19 سبتمبر/أيلول الماضي، أن نسبة تنفيذ المرافق في الحى الحكومي وصلت إلى 90%، فيما وصلت نسبة تنفيذ مرافق الحى السكنى إلى 60%.
وفي المقابل، وحسب برنامج الحكومة المصرية تحتاج 86% من القرى إلى توصيل صرف صحي.
وتخوف اقتصاديون من تكرار تجربة تفريعة قناة السويس الجديدة التي كلّفت 20 مليار جنيه، بالإضافة إلى فوائد 64 مليار جنيه شهادات استثمار قناة السويس، بلا دراسة جدوى، ثم شهدت إيرادات القناة تراجعاً كبيراً عقب الافتتاح الرسمي.
وكان صندوق النقد الدولي حذّر الحكومة المصرية، في تقرير سابق، من الإنفاق على مشروعات ضخمة بلا جدوى، في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها البلاد.
المساهمون