ركود أوروبا يدفع تونس إلى الأسواق الأفريقية

29 مارس 2016
رجال أعمال تونسيون يتجهون للاستثمار في أفريقيا (فرانس برس)
+ الخط -
تبحث تونس عن آفاق جديدة لاقتصادها في القارة السمراء، بعد ثبوت تراجع نسب النمو لدى شريكها الاقتصادي الأول، دول الاتحاد الأوروبي.
وأعلنت وزارة التجارة مؤخرا، عن طلب تونس رسميا الانضمام إلى السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وذلك وفق تصريح للوزير محسن حسن، في لقاء مع عدد من السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية لبلدان أفريقيا جنوب الصحراء.
ويجمع خبراء الاقتصاد على أن السوق الأفريقية قد تمثل ساحة واعدة للاقتصاد التونسي في السنوات القادمة، في حال تمكنت الحكومة ومنظمات الأعمال من فك شفرات الدخول إلى هذه السوق التي تسجل بلدانها نموا يتراوح بين 3 و6%.
كما يجمع المهتمون بالشأن الاقتصادي على ضعف حجم التعاون الاقتصادي بين تونس والبلدان الأفريقية جنوب الصحراء، في وقت تحقق فيه القارة السمراء أرقام نمو عالية، وتشهد تطورا لافتا في كل الميادين، مطالبين بتوفير الآليات الضرورية لضمان وجود أفضل للمؤسسات وللمنتجات التونسية في الأسواق الأفريقية جنوب الصحراء.
وتقر رئيسة منظمة كوناكت الدولية (منظمة أعمال)، منية السعيدي على، بالتقصير الحكومي في توفير الآليات اللوجستية لدخول السوق الأفريقية، مشيرة إلى أن العديد من الدول المنافسة لتونس في المحيط المغاربي حققت نجاحات كبيرة في القارة السمراء.
وأبرزت منية السعيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن عدم توفر الخطوط الجوية المباشرة والدعم المالي وغياب بنوك تونسية في الدول الأفريقية، جعلت عملية دخول هذه الأسواق صعبة، وفق تقديرها.
وشددت السعيدي، على أن الصعوبات اللوجستية لا تعني استحالة المهمة، لافتة إلى أن العديد من المؤسسات التونسية ورجال الأعمال تمكنوا من الحصول على نصيب في هذه السوق البكر، فيما لا تزال قطاعات عدة تنتظر الزحف التونسي، حسب تأكيدها.
وقالت رئيسة منظمة "كوناكت" الدولية، إن دولا على غرار مالي وتشاد وكوت ديفوار، طلبت من تونس التعاون الاقتصادي في مجالات الصحة والتعليم العالي والبناء والأشغال، مشيرة إلى أن هذه القطاعات تمثل فضاءً فسيحا للاستثمار ونقل الخبرات التونسية وحتى اليد العاملة، إلى جانب قطاعات أخرى، على غرار الصناعات الغذائية وغيرها.
وتشير المسؤولة في المنظمة إلى أن تونس لا تزال بعيدة عن النتائج المرجوة من السوق الأفريقية، لافتة إلى أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب تنسيقا كبيرا بين الحكومة ومنظمات الأعمال، من أجل رفع هذا الرهان في أقرب الآجال.

ووفق بيانات رسمية، لا يتجاوز حجم المبادلات التجارية بين تونس والدول الأفريقية 3%، وهي نسبة يصفها خبراء الاقتصاد بـ"الضعيفة"، تضاف إلى ضعف في اكتشاف الثقافة والمخزون الأفريقي وتسهيل التنقل على المستوى السياسي والثقافي وتبادل الطلبة والخبرات العلمية والعمل على التقارب المجتمعي والمؤسساتي.
وتصدر تونس لأفريقيا العديد من المنتجات، مثل المواد الغذائية المصنعة، مواد التنظيف، والأدوية، الأدوات والكتب المدرسية.
وتطمح المؤسسات التونسية إلى زيادة حجم صادراتها إلى القارة السمراء، التي حققت خلال السنوات الأخيرة، معدلات نمو تراوحت بين 5 و6%.
ومن المتوقع أن يصل نمو إجمالي الناتج المحلي في أفريقيا إلى 5.5% خلال العام الحالي 2016، وفقا لما تظهره مطبوعة نبض أفريقيا التي يصدرها البنك الدولي مرتين كل عام لتحليل الاتجاهات الاقتصادية وأحدث البيانات عن القارة.
وأوصى وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي، حكيم بن حمودة، في تصريحات إعلامية، بضرورة تلافي ضعف الحضور الاقتصادي التونسي في القارة الأفريقية.
وسجل حمودة تراجع الحضور التونسي في القارة الأفريقية مقارنة مع منتصف القرن الماضي، مشددا على ضرورة العمل على إصلاح هذا الوضع.
وبين أن هناك بوادر أمل في هذا الصدد يعكسها إصرار عدد من المؤسسات التونسية على الحضور في السوق الأفريقية، فضلا عن تحسن الحضور التونسي في السنوات الأخيرة في مختلف الهيئات الأفريقية المختصة.
ووقّع عدد من رجال الأعمال مؤخرا، على اتفاقيات اقتصادية مع نظرائهم من بلدن أفريقية مختلفة، كما طالب رجال الأعمال بإيجاد السند المالي لأصحاب المؤسسات الساعين إلى دخول السوق الأفريقية جنوب الصحراء، عبر تسهيل العمل مع أحد المصارف المنتمية إلى المجموعة التجارية وفاء المغربية التي سجلت حضورها إلى حد الآن فيما لا يقل عن 15 بلدا من القارة السمراء، اعتمادا علي فروعها المتواجدة في تلك البلدان.
وبالرغم من عراقة منظمات الأعمال التونسية والتميز الجغرافي لتونس التي تمثل بوابة بين أوروبا والقارة الأفريقية، لا تحتل تونس مواقع متقدمة على قائمة البلدان الفاعلة في القارة السمراء
وتعوّل أوساط الأعمال على نتائج اللجنة العليا المشتركة التونسية الأفريقية التي عُقدت بتونس يومي 23 و24 مارس/أذار الجاري، لبحث جملة من الإشكاليات المطروحة وفي مقدمتها قضية السند المالي للمؤسسات التونسية بالأسواق الأفريقية وكذلك تسهيل قدوم الطلبة الكاميرونيين للتسجيل بالجامعات التونسية عمومية كانت أو خاصة.
وتسعى منظمات الأعمال على حث المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس على تحويل وجهتها جنوبا للاستفادة من الفرص السانحة في الأسواق الأفريقية.
وبحسب البنك الدولي، فإن قطاعي الموارد والخدمات هما الأفضل أداء في أفريقيا جنوب الصحراء، فقد ارتفعت نسبة قطاع الموارد من 9% بين عامي 1995 و1999 إلى 12.5% بين عامي 2007 و2011، في حين أن قطاع الخدمات سجل نموا من 40% إلى 47%.



اقرأ أيضا: أزمة صرف المعاشات تهدد 5 ملايين تونسي
المساهمون