تصاعدت حدة الأزمة بين أصحاب المخابز ووزارة التموين المصرية، بسبب منظومة الخبز الجديدة التي بدأ تطبيقها، أمس، حيث اعتصم مئات الخبازين احتجاجاً على المنظومة الجديدة للخبز. ونظم أصحاب المخابز الاعتصام في مقرات الغرف التجارية في عدد من المحافظات، منها "الإسكندرية والإسماعيلية والسويس ودمياط والغربية والبحيرة وكفر الشيخ والشرقية".
وطالب أصحاب المخابز، الذين يُنتجون الخبز الآلي "الشامي الأبيض"، بتعديل العقد الجديد والمساواة في فروق التكلفة مع المخابز في العاصمة القاهرة ومحافظتي الجيزة والقليوبية التي تنتج الخبز نصف الآلي، وأكدوا أن المنظومة الجديدة تكبّدهم خسائر باهظة، وسوف تؤدي إلى إغلاق العديد من المخابز أبوابها وتسريح آلاف العمال.
وتعد المخابز البلدية أول مصادر الحصول على الخبز المدعوم الذي ينقسم إلى بلدي آلي ونصف آلي.
واعتصم أكثر من 200 من أصحاب المخابز، الإثنين، في مقر الغرفة التجارية بدمياط لمدة 6 ساعات، بعد امتناع مديرية التموين في المحافظة عن صرف حصص الدقيق حتى يتم دفع قيمة التأمين لثلاث حصص.
وتم فض الاعتصام بعد تراجع المديرية وصرف حصص الدقيق، لكن الخبازين المعتصمين أصروا على تعديل المنظومة الجديدة. وأكدوا أنها ستؤدي إلى إغلاق المخابز وتشريد آلاف العمال وقدموا مذكرة احتجاجية لرئيس الغرفة التجارية، محمد الزيني، تمهيدا لإرسالها إلى وزير التموين المصري، على المصيلحي.
وقال رئيس شعبة المخابز في غرفة دمياط التجارية، شريف بدوي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن المذكرة تضمنت عدة قرارات، في مقدمتها رفض التكلفة الجديدة، خاصة للمخابز المنتجة للخبز الآلي، والتي كانت تزيد عن مثيلاتها المنتجة للخبز "نصف الآلي" بقيمة 10 جنيهات، حيث إنها تحتاج لخامات وعمالة أكثر ومعدات متطورة.
وأشار بدوي إلى استنزاف المخابز، خلال الفترة الماضية، نتيجة ارتفاع مستلزمات الإنتاج بنسبة تتجاوز 150% لبعضها، مؤكداً ضرورة عدم توقيع العقد الجديد إلا بعد تحقيق عدة شروط، منها استرداد قيمة التأمين المدفوع في بداية المنظومة الجديدة، وإيداع سعر الخبز من جانب وزارة التموين في حساب صاحب المخبز بالبنك.
وتستهدف المنظومة الجديدة وقف إهدار ما يتراوح بين 7 و8 مليارات جنيه (ما بين 388 و444 مليون دولار) من المال العام، حسب تقديرات رسمية.
وكشفت مصادر شاركت في الاجتماع الذي جمع ممثلي أصحاب المخابز مع وزير التموين المصري، لـ "العربي الجديد"، أنه تم توزيع نسخة من العقد الجديد المقرر إبرامه بين المخابز والوزارة، إلا أنه لم يكن ممهورا بخاتم الوزارة أو شعارها، مما أثار استياء الخبازين.
وأشارت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، إلى أن مسؤولي مديريات التموين في المحافظات لم يعترفوا بهذا العقد حتى الآن، رغم أنه يتضمن بنودا مجحفة وعقوبات قاسية ضد أصحاب المخابز.
يقول صاحب مخبز في مدينة كفر الشيخ، فادي الفخراني، لـ "العربي الجديد"، إن "الموافقة على العقد الجديد بكل بنوده ستضع رقبة صاحب المخبز تحت رحمة مفتش التموين الذي يستطيع إغلاق أي مخبز حال ارتكابه أي مخالفة حتى لو كانت بسيطة".
وأشار إلى أن المنظومة الجديدة ستحول مفتش التموين إلى ضابط مرور كل يوم يأتي ومعه دفتر غرامات ويجبر صاحب المخبز على دفع الغرامة، ما يضيق الخناق على أصحاب المخابز.
ورفضت شعبة المخابز في غرفة أسيوط التجارية، برئاسة محمد كمال تمام، خلال اجتماع طارئ، الإثنين الماضي، منظومة الخبز الجديدة، مشيرة إلى أنه توجد عدة بنود في عقد المخابز الجديد غير مدروسة، من أهمها حظر بيع الخبز بالسعر الحر نهائيا، رغم أنه لابد من وجود كمية خبز في نهاية التشغيل لم يتم بيعها على الماكينة، وتساءلوا ماذا نفعل بهذا الخبز؟
ووفقا لمحضر الاجتماع الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، اعتبر أعضاء الشعبة، أن غرامة المواصفات غير واقعية، مشيرين إلى أنه إذا حدث خلل في المواصفات يكون بسبب الدقيق، مع العلم أن الخباز لن يستطيع تغيير المطحن بسبب حرص الدولة على تشغيل مطاحن القطاع العام التي تنتج أسوأ دقيق.
وفي المنوفية، هدّد 3 آلاف صاحب مخبز بلدي بالتوقف عن العمل وعدم استلام حصصهم من الدقيق، احتجاجًا على المنظومة الجديدة، والتي تهدف إلى سداد قيمة الدقيق مقدما، وتوقيع عقوبات مبالغ فيها على المخالفين.
وقال صاحب مخبز في المنوفية، محمد النسر، لـ "العربي الجديد"، إن "سعر شوال الدقيق يزيد عن السعر العالمي في المنظومة الجديدة، حيث يبلغ سعر الطن 4700 جنيه (231 دولاراً)"، مشيرًا إلى أن تكلفة الإنتاج الجديدة لا تكفي استهلاكات الإنتاج".
وتابع النسر: "صاحب المخبز هو الخاسر الوحيد، لأن مصاريف جوال الدقيق التي تشمل النقل والإعداد وغيرها من المراحل تبلغ 343 جنيها (19 دولاراً) بالإضافة إلى ثمن الكهرباء وصيانة المعدات وإيجار المكان والضرائب والتأمينات".